قال: «هيا يا كاثي! فلنلمس الصخرة!»
فسارا إليها وصعدا بسرعة إلى قمتها، وجلسا هناك عدة دقائق يستريحان، وهما يشاهدان الأمواج تتكسر على الصخور تحتهما. وعلى الرغم مما كانت تشعر به كاثي من سخف الجهد المبذول وهما في الطريق إليها، فقد أحست كاثي الآن بالسعادة. كانت قد تزوجت رجلا صلب الإرادة، وقد يكون أحيانا عنيدا إلى حد يثير الضحك. وقد يدفعها أحيانا إيمانه بالقدر إلى الحيرة ونفاد الصبر. كانت تعرف أنه إذا عقد العزم على تحقيق شيء ما، ولو كان فكرة مجنونة، مثل لمس صخرة ما تبعد عنه أميالا كثيرة، فلن يستريح حتى يحققه، كان أمرا يذهب العقل، بل غريبا، ولكنها كانت تقول في نفسها إنه يمنح زواجهما نطاقا ملحميا معينا، وكانت تعرف أنه من البلاهة التفكير بهذا الأسلوب، ولكنهما يقومان برحلة معا تبدو لعينها أحيانا ذات جلال، فلقد نشأت وترعرعت في بيت صغير في باتون روج، مع تسعة أشقاء، وأصبح لها الآن، مع زوجها أربعة أطفال ينعمون بحياتهم، وزارت إسبانيا وسوريا، وتستطيع فيما يبدو تحقيق أي الأهداف التي يحلمان بها.
وقال من جديد: «هيا! المسيها!»
كانا يجلسان فوقها، لكنها لم تكن «رسميا» قد لمستها.
فلمستها وابتسم وأمسك بيدها.
وسألها: «أليست لطيفة الملمس؟!»
وبعد ذلك غدت هذه فكاهة بينهما، فكلما بدا لكاثي أن أمرا ما عسير، وكانت على شفا اليأس، كان زيتون يقول: «المسي الصخرة يا كاثي! المسي الصخرة!»
فيضحكان، وعندها تجد القوة اللازمة للاستمرار، وكانت تعتمد في ذلك، إلى حد ما، على منطق غريب إذ تسأل نفسها: أليس اليأس أشد عبثا؟ أليس الاستمرار أقل عبثا من الفشل، من النكوص؟
الإثنين 19 من سبتمبر
استيقظت كاثي وهي تشعر بأنها حققت نوعا جديدا من السكينة، كانت تحس أنها قوية، وأنها على استعداد للشروع في التخطيط، كانت تشعر بأنها ظلت مشلولة على مدى أسبوعين في انتظار خبر عن زوجها، ولكن ذلك كان حمقا، وأحست بالحاجة إلى أن تعود إلى بيتها، إلى المنزل في شارع دارت، وداهمتها ثقة مفاجئة بأنها سوف تجد زوجها هناك. كانت أسرته في سوريا على حق، لم يكن ثمة أخطر من تلك العصابات الجوالة، كان ذلك أعقل ما قيل، فعندما خلت المدينة من سكانها ازداد السلب والنهب وقاحة، على الأرجح، واجتاح أحياء أخرى في الضواحي، لا بد أن اللصوص أتوا إلى المنزل في شارع دارت، ولم يكونوا يتوقعون وجود أحد فيه فقتلوا زوجها.
Bilinmeyen sayfa