ووهب المأمون للحسن بن سهل عقدا قيمته ألف ألف درهم، وقوم الجوهر الذي سلم من النهب عند فتنة المأمون بألف ألف ألف مائة ألف وستة عشر ألف درهم. ووجد في تركة السيدة بنت المعز العبيدي طست وإبريق من البلور، ومدهن ياقوت أحمر وزنه تسعة وعشرون مثقالا، وكان الناس يستعظمون الطست والإبريق إلى أن قبض على أبي محمد اليازوري وزير المستنصر العبيدي، فوجد عنده تسعون طستا بأباريقها من صافى البلور وجيده كبارا وصغارا، فهان عليهم ما استعظموه.
* * * وأهدى صاحب قلعة "اصطخر" إلى السلطان الملك العادل ألب أرسلان السلجوقي قدح فيه منوا مسك مكتوب عليه: "جم شاد" أحد ملوك الفرس الأول.
١٩- المستطرف في كل فن مستظرف للشيخ شهاب الدين أحمد الأبشيهي (المتوفي ٨٥٠ هـ) طبعة القاهرة ١٢٧٩ هـ.
(ذو الرياستين) الفضل بن سهل لأنه دبر أمر السيف والقلم، وولى رياسة الجيوش والدواوين، ودخل عليه شاعر يوم المهرجان وبين يديه الهدايا فقال:
اليوم يوم المهرجان ... هديتي فيه اللسان
لك دولتان حديثة ... وقديمة ورياستان
لك في الورى من هاشم ... نبت وبيت خسروان
علم الخليفة كيف أنت فصرت في هذا المكان
فأمر له بجميع الهدايا.
في ذكر الهدايا والتحف
قال الله تعالى (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) فسرها بعضهم بالهدية. وقال ﷺ: (تهادوا تحابوا فإنها تجلب المحبة وتذهب الشحناء) . وقال ﷺ: (الهدية مشتركة) . وقال ﷺ: (من سألكم بالله فأعطوه ومن استعاذكم بالله فأعيذوه ومن أهدى إليكم كراعا فاقبلوه) وكان ﷺ يقبل الهدية ويثيب عليها ما هو خير منها. وفي الأثر: (الهدية تجلب المحبة إلى القلب والسمع والبصر) . ومن الأمثال إذا قدمت من سفر فأهد لأهلك ولو حجرا. وقال الفضل بن سهل: ما استرضى الغضبان ولا استعطف السلطان ولا سلبت السخائم، ولا دفعت المغارم، ولا استميل المحبوب، ولا توقى المحذور، بمثل الهدية. وأتى فتح الموصلي بهدية وهى خمسون دينارًا فقال حدثنا عطاء عن النبي ﷺ أنه قال: (من أتاه الله رزقا من غير مسألة ورده فكأنما رده على الله تعالى) . وأهدى رسول الله صلى عليه وسلم هدية على عمر فردها فقال: يا عمر لم رددت هديتي فقال ﵁ إني سمعتك تقول: (خيركم من لم يقبل شيئا من الناس) فقال يا عمر إنما ذاك ما كان عن ظهر مسألة فأما إذا من غير مسألة فإنما هو رزق ساقه الله إليك. وقالت أم حكيم الخزاعية سمعت رسول الله عليه وسلم يقول: (تهادوا فإنه يضاعف الحب ويذهب بغوائل الصدر) ويقال في نشر المهاداة طي المعاداة.
ذكر أنواع الهدايا للخلفاء وغيرهم ممن قصرت به قدرته
فأهدى اليسير وكتب معه مكاتبة يعتذر بها أهدى إلى سليمان بن داود ﵉ ثمانية أشياء متباينة في يوم واحد فيلة من ملك الهند، وجارية من نلك الترك، وفرس من ملك العرب، وجوهرة من ملك الصين، واستبرق من ملك الروم، ودرة من ملك البحر، وجرادة من ملك النمل، وذرة من ملك البعوض، فتأمل ذلك وقال: سبحان القادر على جمع الأضداد. وأهدى ملك الروم إلى المأمون هدية فقال المأمون أهدوا له ما يكون ضعفها مائة مرة ليعلم عز الإسلام ونعمة الله تعالى علينا ففعلوا ذلك فلما عزموا على حملها قال: ما أعز الأشياء عندهم قالوا المسك والسمور قال وكم في الهدية من ذلك قالوا مائتا رطل ومائتا فروة سمور.
* * * وأهدت قطر الندى إلى المعتضد بالله في يوم نيروز في سنة اثنتين وثمانين ومائتين هدية كان فيها عشرون صينية ذهب في عشرة منها مشام عنبر وزنها أربعة وثمانون رطلا، وعشرون صينية فضة في عشرة منها مشام صندل زنتها نيف وثلاثون رطلا، وخمس خلع وشى قيمتها خمسة آلاف دينار، وعملت شمامات ليوم النيروز بلغت النفقة عليها ثلاثة عشر ألف دينار.
وأهدى يعقوب بن الليث الصفار إلى المعتمد على الله هدية في بعض السنين من جملتها عشرة بازات منها باز أبلق لم ير مثله، ومائة مهر، وعشرون صندوقا على عشر بغال فيهم طرائف الصين وغرائبه، ومسجد فضة بدرابزين يصلى فيه خمسة عشر إنسانا ومائة رطل من مسك ومائة رطل عود هندى وأربعة آلاف ألف درهم.
* * *
1 / 43