68

İslam Günü

يوم الإسلام

Türler

أن يوفي بعهدهم، ولا يكلفهم فوق طاقتهم، وأن يقاتل من ورائهم.»

نعم إن بعض اليهود والنصارى ظلموا على يد بعض الخلفاء والأمراء، وقسا بعض الأتراك عند فتحهم لبعض البلاد الأوروبية، ولكن هذا كان من جهة قليلا، ومن جهة أخرى كان ظلم هؤلاء الولاة والأمراء واقعا على المسلمين والنصارى على السواء، فكم لقي المسلمون من ظلم بعض الولاة والأمراء. وعلى كل حال، فأين ظلم هؤلاء من الظلم الذي أوقعه الإسبانيون بمسلمي الأندلس وفتنتهم عن دينهم، وطردهم لهم عن ملكهم، واغتصابهم تراثهم، وسفكهم دماءهم، حتى لم يبق لهم بعد بضع سنين باقية، وانحطت بعد ذلك مدنية الإسبانيين. وأين تعنت الأوروبيين مع المسلمين في كل العصور المتأخرة، على النحو الذي ذكرناه وسنذكره؟ الحق أن الفرق كبير بين معاملة المسلمين للنصارى، ومعاملة النصارى للمسلمين.

وحتى في عهدنا هذا لا يتمتع المسلمون بين النصارى بما يتمتع به النصارى واليهود بين المسلمين. ولكن على كل حال نرجو أن يثوب الأوروبيون إلى رشدهم، فيحققوا مبدأ الإخاء والمساواة الذي يدعونه.

نعم توالت الضربات على المسلمين في مختلف العصور وعلى أشكال متنوعة، ولكن كلما ضعف المسلمون رزقهم الله - من غير سعي منهم ولا قصد - بمن يجدد نشاطهم وينشط حياتهم، حتى إذا ضعف هذا الجديد حل محله جديد آخر. ولما اقتتل المسلمون أول الأمر كانت الدولة الأموية في أول أمرها قوة لا يستهان بها، فلما كان آخرها جاء العباسيون بقوتهم ثم ضعفوا، فجاء المغول كتيمورلنك وهولاكو وجنكيزخان فخربوا ودمروا، ولكن الإسلام استولى عليهم أكثر مما استولوا، فدخلوا في الإسلام أفواجا وكانوا في أول أمرهم قوة. وما زال خلفاؤهم الأتراك العثمانيون يفتحون ويعمرون حتى ضعفوا أخيرا، وليس يدرى إلا الله ما هي القوة الجديدة التي ستبعث في الإسلام والمسلمين روحا جديدة، ولكن الطوالع تدل على أن المصلحين من المسلمين سيتغلبون آخر الأمر، ويعيدون للمسلمين شبابهم بتجنب ما كان من غلطات في تاريخهم، ويكون شأنهم شأن الطبيب يعرف العلة وأسباب المرض ثم يضع العلاج. فإن سألت: لم تأخر المسلمون وتقدم الأوروبيون؟ فاعلم أن المسلمين تأخروا لكل الأسباب التي ذكرناها. لقد كان المسلمون الأولون مملوئين بالحماسة والروح وهذا سر قوتهم، والإسلام حتى فيما حكي عن غيره من الديانات كانت مزيته أنه ملأها قوة. فأصبحت تعاليم الإسلام بعد ذلك عبارة عن أشكال ظاهرة لا روح فيها؛ خلت الروح من الصيام والصلاة والحج وصارت مجرد أشكال.

وقد استولى الصليبيون على المسلمين وجعلوهم خدما أذلاء، واغتصبوا حقوقهم لما ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدى الناس، وأصبح المسلمون يفضلون آباءهم على الله ورسوله.

ولما نظر الصليبيون للإصلاح الذي قام به محمد بن عبد الوهاب، وما فيه من شدة وجفوة، وتقييد للحرية، وعدم تعامل بالربا اتهموا الإسلام بالتعصب الديني، مع أن هذا ليس نتيجة للإسلام. إنما كان نتيجة للبيئة البدوية التي نشأ فيها محمد بن عبد الوهاب.

والحق أن دين كل أمة نتيجة أيضا للحالة الاجتماعية التي يحياها قومها. فالبروتستانية حين نشأت كانت متعصبة تعصب محمد بن عبد الوهاب، فلما تغيرت حالة الأوروبيين الاجتماعية تغيرت الديانة البروتستانية.

هذا إلى أن جهل العالم الإسلامي وخلوه من العلماء كان سببا أيضا لهذا التدهور. ونعني بالعلماء، علماء العلم الحديث من طبيعة وكيمياء وغيرهما مما يساير العالم الحديث، فلا نزال إما سائرين على النمط القديم في الري بالساقية والشادوف، والزرع بالثور والجاموس، وإما مقلدين للأوروبيين فيما اخترعوا من غير تحسين أو ابتكار. وقد قيل: «إن ابتلاء الأمة بمجنون خير من ابتلائها بنصف عالم» ونصف العالم هو الذي يقلد ولا يخلق.

يضاف إلى ذلك إسراف المسلمين في الملذات والشهوات، ولا سيما الخمر والنساء وخاصة الأمراء. فقد ثبت في ذهن هؤلاء الأمراء أن الشعب ملك لهم، يتصرفون فيه كما يشاءون، وأن لهم أن يسخروهم في كسب ملذاتهم وشهواتهم. وعلماء المسلمين يتملقونهم ويغضون الطرف عن فسادهم.

ولذلك لما كان الملك صالحا كعمر بن عبد العزيز أحاط نفسه بعشرة من العلماء الطيبين، ينصحونه ويبصرونه بروح الإسلام ويسيرونه على الجادة.

Bilinmeyen sayfa