بغي تدخل الجنة في كلب سقته
الحبيب ﷺ أخبرنا أن بغيًا -زانية من زواني بني إسرائيل- دخلت الجنة في كلب، وأن امرأة دخلت النار في هرة والحديثان في الصحيحين من حديث أبي هريرة ﵁ أنه ﷺ قال: (بينما بغي من بغايا بني إسرائيل تمشي، فمرت على بئر ماء فشربت، وبينما هي كذلك مر بها كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فعادت إلى بئر الماء؛ فملأت موقها، -أي: خفها- ماءً، فسقت الكلب فغفر الله لها) كلب عطشان، وهي امرأة زانية، لكنها رحمته فغفر الله لها.
يقول المصطفى الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، صاحب الخلق العظيم: (فغفر الله لها) الله أكبر! ديننا هو دين الرحمة، والرحمة في ديننا ليست بالإنسان فحسب، بل حتى بالحيوان بالكلاب بالقطط بالعصافير؛ قارن هذه بالقسوة، والغلظة، والفظاظة التي نراها الآن في زماننا، وفي عالمنا المادي الوحشي القاسي، قارن بين هذه المعاني الرقراقة؛ تشعر أننا نعيش في زمانٍ آخر، وفي عالم آخر.
أنت ترى الآن عالمًا دمغ بالقسوة، عالم قاسٍ، عالم منّ الله ﷿ عليه بهذه التكنولوجيا، وبهذا العلم، وبهذه المخترعات؛ ليحولها هذا العالم إلى وسائل إبادة للجنس البشري، فما من يوم يمر علينا إلا وترى الدماء تسفك، وترى الأشلاء تمزق في كل مكان على وجه الأرض، عالم مجنونٌ بالفعل؛ يصنع القنبلة، والصاروخ، والطائرة؛ ليدمر المصانع ليحرق المزارع ليهلك الحرث والنسل.
يبيد الجنس البشري، ثم بعد ذلك تراه يدعو أهل الفضل وأهل الخير هنا وهنالك لجمع التبرعات؛ لإعادة التشييد والتعمير، عالم غريب عجيب!! النبي ﷺ يخبرنا أن زانية من زواني بني إسرائيل دخلت الجنة لأنها رحمت كلبًا؛ فغفر الله ﷿ لها بذلك.
أقول: إذا كانت الرحمة بالكلاب تغفر الخطايا للبغايا، فكيف تصنع الرحمة بمن وحد رب البرايا؟ أعيدها مرة ثانية وثالثة: إذا كانت الرحمة بالكلاب تغفر الخطايا للبغايا، فكيف تصنع الرحمة بمن وحد رب البرايا؟ كيف يكون فضل الله عليك أيها الطبيب إن رحمت مريضًا؟ كيف يكون فضل الله عليكِ أيتها الطبيبة والممرضة إن رحمت مريضًا أو مريضة؟ كيف يكون فضل الله عليك إن رحمت فقيرًا، أو أرملةً، أو يتيمًا، أو مسكينًا، أو طفلًا؟ هذه رحمة الله بالبغي التي رحمت كلبًا، فكيف تكون رحمةُ الله جل وعلا لمن رحم مسلمًا، مؤمنًا، موحدًا، فقيرًا، مستضعفًا، يتيمًا؟ انظر إلى فضل الله، حبذا لو أطلنا النفَس مع هذه المعاني الرقراقة؛ لتفيء أمتنا والعالم إلى هذه اللمحات واللمسات الرقيقة المحمدية النبوية.
1 / 4