نعود ثانية بالقارئ الكريم إلى الآستانة أم مدائن الشرق الأدني، التي كانت - ولا تزال - أوسع مسارح السياسة وأكثر المسارح غرفا خلف الأستار للمكايد والدسائس.
في تلك الأثناء وافى إلى نامق بك رسول من قبل صديقه الحميم البرنس سناء الدين يدعوه لحاجة به إليه.
وفي نحو نصف ساعة كان نامق بك في مجلس البرنس سناء الدين، وهذا يدخن النارجيلة. فقال نامق: أراك تفرط بالتدخين يا سيدي البرنس، فأشفق على صدرك.
فتنهد البرنس والدمع يكاد يطفر من موقيه، قال: آه يا نامق! إن نميقة تركت فى قلبي حسرة لا تزول. وأحاول أن أخففها بالتدخين. لقد جرنا عليها والذنب ذنبنا، فلا أجد تكفيرا لذنبنا.
ثم تناول البرنس ورقة من جيبه وقدمها لنامق قائلا: أرجو منك أن تقول لي ماذا تفهم من هذا التلغراف يا عزيزي نامق؟
فتناول نامق بك ورقة التلغراف وقرأ:
سمو البرنس سناء الدين أفندي
حاذر أن تزور الدوقة!
ثم نظر نامق وقال: بلا إمضاء؟ - بلا إمضاء. هذا هو التلغراف الذي ورد بعينه كما تراه، فما علمت من هو مرسله ولا فهمت منه شيئا؟ لعل في المدينة أميرا آخر باسم سناء الدين. - كلا يا مولاي. والأرجح جدا أن التلغراف موجه إليك شخصيا ولا خطأ فيه. - إذن من هي هذه الدوقة. هل سمعت بخبر دوقة في ستمبول؟
فنظر نامق بالبرنس مبتسما قليلا وقال همسا: لاح لي خاطر قريب الاحتمال جدا يا مولاي. لعلك سمعت بمدموازال دلزل.
Bilinmeyen sayfa