وجدت أن جونسون كان أمريكيا من مدينة غربية تدعى شيكاغو وكنت قد سمعت بها، ثم «أصبحنا صديقين.» كان جونسون مولعا بالموسيقى وكانت الفرقة في متنزه كوربارك رائعة؛ ولذا كنا نذهب إلى هناك معا مرتين يوميا، وكنا نتجاذب أطراف الحديث في طريق ذهابنا وعودتنا على الممرات المفروشة بالحصى. كان الرجل قد سافر إلى أماكن كثيرة، ويعرف الكثير عنها؛ وكان الحديث معه ممتعا. وفي غضون أسبوع تقريبا كنت قد أحببت جونسون، وأعتقد أنني كنت أروق له.
وذات يوم في طريق عودتنا معا إلى فندق بوست، مد يده إلي.
وقال: «سأغادر غدا. سأذهب إلى مدينة إنسبروك. ولذا فإنني أودعك. وإنني سعيد للغاية أن التقيت بك.»
فأجبته: «يؤسفني سماع ذلك، لكنني لن أودعك الآن، سأذهب معك غدا إلى المحطة.» «لا، لا تفعل ذلك. سأكون قد غادرت قبل أن تستيقظ. سيودع أحدنا الآخر هنا.»
وفعلنا، وحين كنت أتناول الإفطار صباح اليوم التالي، وجدت جونسون قد غادر في قطار الصباح الباكر. ظللت أتجول عبر الحديقة في صدر ذلك النهار وأنا حزين لمغادرة جونسون. بدا المكان موحشا من دونه. وفي فترة الظهيرة رحت أسير في الممرات الجانبية للمتنزه وعزف الفرقة يتهادى إلى مسامعي، وفي أثناء ذلك رأيت صديقي الذي غادر لتوه أمام ناظري فجأة وعلى نحو أدهشني كثيرا.
صحت قائلا: «مرحبا يا جونسون! اعتقدت أنك غادرت صباح اليوم.»
نظر إلي الرجل من دون أن يبدو على وجهه أنه يعرفني.
وقال: «عذرا، اسمي بومجارتن.»
وحين نظرت إليه عن كثب أكثر، رأيت في الحال أنني كنت مخطئا. كنت أفكر في جونسون في تلك اللحظة، وربما كان هذا هو سبب التباس الأمر علي. ومع ذلك، كان وجه الشبه بينه وبين جونسون لافتا للنظر، بيد أن الرجل كان حليقا. كانت له سوالف جانبية وشارب مهذبان بعناية، فيما كان لجونسون لحية كثيفة. وكانت قبعته الدائرية جديدة، وملابسه لا غبار عليها، بل كانت ذات أكمام أيضا. وبالإضافة إلى ذلك كان يمسك في يده بعصا، وكان من الواضح أن لديه الكثير من نقاط الضعف التي كان جونسون متفوقا عليه فيها. اعتذرت عن خطئي وكنت على وشك أن أرحل عنه حين أبدى بومجارتن رغبته في التعرف إلي.
فقال: «لقد وصلت لتوي، ولا أعرف أي شيء عن المكان. هل قدمت إلى هنا منذ فترة طويلة؟»
Bilinmeyen sayfa