Milletlerin Kültürel Temelleri: Hiyerarşi, Antlaşma ve Cumhuriyet
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
Türler
الهدف من هذا الكتاب مزدوج؛ فهو يرمي إلى تتبع الأسس الثقافية للأمم في فترات مختلفة من التاريخ عن طريق تحليل عملياتها الاجتماعية والرمزية ومصادرها الثقافية، بالإضافة إلى تسليط الضوء على بعض المسائل المعقدة المتمثلة في تعريف «الأمة» وتحديد تاريخ ظهورها. وهاتان المسألتان مرتبطتان ارتباطا وثيقا؛ لأن كلتيهما تتعلق بموضوع أكثر جوهرية يتمثل في إمكانية الحديث عن وجود مفهوم واحد للأمة، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف يرتبط ذلك المفهوم بالأشكال المتعددة للأمة في فترات مختلفة من التاريخ.
سأوضح أن أنماط المجتمع القومي تعتمد على تقاليد ثقافية معينة نابعة من العصور القديمة التي كونت الأخلاقيات وحس الهوية القومية لدى أفرادها. بيد أننا قبل أن نتمكن من استعراض تلك التقاليد نحتاج إلى التركيز على مسألتي تعريف الأمة والتحقيب الزمني لتاريخها. وهاتان المسألتان، بدوريهما، جزء لا يتجزأ من مناهج نظرية مختلفة؛ لذلك، في هذه المقدمة، سوف أوضح أولا في اقتضاب المناهج الأساسية في هذا المجال وحلولها لإشكالية «تأريخ ظهور الأمة». وسيمثل هذا مدخلا لموضوعين أساسيين، هما: تعريف فئة «الأمة»، والتكوين الاجتماعي للأشكال التاريخية للأمم. وهذا بدوره سوف يسمح لنا بالبدء في إجراء دراسة علم اجتماع تاريخي على تكوين المجتمعات القومية واستمرارها، في فترات مختلفة من التاريخ.
تعد مقالة ووكر كونور القصيرة التي نشرت عام 1990 تحت عنوان «متى تنشأ الأمة؟» نقطة انطلاق جيدة؛ إذ قال في هذه المقالة إن الباحثين طالما ركزوا على سؤال «ما الأمة؟» لكنهم أهملوا سؤالا عل القدر نفسه من الأهمية والإثارة، ألا وهو «متى تنشأ الأمة؟» حتى لو كان السؤال الأول له الأسبقية منطقيا، فإنه في حد ذاته، باعتباره تعريفا لمفهوم الأمة، لا يمكنه حسم إشكالية تحديد الوقت الذي تكونت فيه أمم بعينها. بالإضافة إلى ذلك، تطلب هذا الأمر بيانات تاريخية وأيضا نموذجا أو نظرية لتكون الأمة. وقدم كونور كلا من تعريف الأمة والنموذج الذي يوضح، على أقل تقدير، كيفية تكون الأمم الحديثة.
1
يرى ووكر كونور أن الأمم جماعات عرقية تتمتع بوعي ذاتي حقيقي. وتشكل الأمة أكبر جماعة مؤسسة على اعتقاد أفرادها أن بينهم صلات قرابة تعود إلى سلف مشترك. إن احتمالية عدم وجود صلة قرابة تعود إلى سلف مشترك فيما بينهم، أو احتمالية نشوئهم أيضا من سلالات عرقية مختلفة، كما هي الحال في أغلب الأحيان؛ من الاحتماليات غير المطروحة من الأساس. إنه ليس تاريخا وقائعيا، بل تاريخ محسوس يشمل عملية تكوين الأمم؛ ولهذا السبب يشبه القوميون المعاصرون الأمة بأسرة كبيرة، ولهذا السبب فإن توسلهم ب «صلة الدم» يثير دائما تعاطف أعضاء الأمة. كيف تتكون الأمة من أساسها العرقي؟ يرى كونور أن هذه العملية قد تكون مطولة للغاية؛ لأن الأمم تنشأ على مراحل. إلا أن التحديث (التحول إلى الحداثة) يعمل محفزا قويا يسرع من هذه العملية؛ نظرا لأنه يجعل الكثير من الجماعات يتواصل عن كثب وبانتظام، بالإضافة إلى أنه منذ الثورة الفرنسية حرضت أفكار السيادة الشعبية واعتبار حكم الأجنبي حكما غير شرعي جماعات عرقية متعاقبة على التطلع إلى تكوين أمم مستقلة. رغم ذلك، لا يمكننا حقا الحديث عن نشوء أمم إلا بعد أن يكون لدى غالبية أعضائها وعي بمن يكونون ومن لا يكونون، والأهم من ذلك أن يكون لديهم شعور بالانتماء إلى الأمة وأن يشتركوا في حياتها. ومن منظور الديمقراطية، يكون معنى ما سبق أننا لا يمكننا الحديث عن أمة قبل أن يمنح غالبية أفرادها حق التصويت كأحد حقوق المواطنة، وهذا أمر لم يشرع حدوثه إلا مع نهاية القرن التاسع عشر أو بداية القرن العشرين. وقد تكون الجماعات العرقية «من ثوابت التاريخ»، وموجودة في كل حقبة، لكن الأمم القائمة أمم حديثة، وقريبة العهد تماما.
2 (1) الحداثة
يتوافق تأريخ كونور لظهور الأمم مع التاريخ الذي حدده غالبية الباحثين في الوقت الحاضر، هؤلاء الباحثون الذين من الممكن أن يطلق عليهم «حداثيون» لهذا السبب. من منظور الحداثيين، فإن كلا من الأمم والقوميات قريبة العهد وحديثة، وكلتاهما ثمرة «التحديث». ويختلفون بطبيعة الحال في الأسباب الدقيقة التي تجعل الأمم قريبة العهد وحديثة؛ فالبعض يبحث عن الأسباب في الرأسمالية الصناعية، والبعض الآخر يبحث عن الأسباب في نشأة الدولة المركزية المحنكة، وغيرهم يبحث عن الأسباب رغم ذلك في طبيعة وسائل الإعلام الحديثة والتعليم العلماني. إلا أن ما يهمني في هذا الصدد ليس أسبابهم، بل طريقة تقسيمهم للفترات والافتراضات التصنيفية التي أرخوا تكون الأمم على أساسها.
3
من منظور الحداثيين، فإن الأمم لا توجد ولا يمكن أن توجد قبل نشأة الحداثة، أيا كان تعريف الحداثة. وهذا يعني من الناحية العملية أننا لا نستطيع الحديث عن الأمم أو القومية قبل أواخر القرن الثامن عشر، وليس قبل ذلك. وحسب ما ذكره إرنست جيلنر، فمن غير الممكن أن تكون الأمم قد ظهرت قبل فجر الحداثة. في المجتمعات التي يطلق عليها المجتمعات «الماهرة في الزراعة»، كانت قلة نخبوية تحكم قاعدة هائلة من منتجي الطعام، وكانت الثقافة المكتوبة لهذه النخب مختلفة تماما عن الثقافات الكثيرة «المتدنية» والشفهية والعامية لعوام الفلاحين. ولم يكن لدى النخب رغبة في نشر ثقافتهم، ولا اهتمام بذلك، وحتى رجال الدين الذين كان لديهم اهتمام بنشر الثقافة كانوا يفتقرون إلى وسائل القيام بذلك. لم يخلق الحاجة إلى «الثقافات الرفيعة» المكتوبة المتخصصة التي يجعلها جيلنر مناظرة لظهور الأمم إلا سهولة الحركة والنقل التي تتطلبها المجتمعات الصناعية.
4
Bilinmeyen sayfa