229- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن إبراهيم، عن وهب بن محمد، عن محمد ابن الحنيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى لو سار الراكب الواحد في ظلها مائة عام لم يقطعه، بطحاؤها ياقوت أحمر، وترابها مسك أبيض، ووحلها عنبر أشهب، وكثبانها كافور أصفر، وأستارها زبرجد أخضر، وأقناؤها سندس وإستبرق، وزهرها رياض صفر، وورقها برود خضر، وثمرها حلل حمر، وصمغها زنجبيل وعسل، وغصونها زعفران، والسحوج يتأجج منها من غير وقود ويتفجر من أصلها السلسبيل، والمعين، والرحيق، وظلها مجلس من مجالس أهل الجنة بالومة، ومتحدث يجمعهم، فبينما هم في ظل تلك الشجرة يتحدثون إذ جاءتهم الملائكة يقودون خيلا مزمومة من ذهب كأن وجوهها المصابيح نضارة، وحسنا، وبرها خز أحمر ومرعز أبيض، مختلطان الحمرة في البياض، والبياض في الحمرة لم ينظر الناظرون إلى مثله حسنا، ذللا من غير مهابة، نجبا من غير رياضة عليها الرحائل، ألواحها من الياقوت الأخضر مضيئة بالذهب الأحمر ملبسة/ بالعبقري والأرجوان، فأناخوا إليهم تلك الرواحل، فسلموا عليهم وحيوهم، وصافحوهم، وقالوا لهم: أجيبوا ربكم فإنه يقرئكم السلام، ويستزيدكم لتنظروا إليه، وتكلموه، ويكلمكم، ويزيدكم من فضله، فإنه ذو رحمة واسعة، وفضل عظيم، فتحول كل واحد منهم على راحلة من تلك الرواحل، ثم ينطلق صفا واحدا معتدلا لا يفوت منكب منكبا، ولا أذن ناقة دون صاحبتها، لا يمرون بشجرة من أشجار الجنة إلا عزلت عن طريقهم كراهية أن تخرق صفوفهم، أو تفرق بين الرجل ورفيقه فإذا وقفوا على الجبار تبارك وتعالى، سفر لهم عن وجهه الكريم، وتجلى لهم في عظمته العظيمة، وتحيتهم أنت السلام، ومنك السلام، ولك حق الجلال، والإكرام، فيرجع إليهم ربهم: أنا السلام، ومني السلام، وأنا أحق بالجلال، والإكرام فمرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي، ورعوا عهدي، وخافوني بالغيب، وكانوا مني على كل حال مشفقين، فقالوا: أما وعزتك، وعظمتك، وجلالك، وعلو مكانك ما قدرناك حق قدرك، ولا أدينا إليك كل حقك فأذن لنا بالسجود لك، فيقول تبارك وتعالى: إني قد وضعت عنكم مؤونة العبادة هذا حين أرحت لكم أبدانكم، وأفضيتم إلى/ روحي، وكرامتي، وجنتي، فسلوني ما شئتم، وتمنوا علي أعطيكم أمنيتكم، فإني لست أجزيكم اليوم بقدر أعمالكم، ولكني أجزيكم بقدر كرامتي، ورأفتي وطولي، وجلالي، وعلو مكاني، وعظمة سلطاني، فسلوني ما شئتم، فلا يزالون في الأماني حتى أن المقصر منهم في أمنيته ليتمنى مثل جميع الدنيا من يوم خلقها الله إلى يوم أفناها، فيقول القائل منهم: ربنا تنافس أهل الدنيا في دنياهم، ورفضناها وزهدنا فيها، وصغرت في أعيننا اشتغالا بأمرك، وإيثارا لطاعتك، وتصديقا لوعدك، ورغبة في ثوابك، وإجلالا لأجلالك، وإعزازا لوجهك، وإعظاما لعظمتك ربنا، وإنا نرغب إليك في مقامنا هذا أن تؤتي كل امرئ في مقامنا هذا مثل الدنيا من يوم خلقتها إلى يوم أفنيتها، فيقول لهم ربهم الكريم لقد قصرتم في أمنيتكم ورضيتم بدون حقكم، وقد أوجبت لكم ما شئتم، وسألتم، وأوجبت لكم ما قصرت عنه أمنيتكم، فانظروا إلى ما أعددت لكم، فيرفعوا رؤوسهم فإذا هم بقباب في الرفيق الأعلى، وغرف مبنية من الدر، والياقوت، والمرجان، أبوابها من الذهب ومنابرها من النور، وسررها من الياقوت، وفراشها من سندس وإستبرق يقدر من أبوابها/، وعرضها نور ساطع شعاعه كشعاع الشمس عنده، كمثل الكوكب الدري والنهار المضيء، وإذا القصور شامخة من أعلى عليين من الياقوت يزهر نورها، فلولا أنه مسخر لهم لالتمع إبصارهم من شدة صفائها وعين جوهرها ما كان منها أبيض فمن الياقوت الأبيض مفروش بالحرير الأبيض، وما كان منها أحمر فمن الياقوت الأحمر والذهب الأحمر والفضة البيضاء، قواعدها من الجوهر، وأركانها من الذهب وشرفها قباب اللؤلؤ، وبروجها غرف من المرجان، وإذا ببراذين مقرونة من ياقوت أبيض مصنوع فيها الروح يجيبها الولدان المخلدون بيد كل وليد حكمة ببرذون من تلك البراذين، لجمها وأعينها من فضة بيضاء، منظمومة بالدر والياقوت، وسرجها من ياقوت أحمر ملبسة بالسندس الأخضر على كل أربعة منها مركبة من مراكب الجنة والرحالة أسفلها سرير من ذهب، وأعلاها قبة من جوهر، إما لؤلؤة وإما زمردة وإما درة، وباقية القصور منابر من النور عليها الملائكة قعود ينتظرونهم روادا ليهنئوهم، ويحيوهم، فيتحول كل رجل منهم على مركبة، ثم ينطلقون، وتشيعهم الملائكة المقربون يسلكون بهم رياض الجنة، فإذا وصلوا إلى قصورهم نهضت الملائكة من مجالسها، فعارضوهم، واستنزلوهم/، وصافحوهم وشبكوا أيديهم في أيديهم، ثم أجلسوهم بينهم، ثم أقبلوا على الضحك، والمداعبة، وتقول لهم الملائكة: أما وعزة الله وجلاله ما ضحكنا مذ خلقنا إلا معكم، ولا تحركت ألسنتنا، ولا شفاهنا مذ خلقنا إلا بالتسبيح حتى ضحكنا، وتكلمنا معكم فهنيئا هنيئا لكم كرامة ربكم، وهنيئا هنيئا لكم جنان الخلد التي بوأكم، فإذا ودعوهم وانصرفوا عنهم دخل القوم قصورهم، فليس منهم أحد إلا وقد وجد في قصره جميع أمنيته التي تمنى على ربه قد جمعها الله، وإذا في كل قصر باب يفضي إلى واد أفيح من أودية الجنة محفوفة تلك الأودية بجبال من المها الأبيض، وكذلك جبال الجنة، وفي تلك الجبال معادن الجوهر، والياقوت، والذهب، والفضة قاعدة تلك المعادن أفواهها في بطن كل واد منها أربع جنات، جنتان ذواتا أفنان، فيهما عينان تجريان، وفيهما من كل فاكهة زوجان، وجنتان مدهامتان فيهما عينان نضاختان، وفيهما فاكهة ونخل، ورمان، وحور مقصورات في الخيام لم يطمسهن إنس قبلهم، ولا جان، كأنهن الياقوت والمرجان، فإذا تبوؤوا منازلهم، واستقر قرارهم قال الله تبارك وتعالى لهم: هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ قالوا: نعم، وعزة ربنا. قال: فكيف/ وجدتم ثوابه؟ قالوا: رضينا، فارض عنا، قال لهم: برضائي عنكم نظرتم إلى وجهي، وسمعتم كلامي، وأحللتم داري ، وصافحتكم ملائكتي، فهنيئا لكم عطاء غير مجدود ليس فيها نصب، ولا لغوب، فيقولوا عند ذلك: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب، ولا يمسنا فيها لغوب)).
230- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن سليمان بن حميد قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يحدث عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال: إذا فرغ الله من أهل الجنة وأهل النار، أقبل في ظلل من الغمام، والملائكة الكرام، فسلم عليهم في أول درجة فيردوا عليه السلام، قال القرظي: وبيان هذا في القرآن قوله تعال: {سلام قولا من رب رحيم} ثم يقول: سلوني، فيقولون: نسألك أي رب رضوانك، فيقول: رضائي أحللتكم داري، وجنتي، فيقولون: ربنا وما الذي نسألك فوعزتك وجلالك لو قسمت علينا، ورق الثقلين لأطعمناهم، ولأسقيناهم، ولألبسناهم، ولخدمناهم لا ينقص ذلك شيئا، فيقول: إن لدي مزيد، قال: ثم يأتيهم التحف من عند الله تحملها الملائكة إليهم.
Sayfa 71