60

وأخذ يدها بين يديه ناظرا إلى عينيها، وتحركت تقبض يدها، فتمسك بها قائلا: ما كان لي أن أذهب حتى أقول كلمة ما زالت تشتعل في صدري.

فأغضت وسحبت يدها في رفق، ومضى سيف قائلا: نحن هنا وحيدان في غمدان يا خيلاء. لم أكن أعرف ذلك إلا بعد أن عرفت أني وحيد هنا، كأنني لم أسأل نفسي عنك إلا في هذه اللحظة. نحن هنا وحيدان معا، والدنيا أمامنا فسيحة تدعونا لنلتمس فيها السعادة.

وبقيت خيلاء مطرقة صامتة.

ومضى سيف فقال: ألا تجدين في قلبك جوابا؟ أليست القلوب تتحدث؟ ألا تحسين ما أريد أن أقول؟ لست أجد لفظا يقوى على نقل ما في نفسي، فابحثي في قلبك عن الجواب على سؤال لم أنطق به بلساني.

فقالت بصوت متهدج: أنت تعرفه يا سيف.

فقال في حماسة: أعرف الأصداء التي تتردد في قلبي، ولكني أتوق إلى سماع صوتك لأنني أتوق إلى أن أستشرف السعادة منذ لحظتي هذه. انطقي بلفظة أتخذها زادا حتى نلتقي مرة أخرى. لم أكن من قبل أعرف حقيقة هذا الذي أحسه، أنت رفيقة طفولتي، وصاحبة صباي، وصديقة شبابي، ولكن هذا كله يتضاءل إلى جانب الحقيقة التي لم أكشف عنها إلا عندما تزعزعت وانكشف لي شقائي. لو قلت إنه الحب لكان أقل مما يصور الحقيقة التي أقصدها. أعرف أنني أحبك حبا ينتظم كل حياتي ، ولكن الحب الذي عندي، الحب الذي استمددته منك يأبى أن يتلبس في الثوب الذي اتخذه الناس على قدودهم، إنه شيء آخر أسمى من الحب الذي عرفه البشر منذ خلقوا له لفظا. أأقول هو ... ماذا أسميه؟ ولكن ماذا يبكيك أيتها الحبيبة؟

وكانت خيلاء قد انفجرت في نشيج واضعة وجهها بين كفيها.

فقالت خيلاء وهي تتحرك منصرفة: دعني يا سيف أمضي الآن.

فقال سيف في لهفة: إلى أين يا خيلاء؟ دعيني أكلمك وأستمع إليك. إنني لم أسمع بعد جوابا.

فقالت: هذه السعادة تطلع علي فجأة، فتذهل الألفاظ عن لساني وتنفجر بدموعي. دعني أذهب الآن إلى حجرتي، دعني أذهب فإني أحس حاجتي إلى الصلاة يا سيف.

Bilinmeyen sayfa