İtalyan Birliği

Taha Haşimi d. 1380 AH
184

İtalyan Birliği

الوحدة الإيطالية

Türler

وأراد نواب حزب اليسار التريث أيضا آملين أن يؤدي تأخير الاستيلاء حتى عصيان الرومانيين إلى انضمام الحكومة إلى جانبهم، بيد أن الرءوس الفائرة التي كان يقودها مينوتي بن غاريبالدي رفضت الانتظار واكتظت منطقة سابينة وإيالة فيتربه في الأسبوع الأول لشهر تشرين الأول بالجند، بينما كان مينوتي غاريبالدي في «باسو كوريزه» أقرب نقطة من روما وأخذ مئات المتطوعين بثياب رثة قد قتلهم الجوع وبللهم المطر يتحملون ما هم فيه بلا تذمر ويقاتلون بشجاعة، يذهبون إلى هنا وهناك من دون غاية مرسومة، يقودهم رؤساء لا خبرة لهم ولا يلقون من القرويين المنقادين لرهبانهم شيئا من العطف.

ولم يحاول حزب اليسار أن يوقف الحركة ولم يجرؤ رتازي على الاعتراض، حتى إن أهدأ المحافظين ارتئوا بأن الضرورة أخذت تقضي بالذهاب إلى روما للمحافظة على الأمن وإنقاذ المتطوعين الطليان من هزيمة يكبدها إياهم جنود البابا المرتزقة، فلم يبق لدى رتازي سوى اختيار أحد الأمرين: فإما أن يخلف وعده، أو أن يقمع القوميين، فاختار الأمر الأول، وكان الملك ذاته بعد أن رغب رغبة صادقة في الوفاء للميثاق؛ قد رأى أن شخصه وأسرته كانتا معرضتين للخطر إن هو لم يأخذ بهذا الرأي، وأدرك بأن كرامة الأمة إذا أهينت أيضا من قبل فرنسة فإن سمعة الملكية ستهوي بحيث يصبح انتشالها من وهدتها متعذرا، وقال رتازي: «هنالك ساعات لا تفكر الأمة فيها بالخطر بل تفكر في حقوقها.»

وقد وافق على حشد المتطوعين بصورة علنية ساعيا في الوقت نفسه بواسطة كريسبي في تثبيط همتهم، وقد قدم لهم الحرس القومي سلاحه، وكثيرا ما ساعدهم الجنود على اجتياز الحدود حينما كانت القطعات البابوية تطاردهم وأرسل رتازي إلى اللجنة القومية يلح عليها بأن تثور مهما كلف الأمر، وقد أرسل إليها المال والسلاح وربما بتحريض منه وقع اثنا عشر ألف روماني على استدعاء بطلب التدخل الإيطالي لصيانة الأمن؛ ولكي يحافظ على طابع الحركة الرومانية المفاجئة عمد إلى تشكيل لجيونا «فرقة رومانية» مؤلفا من اللاجئين الرومانيين.

وكان رتازي لا يزال يأمل أن يتجنب الاختلاف مع فرنسة، ويغلب على الظن أنه كان يوافق على احتلال مشترك إذا قضت الضرورة بذلك، بيد أنه في تلك اللحظة اعتزم أن يقاوم أي احتلال تقوم به فرنسة وحدها مهما كلفه الأمر، ولو أدت الحرب إلى الفشل فإن أقل ما في ذلك أن تعود إلى الملكية هيبتها وحرمتها وإلى توحيد الأمة، فجس نبض بروسية لمعرفة فيما إذا كان يوجد أمل في الحصول على مساعدتها، ويظهر أنه أوفد «بريم» إلى إسبانية للتحريض على ثورة عسكرية يلهي بها أنصار البابوية المتطرفين الإسبانيين، وكان الإمبراطور لا يزال يقف موقف الصديق ولا يرغب في أن يتورط مرة أخرى بإرسال قوة عسكرية إلى روما، وخشي أن يجر ذهاب القوات الإفرنسية إلى روما إلى الحرب مع إيطالية وربما مع بروسية أيضا، وأسهب الأحرار في وزراته في بيان محاذير التدخل، وأما رئيس وزرائه فأصر على أن يجري التدخل من قبل الدولتين إفرنسة وإسبانية معا.

وحينما أرسل رتازي سفيره في باريس إلى بياريج؛ حيث كان الإمبراطور في 4 تشرين الأول ليخبر الإمبراطور بالمحاذير التي قد تنجم عن ثورة جمهورية في روما تضطر الحكومة إلى التدخل، وقد عده الإمبراطور بأنه لن يتخذ أي تدابير من دون أن يستشير إيطالية وأخذ الكاثوليك يطالبون بالتدخل صاخبين، ومع أن البابا كان يعتبر الإمبراطور خائنا فقد كتب مذكرة بسابق وعده بالمساعدة حينما يهدده الخطر، وعلم الإمبراطور بمساعي رتازي للحصول على مساعدة بروسية فغضب وأرسل رسالة ينذر فيها الحكومة بالحركة فيما إذا هي لا تستطيع أن تحافظ على الحدود، فأجابه فيكتور عمانوئيل بشجاعة قائلا بأن إيطالية ستحتل فورا جزءا آخر من أراضي البابا إذا خرقت فرنسة أحكام الميثاق وأرسلت جندها إلى روما، ويظهر أن متانة الملك كانت قد أوهنت عزم الإمبراطور فلم يعقد النية على التدخل إلا بعد أن ضغطت عليه الوزارة ضغطا شديدا، فأرسل رسالة أخرى يقول فيها إذا لم يقمع رتازي حركة المتطوعين بشدة فإن فرنسة ستجبر إيطالية على احترام الميثاق، ولكن رتازي وأكثرية زملائه رفضوا الإذعان للقوة وشجعوا الطليان على احتلال روما مهما كلف الأمر، ثار الرومانيون أم لم يثوروا بيد أن رفض الملك لهذا الرأي أوقف الوزارة وصرح في اجتماع عقده مجلس الوزراء في 19 تشرين الأول بأنه يعارض في التدخل، ومع ذلك أبرق في اليوم نفسه إلى الإمبراطور يقول بأنه إذا أخرج الإفرنسيون قواتهم إلى جيفتا فيكيا فإنه؛ أي الملك، يجتاز الحدود حالا.

ويظهر أن الأمر باجتياز الحدود كان قد صدر ثم سحب بسرعة، فما كان في وسع رتازي إلا أن يقدم استقالته، وظهر غاريبالدي في فلورنسة في 22 تشرين الأول فجأة، وبينما كانت تسع بواخر حربية تحاصر جزيرة كاربيره استطاع أن يفلت منها على قارب صغير، ولما وصل إلى فلورنسة لم يكن في البلاد حكومة مسئولة؛ إذ كان جيالديني الذي كلف بتأليف الوزارة لا يزال يفتش عن زملاء يشتركون معه في الحكم، وكان جيالديني عازما على القتال فيما إذا خرج الإفرنسيون إلى جيفتا فيكيا إلا أنه كان لا يزال يرجو إمكان التفاهم، فسعى بواسطة كريسبي إلى إقناع غاريبالدي بأن يبقى في الخط الثاني ولما رفض غاريبالدي ذلك لم يجرؤ جيالديني على توقيفه، فذهب هذا إلى الحدود يتواطأ مع رتازي واجتاز الحدود في باسو كوريزه في اليوم التالي؛ أي في 23 تشرين الأول.

وكانت الثورة قد نشبت في روما في مساء اليوم الفائت، فهب الرومانيون من سباتهم وأخذ المتآمرون يدبرون الخطط بأناة ويستهدفون للأخطار، فقد كان ألف فتى ونيف يتشوقون إلى القتال، ويتمتعون بعطف كثيرين من الناس وكانت الطبقات الفقيرة في جانب القوميين، وكانت الحامية البابوية ضعيفة، قليلة الشجاعة، وكان فيها متواطئون مع المتآمرين يخبرونهم عن خطط حكومة البابا ولم يكن ينقص المتآمرين سوى السلاح، وقد فشلت عدة محاولات لتهريب السلاح إليهم، وما أمكن الحصول عليه عثرت عليه الشرطة.

وقد حدث أن استولى رجال من العصاة المسلحين بالمسدسات والقنابل اليدوية على أحد الأبواب، وتقدموا نحو الكابتول، إلا أنهم ردوا على أعقابهم قبل حلول الظلام تاركين الباب لأعدائهم، على أن الشعب رفع رأسه وتحرك وحدث قتال عنيف في «ترنس نيفيرة» ولكن تلك المحاولات كانت كلها مجهودات يائسة؛ إذ أحبطت الثورة أخيرا في روما.

وجعلت مجازفة غاريبالدي وثورة روما تدخل الإفرنسيين أمرا لا مناص به، وقد تملك أنصار البابا الذعر رغم انتصارها المهيمن وكانوا يشكون في مقدرتهم على مقاومة غاريبالدي مقاومة فعلية، ويعلمون أن مقاومتهم للجيش الإيطالي إذا تقدم لن تجدي غير سفك الدماء، وأخذ الكاثوليك الإفرنسيون يطالبون بالتدخل منذرين مرعدين ولكن الإمبراطور ظل نهبا للحيرة والتردد حتى قيل إن الأوامر التي أصدرت للأسطول في طولون بدلت ثلاث مرات في أربعة وعشرين ساعة، ثم أذعن أخيرا للضغط في 26 تشرين الأول وانطلق اثنان وعشرون ألف جندي في طولون نحو جيفتا فيكيا.

وقد عدل جيالديني عن تأليف الوزارة فألفها «مينه بريه» في 27 تشرين الأول من رجال اليمين وأقصى اليمين، وكانت عبارة عن وزارة إنقاذ مهمتها إنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذه الأزمة المخيفة التي سادت إيطالية، وضاعف وجود غاريبالدي في المقدمة عزم لجنة العمل على الكفاح وجعل خروج القطعات الإفرنسية إلى جيفتا فيكيا الاصطدام على وشك الوقوع، وكان على الحكومة إذا قهر الإفرنسيون غاريبالدي إما أن تحمي انسحابه باشتباكها في الحرب مع فرنسة وإما أن تتركه يحتمل مخاطر الثورة ونتائجها، وكانت الصعوبات قد ازدادت لتعذر حشد قوة كافية وقد خفض ملاك الجيش بحيث تعذر حشد اثني عشر ألف جندي إلا بمشقة كبيرة.

Bilinmeyen sayfa