165

ودامت «1» على حالها في الاحتدام والاضطرام، والافتراس بأنياب الحمام، من حين استقلت الشمس إكليلا على الجبل، إلى أن نفضت ورسا على الأصل، فاضطرب القوم ضجة من حز «2» المناصل، وضيقا بوخز العوالي والعوامل، وتداعوا «3» بحملة تكشف عنهم غمة القتال، بفيصل الإدبار أو الإقبال، فطرحوا الميمنة على الميسرة وهم يظنون وراء ذلك ظنونا، ويخطبون من بنات الأماني أبكارا وعونا، وأبى الله إلا أن يعكس عليهم ما ظنوه، ويحيق بهم وبال ما سنوه، حين ركبوا من ولي النعمة ما ركبوه، إخفارا لذمته، وإنكارا لحرمته، وإذالة لحشمته، وإضاعة لحق نعمته. وألهم الأمير سيف الدولة أن يزحف إليهم بسواد موقفه، فلم يكن إلا صدمة واحدة حتى زلت الأقدام عن مقارها، وتهاوت الرقاب عن مزارها، [93 ب] وجعلت تساقط أشخاص الألوية والمطارد، وتبرد النفوس عن ضرب السيوف البوارد، واستمرت الهزيمة بالظلمة عند اعتكار الظلام، فطاروا بين الأقطار كل مطار، وسفت بهم سافية الدمار والإدبار، فلم يلتق منهم بعدها اثنان عند تنازل الأقران، وتناوب الضراب والطعان، ذلك ذكرى للذاكرين، وكذلك يفعل الله بالظالمين.

Sayfa 173