============================================================
كتاب أدب الملوك في بيان حقاثق التصوف واختيارات، فهم من اختار الفقر لثواب الفقر، ومنهم من اختاره لموافقة السنة، ومنهم من اختاره لاختيار الله به وآنبيائه وأصفيائه ، ومنهم من اختاره لراحة قلبه وفراغ سره 3 وخفة حسابه، ولهم في ذلك ايثار واختيار ومراد ، وجميع ذلك أحوال الفقر الظاهر، واختيار الظاهر توصل إلى حقيقة الفقر الخاص، فأما الفقر في ذاته فالتعلق بالله عز وجل بترك ما دونه ، وجميع ما تعلق به الفقير دون الله عز وجل فهو فقير ذلك، وليس 6 كل من ظهر عليه البذاذة والرثة والضميق وقلة الشيء استحق له خالص الفقر ، لأن الفقر سر يبدو من الله عز وجل على الأسرار، فيغير عليه الحقيقة على الظاهر من تفريد الطوية بحقيقة المعنى، فيقطع صاحبه عن جميع الأسباب الشاغلة ويوحشه من غرور
9(16) الدنيا الفانية ، ألا ترى أن النبي في حقيقة سر الفقر منع اللحظة فلم يدغه الحق سبحانه وتعالى أن ينظر نظرة إلى زينة الدنيا، وكان عينه له أعز عين تنظر بالعبرة، فمنعه الله عز وجل عن ذلك ، زجرا لأهل خالص الفقر ومنعا لهم من آن ينظروا 12 إلى ما آبغضه الله تعالى ، وأن تؤثر عليهم زهراتها ، فيخرجوا من خالص الفقر بمقداره ، فأما النبي فكان معصوما محفوظا قال الله عز وجل : ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه}، ثم قال: ورزق ربك خير 15 وأبقى}، ورزق الله عز وجل ما هداه من نعيم حقائق الفقر حتى نسي في جنبه جميع عوارض الدنيا ، ولقد كان للنبي من حقائق ذلك ما رد به مفاتيح خزائن الدنيا، فاختار الفقر والمسكنة والجوع ، فقال ة : آجوع يومين وأشبع يوما ، فهذا اختيار النبي 18 خير خلق الله تعالى باختيار الحق له، فلا ريب أن الفقر اختيار الله عز وجل له ، وانما اختار الفقر لما قد سبق له من الله عز وجل من حقيقة الفقر.
ثم المعنى الثاني من الفقر ما استعاذ منه رسول الله }لة فقال : اللهم إني أعوذ بك 21 من الفقر، وذلك فقر القلب والجوارح إلى ما سوى الله ، وبيان ذلك أن النبي *ل كان لاشك مستجاب الدعوة، وكان يستعيذ من الفقر، وكان عيشه في الفقر، وكانت آوقاته 13) فكان : كان ض 16) للنبي : النبي ص 22) وكانت : وكان ص.
13)-14) القرآن الكريم 131/20.
17) المعجم المفهرس 59/3.
2) 21) المعجم المفهرس /186.
..: .
صفحہ 14