Milletlerin Kültürel Temelleri: Hiyerarşi, Antlaşma ve Cumhuriyet
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
Türler
بالنسبة إلى الحداثيين الآخرين، أمثال جون بروييه وإريك هوبزبوم، فقد كان لدى العوام في فترة ما قبل الحداثة ولاء محلي وديني صرف. وعلى أحسن تقدير، من الممكن أن نصف بعض مجتمعاتهم بأنها مجتمعات «قومية بدائية». إلا أنه - كما يحاول هوبزبوم أن يوضح - لم يكن يوجد رابط حتمي بين تلك المجتمعات المحلية أو اللغوية أو الدينية وبين الأمم الإقليمية الحديثة. ليس بإمكاننا التفكير في احتمالية وجود صلة في العصور السابقة بأي هوية قومية حديثة، باستثناء تلك الحالات القليلة التي كان بها علاقة مستمرة على نحو ما بدولة أو كنيسة في العصور الوسطى. لكن في العموم، لم يكن من الممكن انتقال كتلة السكان وشعورهم بالولاء لمجتمعات قومية أوسع نطاقا إلا مع نشأة الدولة الحديثة والتحضر والنمو الاقتصادي.
5
في حقيقة الأمر، إذا أردنا البحث عن الأسباب المباشرة لتوقيت نشوء الأمم، فإن بحثنا يجب ألا يتجاوز النخبة المثقفة القومية. إن القوميين هم من يخلقون الأمم، وليس العكس، كما يقول جيلنر، مثلما كان التنوير - وفقا لما ذكره إيلي كيدوري - هو ما شكل الثقافة العلمانية للأمم وأسفر عن النخبة المثقفة المقلدة والمتفاعلة في أنحاء أوروبا أولا ثم حول العالم. وهذا يمثل نقطة التحول في تاريخ القومية. ونظرا لأن التنوير خلق خارج البلاد التي نشأ فيها جيلا من الشباب المنعزل والمحبط - «رجالا مهمشين» - شعروا بأن الرفض الأرستقراطي أو الاستعماري حرمهم فرصهم في وظيفة ومكانة قيمتين متوافقتين مع تعليمهم العلماني؛ ومن ثم أدت حالة السخط الناجمة عن ذلك إلى أن يبحثوا في القومية عن حل سياسي يمتد لآلاف السنين. وكانت النتيجة مناشدات من موجات متعاقبة من المفكرين القوميين ل «جماعاتهم» التي يشاركهم أفرادها نفس الثقافة من أجل تكوين الأمة السياسية التي يكون للمفكرين في ظلها دور قيادي مضمون. لم تتمكن تلك المناشدات من البدء في إثارة العوام إلا بعد الثورة الفرنسية، بداية بالرومانسيين في ألمانيا، وهو ما سيرجع مجددا تاريخ تكون الأمم إلى القرن التاسع عشر.
6
يتضمن تحليل بينيدكت أندرسون لدور «رأسمالية الطباعة» في نشأة الأمم والقومية إشارة لرؤية مشابهة عن تاريخ تكون الأمم وطريقة تكونها. يرى أندرسون أن الاتحاد بين الطباعة والرأسمالية في إنتاج الكتب ربما بدأ في أواخر القرن الخامس عشر. إلا أن دخول أعداد كبيرة من الناس إلى معترك السياسة، وتمكنهم من البدء في «تخيل» الأمة باعتبارها تضامنا له حدود وسيادة ويضم طبقات مختلفة، لم يكن إلا في القرن الثامن عشر، مع الإنتاج الشامل للصحف (مطبوعات اليوم الواحد). وساعدهم في ذلك حدوث ثورة في تصوراتنا عن الزمن؛ إذ تحول من إدراك سابق مسيحاني كوني للزمن قبل ظهور الحداثة، فأصبحنا الآن نرى أن الزمن يتحرك حركة خطية، من خلال «زمن فارغ متجانس» يقاس بالساعة والتقويم.
7 (2) فلسفة الحكمة الخالدة الجديدة
بطبيعة الحال، فإن هذه الحداثة الواثقة لا يشترك فيها العالم أجمع؛ فمثلما عارض الحداثيون عقيدة ما قبل الحرب السابقة التي مالت إلى اعتبار الأمم، إن لم تكن القومية، خالدة ومتكررة في كل حقبة تاريخية وفي كل قارة، فقد شن تيار صاعد من مؤرخي فلسفة الحكمة الخالدة الجديدة، لا سيما في بريطانيا، هجوما مضادا قويا على افتراضات الحداثيين.
وقد طرح الراحل أدريان هستنجز حجتهم العامة بمنتهى الإقناع؛ فقد أوضح أننا يمكن أن نجد الأمم نابعة عن عرقيات شفهية موجودة منتشرة، لكنها متغيرة، نتجت بدورها عن تقديم أعمال أدبية مكتوبة باللغة العامية؛ ذلك أن الأدب يثبت اللهجة العامية، ويحدد الجمهور القارئ أو الأمة القارئة لها. في الحقيقة، يزعم هستنجز أن الأمم والقوميات كانت سائدة في العالم المسيحي. وكان ذلك نتيجة لسمتين من سمات المسيحية؛ تمثلت السمة الأولى في أن المسيحية، على النقيض من الأديان الأخرى، سمحت باستخدام اللغات والترجمات العامية. بينما تمثلت السمة الثانية في أن المسيحية تبنت العهد القديم بسرده لنموذج أمة وحدوي في إسرائيل القديمة؛ نموذج مزج الأرض بالشعب باللغة بالدين.
8
بالنسبة إلى هستنجز، وكذلك بالنسبة إلى باتريك ورمالد، وجون جيلينجهام، وحتى سوزان رينولدز، توجد أدلة كافية، لا سيما في حالة إنجلترا، لتقويض الزعم القائل بأن الأمم وكذلك القومية ناتجتان عن «الحداثة». وعلى الرغم من أنهم قد يختلفون في التاريخ المحدد الذي نشأت فيه الأمة الإنجليزية، فإنهم جميعهم يتفقون على أن تحديد أواخر القرن الثامن عشر أو التاسع عشر كتاريخ لظهور الأمة يعد تاريخا متأخرا جدا؛ ذلك أن إحساسا قويا بالهوية القومية وجد قبل ذلك بفترة طويلة في إنجلترا، وربما أيضا في اسكتلندا وأيرلندا وربما ويلز، وفي الحالة الإنجليزية، كان ذلك الإحساس بالقومية واضح المعالم في إنجلترا في أواخر العهد النورماني والعصور الوسطى بداية من القرنين الثالث عشر والرابع عشر على أقل تقدير وما بعدهما، إن لم يكن واضح المعالم مع أواخر الفترة الأنجلوساكسونية بالفعل. بالنسبة إلى مؤيدي فكرة ظهور الأمة في العصور الوسطى، فإن المصادر واضحة إلى حد بعيد؛ فمصطلح «أمة» كان مستخدما على نطاق واسع في العصور الوسطى، ليس فقط في المجالس الكنسية ولفيف الطلاب في الجامعات، بل أيضا في الوثائق القانونية والكنسية، والمراسيم الملكية وقصص الرحلات، وأيضا في المراسلات العامة. وحقا، كانت كل هذه الأعمال نتاج قلة نخبوية؛ إذ لم يترك السواد الأعظم من الناس، الفلاحون الأميون والمعزولون، أي سجلات مكتوبة. ورغم ذلك، كم عدد السجلات التي تركها الفلاحون في القرن التاسع عشر، ذلك القرن الذي يمثل ذروة التكون السريع للأمم، وفقا لمعظم الحداثيين؟
Bilinmeyen sayfa