============================================================
261 الوحيد في سلوك أهل التوحيد أقام عندنا سنين كثيرة، وكان يصوم رمضان في مسجد البدمود في بعض السنين، ولا يكاد يفارقنا، وكان يموه بالخط، وإذا أعطي شيئا أخذه، وكان يقول لي: إن رزقه كل يوم درهمان ورقا، فإذا زاد شيء من هذا اليوم نقص من غيره في الأيام الآتية.
وكان بده إرادته علي ما آخبري به أنه يحصد في زرع، فحصل له عطش شديد، وكان في شهر رمضان قال: فرأيت البحر- بحر النيل- فلم أجد أحدا إلا جواميس، فنزلت بحر النيل فشربت وطلعت، فلما كان الليل رأيت في النوم كأن القيامة قد قامت، والطلب علي لص فحصل عندي خوف، فجيت إلى صغار المكاتب، فقعدت عندهم فجاء الزبانية فأخذوي، وقالواء أنت اللص فقلت: والله ما سرقت شيئا، فقالواء سرقت الصوم في شهر رمضان، فأوقفوني بين يدى الله تعالى فأنكرت ذلك فقالواء عليك البينة، الماء الذي شربت منه، والجواميس التي كانت حاضرة قال: وجاءت الجواميس والماء، وبقيت في الماء علي الحالة التي كنت عليها وقت شربت، وشهد الماء والجاموس فقلت: يا رب، أتوب فاستيقظت وعديت إلى بر الغرب، وبقيت سائحا في البر أصلي وأذكر الله تعالى، واحتفرت لي في الجبل حفيرا كالثعلب: وكنت إذا غلب على الجوع أو جعت أوكما قال بعد ثلاث آكل من حشيش الأرض، وإذا عطشت نزلت إلى البحر فأشرب بكفي، فبقيت علي ذلك مدة، فجيت يوما لأشرب، وإذا بسمكة وذنبها أحمر ضربت بذنبها وقالت لئ والله لولا أمر ما لأخبرتك بما جرى في البحار، قال: فخفت، وقلت في نفسيء السمكة لا تتكلم، إلا أنني زال عقلي، دعيني أكض في العبادة حتى أموت قبل زوال عقلي ومعنى أكضت : أجد، وإنما هذه صورة عبادته.
قال: فبقيت كذلك وإذا عصا- أو قال عصاي أو جرابي- كلمتني وقالت: إن بساحل البحر مركبا رزقك منها رغيف بين أربعين رغيفا، وعلامته كذا وكذا، فنزلت إلى البحر، فوحدت المركب، فقلت لصاحب المركب: أعطني الرغيف الذي صفته كذا وكذا، فقال: رح يا شيخ كلب، وقام إلى بالعصا وأنا واقف، ثم أخرج مركبه ليسافر، فانكسرت رحل المركب، فكلموه الؤكاب فلم يفعل، وربما قال لهم ما تقدروا تسافروا حتى تعطوي الرغيف، قال: فخرجوا ليسافروا، فانشق القلع من أوله إلى آخره، فأخذ
Sayfa 251