صاح وهو يهز نفسه: «لن يجدي هذا نفعا. إذا ما غبت عن الوعي فسأسقط في الماء.»
اعتدل دي بلونفيل في جلسته مرة أخرى، وكانت مفاصله متيبسة بفعل الماء الذي يغمره، وراح يشاهد السفن الحربية البعيدة عنه. ورأى باهتمام فاتر قذيفة مدفع وهي تضرب الماء، وتأخذ مسارا جديدا ثم تعود وتغوص في البحر على مسافة كبيرة من ميمنته. وجال في خاطره أن تقلبات قذائف المدفعية في الماء ستكون موضوع دراسة مثيرا للاهتمام.
صاح به صوت واضح من خلفه: «هل أصبت؟»
صاح الشاب في هلع جم وهو يهب على قدميه: «يا إلهي!»
وكما لو كان منقذه في حاجة لأن يعتذر: «أوه، أستميحك عذرا. كنت أعتقد أنك السيد دي بلونفيل.» «أنا دي بلونفيل.»
فقالت السيدة في همس ينم عن الرهبة: «شعرك أشيب.» ثم أضافت: «ولا عجب في ذلك.»
فأجابها الشاب المكروب وهو يضع يده على صدره: «يا آنستي، لا داعي لأن أنكر أنني تملكني الخوف، لا أنكر ذلك. لكنني لا أعتقد أنني نادم، لا أعتقد ذلك فعلا. الأمر غاية في التكلف، إنني في غاية الحزن.» «رجاء لا تتحدث أكثر من ذلك. تعال بسرعة. أيمكنك أن تنزل إلى متن القارب؟ ضع قدميك في منتصف القارب بالضبط. كن حذرا؛ فمن السهل أن يتمايل القارب، واجلس في الحال. لقد فعلت ذلك بإتقان.» «يا آنستي، اسمحي لي على الأقل أن أجدف بالقارب.» «إنه تجديف، وأنت لا تعرف هذا القارب. أما أنا، فأعرفه. رجاء لا تتحدث حتى نخرج عن مرمى إطلاق النار. إنني خائفة حد الرعب.» «أنت في غاية الشجاعة والإقدام.» «هشش.»
أمسكت الآنسة ستانسبي بالمجداف المزدوج الريشة واستخدمتهما ببراعة ربما يحسدها عليها الهنود الحمر. وحدث أن أطلقت صرخة أنثوية صغيرة حين غاصت قذيفة مدفع في الماء خلفهما، لكن ما إن ابتعدا عن العوامة حتى بدا أن من كانوا على متن تلك السفن الحربية قد بدءوا يلحظون وجود قارب في مرمى نيرانهم، فتوقف إطلاق النيران.
ثبتت الآنسة ستانسبي نظرها على الشاب الرصين الجالس أمامها، ووضعت مجدافها بعرض القارب، وانحنت عليه، وراحت تضحك. رأى دي بلونفيل ردة فعلها تلك وقال في تعاطف: «آه، يا آنستي، لا تفعلي ذلك، أرجوك. أعتقد أن الخطر قد زال.»
فصاحت وهي ترمقه بنظرات تنم عن التحدي، وقد نسيت اعترافها بخوفها قبل لحظات: «لست خائفة، لا تظن بي ذلك. كان أبي أدميرالا. إنني أضحك على خطئي . إنه الملح.»
Bilinmeyen sayfa