منهج التحقيق:
١ - تمهيد: صحبتُ كتاب "الأذكار" فترة زمنية سعيدة دامت سنة كاملة، تذوقت فيها حَلَاوَةَ القرب من رحمة الله، والشعور برضاه، وعرفت كيف يجد الذاكرون سموَّ الروح، وتحرّرَ الإِرادة، وراحةَ الضمير، ولذَّةَ المناجاة .. ولمستُ صدقَ رسالةِ محمد ﷺ وتناسقها، ووحدة مصدرها، وصفاء عقيدتها؛ في جميع هذه الأذكار والأدعية الصادرة عنه ﷺ في جميع أحيانه وأحواله. ولازمت الكتاب مُوَثِّقًا لنصوصه، ومخرِّجًا لأحاديثه، ومتأملًا في أبوابه وفصوله، وبذلت في ذلك جهودًا أرجو الله ﷾ أن يدّخرها لي عنده، وأن يجعلها بمنّه وإحسانه خالصة لوجهه الكريم.
وقد تكونت لديّ ملاحظتان هامتان حول منهج النووي رحمه الله تعالى في جمعه لمادة الكتاب:
الأولى: لم يقتصر الإمام النووي -رحمه الله تعالى- على سرد الدعوات والأذكار حسب ورودها كنصوص في مصادرها الأولى، وإنما رسم للمسلم منهج حياته وسلوكه، ونظم علاقته بالخلق والخالق، وقيَّد تصرفاته وكلامه وفق أحكام الشرع، بعناوين ومقدمات واستنتاجات، وبأسلوب سهل يدل على دراية وفهم وإخلاص وورع. ومن هنا تميّز كتاب الأذكار، وأقبل عليه الخاصّة والعامّة، وشاع بين الناس، وحظي باهتمام كبير.
والمتأمل فيما وصلنا من كتب المتقدمين في موضوع الذكر والدعاء، يجدها لا تزيد على ذكر النصوص المتلاحقة والروايات المختلفة تحت عناوين عامة، وكثير منها جمع الصحيح من الأحاديث والضعيف والواهي دون تمييز؛ فأصبح من العسير على عامّة المسلمين أن يعملوا بما ورد فيها قبل نقد طرقها وتمحيصها، وتحديد المراد من نصوصها .. فجاءَ تأليفُ كتاب الأذكار، يسدُّ فراغًا ظاهرًا، ويلبّي حاجةً مُلحّة.
الثانية: حرصَ الإمامُ النووي في هذا الكتاب على بيان صحيح
1 / 11