الأول: أنه لا يتقيد في أحكامه الثلاثة (الكبرى والوسطى والصغرى) بذكر أحاديث مذهب معين، بل يذكر أحاديث المذاهب كلها، مع بيان حكمها من الصحة أو الحسن، أو الضعف، بغاية الإِنصاف والإعتدال، مع الترجيح لما يدل عليه صحيحُ الحديث.
الثاني: ما قاله أبو الحجاج البلوي: أنشدني الفقيه المحدث أبو محمد عبد الحقّ الأزدي لنفسه:
يا طالبا العلم مسترشدًا ... مستنصحًا إن قبل الناصحا
إن كنت تبغي سننًا قاصدًا ... وتسألني علمًا واضحا
فاركض إلى النص مطي السرى ... فإن فيه المتجر الرابحا
واطرح الرأي وأصحابه ... ولا تكونن له لامحا (١)
ثالثا: اللغة:
وتأتي سعة معرفة عبد الحق باللغة وتضطلعه بها من إدراكه لأهميتها في فهم النصوص الشرعية والبعد بها عن اللحن والتحريف، وأثرهما السيئ في الفهم والإستنباط.
يقول ابن الصلاح: فحق على طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يتخلص به من شين اللحن والتحريف ومعرَّتهما، رُوِّينا عن شعبة قال: "من طلب الحديث ولم يبصر العربية فمثله مَثلُ رجلٍ عليه برنس ليس له رأس" أو كما قال، وعن حماد بن سلمة، قال: "مثل الذي يطلب الحديث ولا يعرف النحو مثل الحمار عليه مِخلاة لا شعير فيها (٢) ".
ويشهد لأبي محمد تفوقه في اللغة وإتقانه لها كتابه: "الواعى في اللغة"
_________
(١) ألف باء: (١/ ٢٣).
(٢) علوم الحديث: (٢١٧ - ٢١٨).
1 / 34