وعلى نحو ما فعلت في اليوم السابق، عندما حان وقت الظهيرة في نيو أورلينز اتصلت بالمنزل في شارع كليبورن، ومرة أخرى استمر الرنين بلا نهاية.
واتصلت أسرة زيتون.
كان الصوت يقول: «كاثي، أين عبد الرحمن؟!» كانت المتحدثة لوسي، إحدى بنات إخوته. كان جميع أبناء إخوته وأخواته وبناتهم يتحدثون الإنجليزية بطلاقة، ويتولون مهام الترجمة لسائر الأسرة.
وقالت كاثي: «لا أعرف!»
واتصلت قريبة أخرى.
وقالت بإصرار: «لا بد أن تذهبي للبحث عنه.»
وطيلة الصباح استمر إخوة زيتون وأخواته يتصلون من اللاذقية، ومن المملكة العربية السعودية. كانوا يستفسرون إن كانت كاثي قد تلقت أي اتصال منه، ولماذا لم تذهب إلى مدينة نيو أورلينز للبحث عنه؟ ألم تشاهد التليفزيون؟
وقالت لهم إنها لم تكن تشاهده؛ لأنها لم تعد تستطيع الاحتمال.
وزودوها بالأخبار؛ لقد وقعت أحداث نهب وسلب، واغتصاب، وقتل، والمدينة في حالة فوضى عارمة، وكرروا تأكيد العمدة ناجين بأن المدينة قد تدهورت إلى «حالة حيوانية». وبهذا الأسلوب استطاعت مشاهدة الصورة التي رسمتها أجهزة الإعلام للمدينة، التي تشبه سرداب المفاجآت في مدينة الملاهي عن طريق أقارب زوجها من مسافة تبلغ نصف طول العالم. وقالت في نفسها: يعلم الله أي انحراف عن الواقع تقوم به أجهزة الإعلام لتضخيم الحالة هناك.
كان أقاربها يقولون: لقد أحضر المسئولون خمسة وعشرين ألفا من حقائب الجثث إلى المنطقة، وتساءلوا: كيف يمكنك أن تعيشي في بلد كهذا؟ عليك أن تعودي إلى هنا؛ فسوريا آمن وأسلم.
Bilinmeyen sayfa