فإن عمى العينين ليس يضير
رأيت العمى أجرا وذخرا وعصمة
وإني إلى تلك الثلاث فقير
ومن طرائف أبي العلاء أنه لما فرغ من تصنيف كتابه اللامع العزيزي في شرح ديوان المتنبي، وقرئ عليه، أخذ الجماعة في وصفه، فقال: كأنما نظر المتنبي إلي بلحظ الغيب حيث يقول:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صمم
وكان أبو حزم مكي بن ريان المقري الضرير الملقب بصائن الدين يتعصب لأبي العلاء، ويطرب إذا قرئ عليه شعره للجامع بينهما من العمى والأدب، فسلك مسلكه في النظم. كذا ذكر ابن خلكان نقلا عن ابن المستوفي.
وتوفي - رحمه الله - يوم الجمعة، ثالث، وقيل ثاني، وقيل ثالث عشر ربيع الأول، سنة 449 بالمعرة، في خلافة القائم العباسي، وله من العمر نحو ست وثمانين سنة، ومرض ثلاثة أيام، ولم يكن عنده غير بني عمه، فقال لهم في اليوم الثالث: اكتبوا عني. فتناولوا الدوي والأقلام، فأملى عليهم غير الصواب، فقال لهم القاضي أبو محمد عبد الله التنوخي: أحسن الله عزاءكم في الشيخ فإنه ميت. فمات من غده، ودفن في ساحة من دور أهله. قال القفطي: أتيت قبره سنة خمسين وست مئة، فإذا هو في ساحة من دور أهله وعليه باب، فدخلت فإذا القبر لا احتفال به، ورأيت عليه خبازى يابسة، والموضع على غاية ما يكون من الشعث والإهمال. وقال الذهبي: وقد رأيت قبره بعد مئة سنة من رؤية القفطي، فرأيت نحوا مما حكى. انتهى. ويقال إنه أوصى أن يكتب عليه:
هذا جناه أبي علي
وما جنيت على أحد
نامعلوم صفحہ