وأهدى بعض الكتاب غلاما كاتبا على رئيس له، وكتب إليه بصفة الخط وغيره- وسمعت من يحكى أن فاعل ذلك عيسى بن فرخانشاه بإبراهيم بن العباس الصولي وكان عيسى يكتب له ولا أدرى كيف صحته، لأني لم اعتد بما لم اسمعه من أفواه الرجال:
اقبل هدية شاكر ... تجزيه بالنزر الجليلا
بدرا يضئ إذا نظر ... ت إليه لم يألف أفولا
إني بعثت به وكن ... ت بحسن موقعه كفيلا
لما رأيت بخطه ... حسنا يصيد به العقولا
كمنمنم الموشى قد ... سحب القيان به الذيولا
أو كالرياض بكى الحيا ... فيها فأوسعها همولا
وتراه للمعنى اللطيف ... إذا أشرت به قبولا
لا مستعيدا منك إذ ... تملى عليه ولا ملولا
عرف المبادئ والوصو ... ل من الحاكية والفصولا
وصنوف ترتيب الدعا ... ء وأن يقصر أو يطيلا
والهمز والمدود وال ... مقصور والمثل المقولا
والفعل والأسماء وال ... مصروف منا والثقيلا
فاستكفه واضمر له ... أن لا تريد به البديلا
يحمل بفضل لسانه ... وبيانه عنك الثقيلا
؟؟؟ واستهدى أحمد بن إسمعيل دفترا فيه حدود الفراء، فأهداه على مستهديه وكتب على ظهره:
خذه فقد سوغت فيه مشبها ... بالروض أو بالبرد في تفويفه
نظمت كما نظم السحاب سطوره ... وتأنق الفراء في تأليفه
وشكلته ونقطته فأمنت من ... تصحيفه ونجوت من تحريفه
بستان خط غير أن ثماره ... لا تجتنى إلا بشكل حروفه
؟؟؟ أهدى رجل إلى إبراهيم بن المدبر قلما وكتب إليه: قد وجهت إليك أعزك الله بمفاتح العلوم باد جمالها. تام كمالها. فهي كما قال الشاعر:
ليس فيها ما يقال له ... كملت لو أن ذا كملا
كل جزء من محاسنها ... كائن من حسنه مثلا
قال أبو بكر: أما المشهور مما قيل فيها فشعر بعض الكتاب وقد أهدى دواة محلاة بذهب وهي من الأبنوس:
قد بعثنا لك أم المنايا ... والعطايا زنجية الأحساب
تتزيا بصفرة وكذا الزن ... نج تزيا عجبا بصفر الثياب
ريقها ريق نحلة مع صاب ... حين يجرى لعابها في الكتاب
في حشاها لغير حرب حراب ... هن أمضى من مرهفات الحراب
؟؟؟ وفي كتاب الأوراق للصولي (أخبار الراضي بالله والمتقى لله) طبعة القاهرة ١٩٣٥: ووافي رسول ملك الروم بهدايا كثيرة منها صياغات وثياب ديباج ومقارم وآنية ذهب، طريفة الصياغة، فجلس الراضي يومًا فعرضها علينا ووهب لنا أكثرها، وما كان شيء ألذ عنده من شيء يهبه وطعام يؤكل بين يديه.
٧- ديوان المعاني للإمام أبى هلال العسكري (المتوفي ٣٩٥ هـ) مكتبة القدسي بمصر ١٣٥٢ وأخبرني بعض أصحابنا قال كتب أحمد بن أبى طاهر على إسماعيل بن بلبل: أنا، وإن كنت في عدد الحشم والأتباع الذين يخرجون من تفضيل الخاصة ويرتفعون عن الدخول في جملة العامة فإني في وسط القلادة منهم وبمكان من نظام نعمتك التي تجمعهم وهذا يوم من أيام الملوك السادة الذين لم تزل تجرى لهم السنة على عبيدهم وأصحابهم وقوادهم وكتابهم بالإهداء إليهم وقبول ما أهدوه منهم ليعرف مكان الشريف في مرتبته من مكان المنحط عن منزلته وموضع النعم من المنعم عليه في التقدم بقبول ما يهديه إليه وكل يهدى على قدر بضاعته ورتبته ومقداره في نفسه وهمته وعلى حسب موضعه من سيده ومالكه وما يحويه ملكه وتبلغه ومقدرته. وكرهت أن أمسك عن البر فأخرج عن جملة العبيد والحشم وأهدى ما يقصر عن الواجب اللازم والحق المفترض فجعلت هبتي مع الثقة بعذرك والاعتماد على تفضيلك وصفحك أبياتا اقتصرت فيها على الدعاء لك والثناء عليك أسأل الله تعالى أن يقرنه بالإجابة فيك كما قرن مدحي لك بالتصديق فقلت:
أبا الصقر لا زالت من الله نعمة ... تجددها الأيام عندك والدهر
ولا زالت الأعياد تمضى وتنقضي ... وتبقى لنا أيامك الغرر الزهر
فإنك للدنيا جمال وزينة ... وإنك للأحرار ذخر هو الذخر
رأيت الهدايا كلها دون قدره ... وليس لشيء عند مقداره قدر
فلا فضل غلا وهو من فضل جوده ... ولا بر غلا دونه ذلك البر
فأهديت من حلى الديح جواهرا ... منصلة يزهي بها النظم والنثر
1 / 32