Arap Edebiyatçılar Abbasi Dönemi
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Türler
الفصل الثاني
الشعراء المولدون1
العصر الأول (1) ميزة الشعر
لم يكن انتقال الشعر من البداوة إلى الحضارة مرهونا بانتقال الخلافة من الأمويين إلى العباسيين، بل أخذ الشعر يتحضر في صدر الإسلام على أثر الفتوح الكثيرة، وملابسة العرب للأعاجم، وانتقال الخلافة إلى دمشق، وفيها القصور والجنائن والأنهار، وفيها أثر كبير من حضارة البيزنطيين، ولكن العصر الأموي كان عصر حروب وفتن، فلم يهدأ هادئه، ولم يطل عهده، فيبلغ أهلوه غايتهم من الترف والعمران، أضف إلى ذلك أن خلفاء بني أمية كانوا على تحضرهم ينزعون إلى الحياة البدوية، ويؤثرون العرب الخلص على غيرهم من الشعوب، ويرتاحون إلى أساليب الجاهليين وطرقهم، فما أتيح للشعر أن يبلغ الطور الذي بلغه بعد أن أديل العباسيون من الأمويين، وبنيت بغداد وجعلت عاصمة الخلافة، واشتد اختلاط العرب بالأعاجم، وساد النفوذ الفارسي، وامتلأت خزائن الدولة بما أفاء الله على المسلمين من أموال الفرس والروم، فانهل من فيضها على الناس؛ فوفرت لهم أسباب الرزق، فانبسطت حياتهم فأترفوا وأمعنوا في الترف.
وكان للشعراء القسط الأوفر من هذا العيش الخضيل، فإن الخلفاء بعد أن استتب لهم الأمر، ودانت لهم الأعداء، وخضدوا شوكة الأحزاب، انصرفوا إلى الحياة يتذوقون نعيمها، والشعر من نعيم الحياة؛ فقربوا الشعراء وجعلوهم ندماءهم ، فأيسر الشعراء واتسعت ذات يدهم، فرفهوا وأسرفوا في اللذة؛ فرقت طباعهم، ولانت نفوسهم ، ورق شعرهم، ولانت ألفاظه، وقل استعمال الغريب فيه، والشعر مرآة النفس؛ فإذا كانت النفس قاسية خشنة خرجت الألفاظ وحشية صلبة، وإذا كانت لطيفة ناعمة خرجت الألفاظ سهلة لينة.
ولم يكن للشعراء الموالي حظ في صدر الإسلام، فلم يرتفع شأنهم، ولم يكثر عددهم. وأما في هذا العصر فقد تكاثروا ونموا، واشتد خطرهم ونبغت منهم طائفة تقلدت زعامة الشعر، واعترف لهم الشعراء.
وقد علمنا أنهم يكرهون العرب؛ فأنفوا أن يتشبهوا بهم ويقلدوهم في أساليبهم، وكان لهم من حضارتهم ومن عنصرهم العجمي ما يبعدهم من وحشي اللفظ وبدوي المعنى، فكان لهم الفضل في تجدد الألفاظ، وفي تجدد المعاني. (2) التجدد اللفظي
فأما التجدد اللفظي فلم يقتصر على تسهيل الألفاظ وتليينها، بل تعداهما إلى تزيينها وتنميقها، فقد عني الشاعر العباسي بتوشيتها كما عني بتوشية ثوبه وداره وماعونه؛ فأكثر من الاستعارات والتشابيه والتزمها التزاما. وافتن في أنواع البديع وتعمده تعمدا، وأول من تكلفه وخرج به عن عفو الخاطر بشار بن برد، فمسلم بن الوليد، فأبو نواس، فأبو تمام.
والحياة العباسية كانت تدعو إلى هذا الوشي والتنميق من جميع نواحيها، فمن انغماس في الرخاء والترف إلى تخلق بأخلاق فارسية يلائمها الافتنان والتصنع لبعدها من السذاجة والفطرة.
ودخل على لغة الشعر ألفاظ غريبة دعت إليها الحاجة، كالألفاظ العلمية والفلسفية وغيرها؛ مما يدل على أشياء حديثة العهد عند العرب، ودخل عليها أيضا ألفاظ استعيرت من صلب اللغة لمعان مستحدثة خلقتها الحضارة الجديدة.
Bilinmeyen sayfa