الأحاديث وحَسَنِها وضَعيفِهَا ومُنكَرِها مما يفتقر إلى معرفته جميع الناس؛ كما صرَّح بذلك في المقدمة، وهو ما يُطلق عليه: الحكم على الحديث وبيان درجته. . وقد وفى رحمه الله تعالى بما وعد به، وحكم على كثير من الأحاديث التي أوردها في بعض فصول الكتاب بأنها ضعيفة أو ضعيفة جدًا، ولكنه سكت عن أحاديث كثيرة أيضًا وهي ضعيفة، وذهل عن أحاديث عديدة وهي واهية! .. ولعلّ هذا التساهل دخل عليه -رحمه الله تعالى- من عدة أمور:
١ - اعتمادُه على تصحيح غيره أو سكوته؛ وهذا ظاهر في النقل من سنن أبي داود، وقد دخل عليه من هذا الباب أحاديث ضعيفة سكت عنها أبو داود، واعتبرها الإمام النووي صالحة لمجرد هذا السكوت (١)!.
٢ - الحكم بجواز العمل بالحديث الضعيف في الفضائل والترغيب والترهيب؛ ما لم يكن الحديث موضوعًا (٢). . علمًا بأن أكثر الأحاديث الضعيفة الواردة في كتاب الأذكار من هذا الطريق؛ إنما تفيد حكم الاستحباب لما تضمنته من أفعال أو أقوال. . وهذا لا يثبت إلا بنص صحيح باتفاق العلماء، ومنهم الإِمام النووي (٣) رحمه الله تعالى. .
٣ - تخريج كثير من الأحاديث من كتاب "عمل اليوم والليلة"؛ لابن السني، ولو اعتمد رحمه الله تعالى التخريج من كتاب النسائي شيخ ابن السني لكان أولى، ولتخلّص من كثير من هذه الأحاديث الضعيفة التي ينفرد
_________
(١) انظر التعليق رقم (١) ص ٥٧ على هذا الموضوع لتعرف وجه الحق والصواب فيه.
(٢) انظر التعليق رقم (٢) ص ٤٧ لتعرف شروط العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال.
(٣) يقول النووي في مقدمة كتابه "خلاصة الأحكام من مهمات السنن وقواعد الإِسلام" وهو مخطوط ومن الكتب التي توفي رحمه الله تعالى قبل أن يتمّها: "فإنه ينبغي لكل واحد أن يتخلّق بأخلاق رسول الله ﷺ، ويقتدي بأقواله وأفعاله وتقريره في الأحكام والآداب وسائر معالم الإِسلام، أن يعتمد في ذلك ما صحّ، ويجتنب ما ضعف، ولا يغترّ بجامِعِي السنن الصحيحة، ولا يقلِّد معتمِدي الأحاديث الضعيفة. . .".
1 / 12