180

الأحد 18 من سبتمبر

كان زيتون قد قضى الصباح في نعاس متقطع، يغلبه الدوار والتراخي بسبب الحر الشديد، وكان عرقه يبلل الأفرول البرتقالي الذي ينضح به، وسمع إعلانا بأنهم سوف يسمح لهم بالخروج للمشي قليلا بعد الغداء، ولكنه لم يكن متأكدا من أنه قادر على الوقوف ناهيك بالمشي.

كان يشعر بخيبة أمل في نفسه، كان جانب من ذاته قد استسلم، والجانب الذي لا يزال مؤمنا يبدو منفصلا عن النصف المنكسر في ذاته، لا يكاد يصدق انكساره .

وترددت أصداء عجلات عربة الممرضة في البهو، لم يكن لديه ما يجعله يتصور أنها سوف تساعده، لكنه وقف وتأهب لاستعطافها من جديد، لكنه عندما نظر إلى البهو لم يجد الممرضة، بل رأى رجلا لم يره من قبل قط.

كان الرجل يدفع عربة عليها كتب سوداء، وكان قد وقف على مبعدة عدة زنزانات من زنزانة زيتون. كان يتحدث إلى أي سجين يجده، وظل زيتون يراقبه، غير قادر على سماع المحادثة، كان الرجل أسود البشرة، في الستينيات من عمره، وكانت مشاهدته وهو يتفاهم مع السجناء على امتداد صف الزنزانات تقطع بأنه من رجال الدين، وكانت الكتب التي يجرها في العربة نسخا من الكتاب المقدس.

وعندما انتهى من محادثته ومر بزنزانة زيتون، استوقفه زيتون قائلا: «من فضلك! مرحبا بك!»

ورد رجل التبشير قائلا: «مرحبا!» كانت عيناه لوزيتين، وله بسمة عريضة، ثم قال: «هل تود أن تسمع شيئا عن يسوع المسيح؟»

واعتذر زيتون قائلا: «من فضلك يا سيدي، من فضلك، أنا لا ينبغي أن أكون هنا؛ إذ لم أرتكب أي جرائم، ولكن لا يعرف أحد أنني هنا. لم يسمح لي بإجراء مكالمة تليفونية. وتظن زوجتي أنني ميت. هل يمكنك الاتصال بها؟»

وأغلق رجل التبشير عينيه، كان من الواضح أنه كان كثيرا ما يسمع أقوالا كهذه.

قال زيتون: «أرجوك. أعرف صعوبة تصديق رجل في قفص، ولكن أرجوك. هل تسمح لي بأن أعطيك رقم تليفونها وحسب.» لم يكن زيتون يتذكر غير رقم تليفونها الخلوي، وكان يأمل أن تنجح المحاولة. ونظر رجل التبشير في أرجاء البهو ثم أومأ قائلا: «أسرع.»

Bilinmeyen sayfa