169

Atlas ، الجميلة الغدائر، كالوبسو الماكرة، تلك الربة المخوفة، التي لا شأن لأحد من الآلهة أو البشر معها، ولكن أبى القدر إلا يزيد في تعاستي، فبعث بي، بمفردي إلى مدفأتها؛ إذ ضرب زوس سفينتي السريعة، بصاعقته البراقة فحطمها وسط البحر القاتم قتمة الخمر. هناك هلك سائر بقية من كنت أثق بهم من رفاقي، أما أنا فأمسكت بقاع سفينتي المعقوفة وتعلقت به، وهكذا بقيت طافيا على سطح البحر تسعة أيام، وفي الليلة العاشرة الداجية، قذفت بي الآلهة إلى جزيرة أوجوجيا، حيث تقطن كالوبسو الفاتنة الشعر، الربة المهوبة، فصحبتني إلى منزلها، وأكرمت وفادتي، وقدمت لي طعاما، وقالت إنها ستجعلني خالدا، لا تتطرق الشيخوخة إلى جسمي قط، بيد إنها لم تستطع إغراء قلبي وسط صدري. بقيت معها هناك سبع سنوات، أبلل ثوبي كل يوم بدموعي، ذلك الثوب الخالد الذي أعطتنيه كالوبسو. حتى إذا ما هلت السنة الثامنة، وأخذت تسير في مجراها الزمني، أمرتني بالعودة إلى وطني، إما بسبب رسالة من زوس، وإما لأن عقلها قد تغير من تلقاء نفسه، فأرسلتني في طريقي، فوق رمث من أخشاب الأشجار المربوطة إلى بعضها بإحكام، وزودتني بكميات وفيرة من الخبز والخمر الحلوة، وألبستني ثوبا خالدا، وبعثت إلي بريح رقيقة دافئة؛ ومن ثم بقيت سبعة عشر يوما أبحر فوق الخضم، وفي اليوم الثامن عشر، لاحت لي من بعد جبال بلادك الظليلة فسر لمرآها قلبي، وكنت سيئ الحظ؛ لأنني بحق كنت لا أزال رفيق محنة هائلة، أرسلها ضدي بوسايدون، مزلزل الأرض؛ فقد أثار الرياح ضدي لتعوق طريقي، وأهاج البحر الصاخب بصورة عجيبة، فقذفتني الموجة بعيدا عن طوفي، وأنا أئن دون انقطاع. لقد حطمت العاصفة الطوف أي تحطيم، فركنت إلى السباحة وشققت طريقي وسط أخطار

21

البحر، حتى جاءت بي الريح والأمواج، وهي تحملني إلى شواطئك، ولو أني أسرعت إلى البر هناك، لقذفت بي اللجج على الشاطئ، فوق الصخور الضخمة في مكان شديد الخطر، ولكنني عدت أدراجي وسبحت حتى بلغت نهرا، بدا لي أنه خير مكان ألجأ إليه؛ إذ كانت صخوره ملساء، وعلاوة على ذلك فقد كان بعيدا عن مهب الريح؛ عندئذ ظللت أتعثر سابحا إلى الأمام، وغطست وأنا أشهق ولا أكاد أتنفس إلا بصعوبة، حتى خيم علي الليل الخالد، وبعد ذلك خرجت من النهر الذي تغذيه السماء، واستلقيت على الأرض لأنام بين الأدغال، جامعا حولي أوراق الشجر، وسكب علي أحد الآلهة نوما بالغا،

22

فنمت هناك وسط الأوراق وقلبي متعب غاية التعب، طوال الليل كله، وإلى الصباح، وإلى الظهر، حتى استدارت الشمس مؤذنة بالمغيب، والنوم اللذيذ لم يزل قابعا فوق جفني، ثم استيقظت فإذا بي أرى خادمات ابنتك، يلعبن على الشاطئ وفي وسطهن الأميرة

23

الحسناء، أشبه بالربة، فتضرعت إليها، وإذا بها، بإدراكها السليم، لا تتوانى قط في أن تفعل ما لا يدور بخلدك أن فتاة في مثل سنها الصغيرة قد تفعله عند لقائك؛ لأن الشباب الصغير عديم التفكير دائما. لقد أعطتني مقدارا وافرا من الخبز، وخمرا صهباء، وجعلتني أستحم في النهر، وأعطتني هذا الثوب. وهكذا، أخبرك بالحقيقة، رغم جميع أحزاني.»

اشتراك ألكينوس في الحديث

فرد عليه ألكينوس بدوره يقول: «أيها الغريب، حقا، إن ابنتي لم تصب تماما، في كونها لم تصحبك إلى بيتنا مع وصيفاتها؛ لأنك توسلت إليها أولا.»

فأجابه أوديسيوس الكثير الحيل، بقوله: «أيها الأمير، بربك، لا تلم ابنتك في هذا الأمر، لقد أمرتني فعلا أن أتبعها مع وصيفاتها، ولكني لم أفعل، بسبب الخوف والخجل، لئلا يستشيط قلبك غضبا عندما ترى الأمر؛ فإنا نحن قبائل البشر، القاطنين الأرض، سريعو الغضب.»

Bilinmeyen sayfa