============================================================
20 الوحيد في سلوك أهل التوحيد وممن كان بالأقصرين الشيخ جبريل بن مدين بن غزي، صحب الشيخ الإمام العارف عبد الرحيم المقيم بقنا، وضريحه بالجبانة، قلس الله تعالى أرواحهم، كان الشيخ جبريل جليل القدر، منقطع إلى الله تعالى، موثرا للخمول وترك المخالطة للناس، وهو ابن عم الشيخ أبي الحجاج الأقصري، وهما أقصريان، وكان أسبق من الشيخ، وتوفي قبله- قيل بخمسة عشر سنة- وكان بده أمرهما أتهما كانا مشارفين بالأقصرين في خدمة السلطان، فأدركتهما العناية الربانية فصارا إلى ما صارا إليه.
حدثني الشيخ ظهير الدين موسى بن الحسن بن الصباغ القوصي عن الشيخ عبد الغفار بن محمد ابن بنت الشيخ أبي الحجاج الأقصري قال: سمعت الشيخ جبريل يقول: لما صحبت الشيخ عبد الرحيم حقدس الله تعالى روحه عاهديي على ثلاث ألا آتي مكانا يشار إلى فيه، ولا أكون إماما، وأكون في الفقراء كالتيس بين الغنم - هذا كلام الشيخ - رضي الله تعالى عنهماء ولعله إتما أراد يضرب المثل للتيس بين الغنم إلا أن يكون بين الفقراء كذلك؛ فإن التيس لا ينطق بلسان الآدميين، ولا يعقل عن أحوالهم من الخير والشر والزيادة والنقصان، غافلا عما الناس فيه، مشتغلا بما هو عليه، وإلا فالتيس بين الغنم له صورة، فليس المراد ذلك لمفهوم الكلام المتقدم.
وحكى لي أيضا قال: تقاصر النيل في بعض السنين إلى أن خشي فواته في تلك السنة، وحصل في النفوس القحط فأخبري الشيخ عبد الغفار بن محمد الأقصري المذكور قال: بينما أنا ذات ليلة نائما في بيتي، فلم أشعر نصف الليل إلا والباب يطرق فقلت: من هذا؟ فقال: جبريل قال: فنزلت وفتحت الباب فرأيت الشيخ جبريل فقال: امش بنا إلى ساحل البحر إلى تحت جميزة كانت هناك قال: فخلع ثيابه وأعطانيها ونزل في الماء وأبعد إلى أن غطاه الماء، وأبطأ على كثيرا حتى خشيت عليه الموت. قال: ثم طلع والماء يتبعه في أقدامه وهو بين يديه نور، وهو يسرع في المشي والماء يتبعه إلى أن غشي الأرض، فلبس ثيابه وسرت معه إلى بيته فقلت له: يا سيدي، بالله عليك، ما السعيد (177)، الكواكب (495)، والطبقات الصغرى للمناوى (244/4) .
Sayfa 279