259

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

ایڈیٹر

علي الرضا الحسيني

ناشر

دار النوادر

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1431 ہجری

پبلشر کا مقام

سوريا

اصناف

ووجه إيراد هذه القصة عقب ما قصه عن بني إسرائيل والمشركين: أن كلًاّ من الفريقين ينتمي إلى إبراهيم، ويقر بفضله، وقد ورد فيما حكاه الله عنه ما يقتضي قبولهم لدعوة النبي ﷺ، ودخولهم في دينه القويم.
والابتلاء في أصله: الاختبار والامتحان، وهو بهذا المعنى محال على علام الغيوب، فالمراد منه هنا: التكليف حتى يُحسِن القيام بما كلف به، فيكون ما يناله من الجزاء كأنه جاءه على سبيل الاستحقاق. وقال: ﴿رَبُّهُ﴾؛ ليشعر التالي أو السامع بأنه ابتلاه بما ابتلاه به تربيةً له، وتقوية لعزمه حتى يستطيع النهوض بعظائم الأمور.
والكلمات: جمع كلمة، وهي في الأصل: اللفظ المفرد، وتطلق بمعنى الكلام، كما تطلق على نفس المعاني التي تفهم من الألفاظ؛ نحو: الحكم، والإذن، والأمر والنهي، فالكلمات في الآية يصح أن تفسر بالأوامر التي كلف الله بها إبراهيم ﵇، وأتى بها على أتم وجه. والقرآن أجملَ في ذكر الكلمات، ولم يَرد في تعيينها حديث يجب الوقوف عنده، ولكن تسمية التكليف بها ابتلاء، وذكر إتمام إبراهيم لها على وجه الثناء، ينبئ بأنها من الأعمال التي لا ينهض بها إلا ذو عزم يتلقى أوامر ربه بحسن الطاعة.
﴿قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾:
هذه الجملة مستأنفة لبيان ما مَنَّ الله به على إبراهيم ﵇ من الكرامة، ورفعة المقام، بعد أن ذكر أنه عامله معاملة المختبر له؛ إذ كلفه بأمور شاقة، فقام بها أحسن قيام. و﴿جَاعِلُكَ﴾ من جعل بمعنى: صَيَّرَ. والإمام: القدوة الذي يؤتم به في أقواله وأفعاله. وإمامةُ إبراهيم: النبوة؛

1 / 225