فصاح بغضب: أنا صاحب البيت لا عباس ... ابنك مجنون ... ولكن يهمك ولا شك أن يجد الغذاء والكساء. •••
كثيرا ما تختفي الشمس في هذا الخريف، وتغشى قلبي كآبة ثقيلة، ويستقبل الطريق الضيق كل يوم جنازة أو أكثر، فيمضي بها إلى سيدي الشعراني. والرجل كلما خلا من الزبائن راح يحدث نفسه؛ إني أحلم بأمل يعدني به عباس، ولكنه لا يجد ما يحلم به. •••
لم لا نسجل اللحظات السعيدة لنصدقها فيما بعد؟ أكان هو الرجل نفسه؟ أكان صادقا حقا؟ أهو الذي قال: إني مدين لعم أحمد برجل بسعادة فوق احتمال البشر.
حركت رأسي بدلال، وقلت: لا تبالغ!
فقال بصوت اضمحلت صفاته إلى الأبد: حليمة ... ما أسعد من لا يضيع خفقان قلبه في العدم!
ورغم أني لا أحبه، فقد أحببت كلماته، ودفئت بحرارته. •••
جاء اليوم الموعود، قلبي يموج بالفرح والخوف، ذهبت إلى الحمام الهندي، أمدتني أم هاني بفستان ومعطف وحذاء، رجعت من الكوافير بهالة جديدة من شعر طال إهماله. رمقني الرجل بسخرية، وقال: ما زال لديك بقية من استعداد للدعارة، فلم لا تستثمرينها في هذه الأيام الداعرة المجيدة؟
صممت على ألا أكدر صفو الليلة بأي ثمن. ذهبنا إلى المسرح، استقبلنا كما ينبغي لنا، رمقني سرحان الهلالي بإعجاب. قلت: ولكني لا أرى المؤلف.
فقال باسما: لم يحضر، ولكني أخبرتك بما فيه الكفاية.
تبدد الأمل الأول، انطفأ الشعاع الباطني المجدد لشبابي. ذهبنا لزيارة عم أحمد؛ كالعادة القديمة قدم لنا الشاي والسندوتش. تمتم ضاحكا: مثل الأيام الماضية.
نامعلوم صفحہ