وكان كتابه في لحاء الشجر المعروف بالكاذي مكتوب بالذهب الأحمر وهذا الشجر يكون بأرض الهند والصين، وهو نوع من النبات عجيب ذو لون حسن وريح طيبة تتكاتب فيه ملوك الصين والهند.
وكتب ملك التبت: من ملك التبتان ومشارق الأرض المتاخمة للصين والهند إلى أخيه المحمود السيرة والقدر ملك المملكة المتوسطة في الأقاليم السبعة كسرى أنوشروان.
وأهدى إليه أنواعا مما تحمل من عجائب أرض تبت: منها مائة جوشن ومائة ترس مذهبة وأربعة آلاف من المسك في نوافج غزلانية.
* * * وأهدى يعقوب بن الليث الصفار خرسان على المعتمد هدية في بعض السنين، من جملتها: عشرة بزاة، منها بازي أبلق لم ير مثله، ومائة مهر، وعشرون صندوقا على بغال عشرة، فيهم طرائف الصين وغرائبه، ومسجد فضة برواقين يصلى فيه خمسة عشر إنسانا ومائة من مسك، ومائة من عود هندي وأربعة آلاف درهم.
* * * وأهدت ملكة فرنجة على المكتفى بالله في سنة ثلاث تسعين ومائتين خمسين سيفا وخمسين رمحا، وخمسين فرسا، وعشرين ثوبا منسوجا بالذهب، وعشرين خادما صقلبيا حسنا، وعشرة كلاب كبار لا تطيقها السباع، وست بازات، وسبعة صقور ومضرب حرير يجمع ثلاثة وعشرين ثوبا معمولا من صوف يكون في صدف يخرج من البحر يتلون بجميع الألوان كقوس قزح، يتلون كل ساعة لونا وثلاثة أطيار تكون في أرض فرنجة إذا نظرت إلى الطعام المسموم صاحت صياحا منكرا، وصفقت بأجنحتها ليعلم ذلك من حالها، وخرزا يجتذب النصول فتخرج من غير ألم. وقدم الرسول بكتابها وهديتها، وكان في فصل من كتابها: "وعرفت أن بينك وبين ملك قسطنطينية صلة، وأنا أوسع منه سلطانا، وأكثر جندا، وأشد سطوة، وملكي على أربع وعشرين مملكة لسانها لا يشبه الآخر، وفي مملكتي وطاعتي رومية الكبرى.
* * * (ومن طرائف الهدايا) ما أهدته شجرة الدر جارية المتوكل، وكان يميل إليها ميلا كبيرا ويفضلها على سائر حظاياه. فلما كان يوم المهرجان أهدى إليه حظاياه هدايا نفيسة واحتفلن في ذلك، فجاءت شجرة الدر بعشرين غزالا مرببة، عليهن عشرون سراجا صينيا، على كل غزال خرج صغير مشبك حرير فيه المسك والعنبر والغالية وأصناف الطيب، ومع كل غزال وصيفة بمنطقة ذهب وفي يدها قضيب ذهب في رأسه جوهرة. فقال المتوكل لحظاياه وقد سر بالهدية: ما فيكن من تحسن مثل هذا وتقدر عليه، فحسدنها وعملن على قتلها بشيء سقينه لها فماتت.
* * * عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب أبو عبد الرحمن الأمير ولى المدينة للرشيد، ثم ولى الشام والجزيرة للأمين.
وجه إلى الرشيد فاكهة في أطباق خيزران وكتب إليه: أسعد الله أمير المؤمنين وأسعد به، دخلت على بستان أفادنيه كرمك وغمرته لى نعمك قد أينعت أشجاره وتهدلت ثماره فوهبت على أمير المؤمنين من كل شيء شيئا على القدرة والإمكان في أطباق القضبان ليصل إلى من بركة دعائه مثل ما وصل إلى من بركة عطائه. فقال رجل: يا أمير المؤمنين، لم أسمع بأطباق القضبان. فقال: يا أبله كنى عن الخيزران بالقضبان إذ كان اسما لأمنا.
* * * أنشدني في المجدي فضل الله بن مكانس وقد أهدى له والده تحفا جليلة:
تناهيت في برى على أن هديتني ... وقد كنت قبل في الغي ساريا
وأهديت لي ما حير الفكر حسنه ... فلا زلت في الحالين للعبد هاديا
* * * وأهدى بعض ملوك الهند إلى الرشيد قضيب زمرد أطول من ذراع وعلى رأسه تمثال طائر ياقوت أحمر لا قدر له نفاسة، قوم هذا الطائر على حدته لمائة ألف دينار.
* * * ودفع مصعب بن الزبير حين أحس بالقتل إلى مولاه زياد فصا من الياقوت الأحمر، وقال له: انج بهذا، وكانت قيمته ألف ألف درهم. وسقط من يد الرشيد في ارض كان يتصيد فيها فاغتم لفقده، فذكر له فص ابتاعه صالح صاحب المصلى بعشرين ألف دينار، فأحضره ليكون عوضا عما سقط منه، فلم يره عوضا عنه.
* * *
1 / 42