وما يفعله بعض أهل الجفاء والخيلاء والرياء من تكثير المهر للرياء والفخر، وهم لا يقصدون أخذه من الزوج، وهو ينوي أن لا يعطيهم إياه، فهذا منكر قبيح، مخالف للسنة، خارج عن الشريعة.
وإن قصد الزوج أن يؤديه وهو في الغالب لا يطيقه فقد حمل نفسه، وشغل ذمته، وتعرض لنقص حسناته، وارتهانه بالدين، وأهل المرأة قد آذوا صهرهم وضروه.
والمستحب في الصداق مع القدرة واليسار: أن يكون جميع عاجله وآجله لا يزيد على مهر أزواج النبي ﷺ ولا بناته، وكان ما بين أربعمائة إلى خمسمائة بالدراهم الخالصة، نحواً من تسعة عشر ديناراً. فهذه سنة رسول الله ﷺ من فعل ذلك فقد استن بسنة رسول الله ﷺ في الصداق.
قال أبو هريرة رضي عنه: كان صداقنا إذا كان فينا رسول الله ﷺ عشر أواق، وطبق بيديه. وذلك أربعمائة درهم. رواه الإمام أحمد في مسنده، وهذا لفظ أبي داود في سننه (٩٩).
وقال أبو سلمة: قلت لعائشة: كم كان صداق رسول الله ﷺ؟ قالت: كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشاً. قالت: أتدري ما النش؟ قلت: لا. فقالت: نصف أوقية: فذلك خمسمائة درهم. رواه مسلم في صحيحه (١٠٠).
وقد تقدم عن عمر أن صداق بنات رسول الله ﷺ كان نحواً من ذلك.
فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله ﷺ اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة، وهن أفضل نساء العالمين في كل صفة، فهو جاهل أحمق. وكذلك صداق أمهات المؤمنين. وهذا مع القدرة واليسار،
(٩٩) انظر الحديث في: (مسند أحمد بن حنبل ٣٦٧/٢).
(١٠٠) انظر الحديث في: (صحيح مسلم، الحديث ٧٨ من كتاب النكاح. وسنن أبي داود، الباب ٢٨ من كتاب النكاح. وسنن ابن ماجة، الباب ١٧ من كتاب النكاح. وسنن الدارمي، الباب ١٨ من كتاب النكاح. ومسند أحمد ٣٨٧/٢، ٩٤/٦).
76