Arap Edebiyatçılar Abbasi Dönemi
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Türler
وستهجوك عني الأحدوثه
53
فقوله: أهجيك خطأ لأنه واوي. قال الجوهري: «لا تقل هجيته والعامة تقوله.» ولم يخل شعره من الإقواء وزحاف الإشباع، ولكن ذلك فيه قليل. (3-3) منزلته
قال العميدي صاحب الإبانة في كلامه على المتنبي: «ولا أقيسه في امتداد النفس، وعلم اللغة، والاقتدار على ضروب الكلام، وتصوير المعاني العجيبة، والتشبيهات الغريبة، والحكم البارعة، والآداب الواسعة بابن الرومي.» وقال ابن رشيق صاحب العمدة: «وكان ابن الرومي ضنينا بالمعاني، حريصا عليها. يأخذ بالمعنى الواحد ويولده، فلا يزال يقلبه ظهرا لبطن، ويصرفه في كل وجه وإلى كل ناحية حتى يميته، ويعلم أنه لا مطمع فيه لأحد.» وقال أيضا: «وأما ابن الرومي فأولى الناس باسم شاعر؛ لكثرة اختراعه، وحسن افتنانه.» وقال ابن خلكان: «صاحب النظم العجيب، والتوليد الغريب؛ يغوص على المعاني النادرة، فيستخرجها من مكامنها، ويبرزها في أحسن صورة، ولا يترك المعنى حتى يستوفيه إلى آخره، ولا يبقي فيه بقية.»
فهذه الأقوال كافية لأن تعرفك منزلة الشاعر عند الأدباء المتقدمين، فتعلم أن إهمال عصره له لم يضيع فضله بعد موته، فقد قام أصحاب الأدب ينشرون ذكره، ويفضله بعضهم على أكابر الشعراء أمثال المتنبي وسواه. وقد استحق ابن الرومي هذه المنزلة لأسباب منها براعة وصفه وتصويره، ودقة نظره في مراقبة الأشياء. ومنها خصب معانيه المولدة والمخترعة، واسترساله معها حتى يستوفيها إلى آخرها، ويبرزها جلية تامة، بأشكالها وألوانها، وصفاتها وتوابعها. وقلما غفل عن شيء منها أو مما يتصل بها مهما دق شأنه، وقل خطره.
واسترساله مع المعاني جعله يطيل قصائده فيبلغ بها مائتي بيت أو ثلاثمائة. وهذا الطول لم نعهده في شاعر قبله، إذا استثنينا منظومات كليلة ودمنة وما شاكلها؛ لضعف الروح الشعرية فيها. ثم إذا أنكرنا ما يزعمه الرواة من أن بعض المعلقات بلغت ألف بيت؛ لأن زعمهم يحتمل الشك أكثر من اليقين.
وتمتاز قصائده على طولها بقربها من وحدة الموضوع، فهي، وإن تعددت أغراضها أحيانا، لا تخلو من الصلة المعنوية التي تربط أجزاءها بعضها ببعض. ولابن الرومي شعر كثير نظم في غرض واحد.
ولعل أصله الأعجمي كان له يد في طول نفسه، وميله إلى وحدة الموضوع، كما كان له يد في اتساق أفكاره، ودقة معانيه، وإحاطته بهنات الأمور، وخروجه إلى أغراض جديدة كوصف الأخلاق والعادات، وتصوير الأشخاص تصويرا سخريا مضحكا، وغير ذلك مما يتصل بحياة المرء في هزله وجده، وفرحه وكدره.
ويظهر اتساق أفكاره في ارتباط معانيه وأغراضه، ثم في اعتماده على الأسلوب المنطقي، فإنه اتخذه إماما له وعلى الأخص في احتياجه إلى الرد على خصومه ومعيريه، وإلى معاتبة ممدوحيه واسترضائهم، وإلى إبداء آرائه في الحياة وصروف الدهر. وتختلف أحكامه المنطقية بين القوة والضعف، فمنها ما يستقيم له ومنها ما لا يستقيم؛ ذلك أن قوة التفكير عنده تنازعها قوة العاطفة. ولا غرو فإنه موسوس عصبي المزاج سريع التأثر، فأجدر به أن يكون عبدا للعاطفة، يستخدم منطقه لإرضائها، ومجاراة أهوائها. وحسبك أن ترى محاولته تزكية الطيرة، وإمعانه في تزيين الحقد، وتبغيض السفر، لتتبين كيف يسخر تفكيره لعاطفته.
وهو على قوة عاطفته وتفكيره، مديد الخيال، عميق التصور. وخياله مع اتساع مجاريه ينطلق بهدوء وانتظام، يسايره المنطق، فلا يجنح بصاحبه إلى الغلو والإحالة، بل يعمد في الغالب إلى إظهار حقائق الموصوفات فيخرجها في أحسن صور وأصدق تمثيل باعثا فيها حياة تجعلها تهتز وتتحرك، هائما في واد كئيب تتفجر من جوانبه ينابيع الدموع، وتدمي رياحينه أشواك الشهوات والآلام. وابن الرومي أشغف الشعراء بالطبيعة وألوانها، يتصل بها ويعيش معها ويحسها إحساسا قويا.
Bilinmeyen sayfa