ما عسى أن تقول له؟ إنها ترغب أن تخاطبه، وأن تبادله الحديث، ولكنها لا تدري كيف، خصوصا وأن آخر ما نطقت به كان نهرا وشتيمة، وقطع عليها تفكيرها أن رأت صويحباتها مقبلات غير بعيدات، فقالت بارتياع كاذب: صاحباتي!
ونظر الرجل فيما أمامه فرأى الفتيات وقد ركزن عليه نظرات متفحصة .. وعادت تقول بلهجة تنم عن التأنيب، وهي تداري سرورها: فضحتني!
فقال بازدراء، وإن سره أن تلازم جانبه، وأن تخاطبه خطاب الرفيق للرفيق: لا عليك منهن .. فلا تباليهن.
واقتربت الفتيات، فبادلتهن نظرات ذات معان، وهي تذكر بعض ما قصصن عليها من مغامرات، ثم مررن بهما متضاحكات متهامسات. وعاد الرجل يقول في خبث ودهاء: هؤلاء صاحباتك؟ .. كلا، لا أنت منهن ولا هن منك، ولكني أعجب كيف يتمتعن بحريتهن، بينما تقبعين أنت في البيت! وكيف يرفلن في الثياب الزاهية بينا تلتحفين أنت في هذه الملاءة السوداء؟! كيف حدث هذا يا مليحة؟ .. أهو الحظ؟ ولكن يا لك من صابرة متجلدة!
وتورد وجهها، وخيل إليها أنها تصغي إلى قلبها يتحدث، وقبست عيناها جذوة من قلبها المستعر حماسا وعاطفة، واستدرك بثقة ويقين: هذا حسن خليق بالنجوم.
واهتبلت هذه الفرصة لتبادله الحديث، فعطفت نحوه رأسها مبتسمة بجرأتها الفطرية، وتساءلت وهي لا تدري ما يعنيه: النجوم؟!
فابتسم إليها ابتسامة حلوة وقال : نعم .. ألا تذهبين إلى السينما؟ .. يدعون الحسناوات من الممثلات بالنجوم.
وكانت تذهب إلى سينما أوليمبيا مع أمها في فترات متباعدة لمشاهدة بعض الأفلام المصرية، فأدركت ما يعنيه، وغمر شعورها سرور راقص لاحت آثاره الوردية في خديها، وساد الصمت خطوات ثم سألها برقة: ترى ما اسمك؟
فقالت بلا تردد: حميدة.
فقال مبتسما: أما الذي سحرت لبه ففرج إبراهيم. في مثل حالتنا يكون الاسم آخر ما يعرف، وهو يعرف عادة بعد أن يكون الشخصان قد أيقنا أنهما واحد، أليس كذلك يا ست الملاح؟
Bilinmeyen sayfa