وأنشد ابن يزيد بن المهلب في المعتمد:
سيبقى فيك ما يهدى لساني ... إذا فنيت هدايا المهرجان
قصائد تملأ الآفاق مما ... أحل الله من سحر البيان
وقال آخر:
جعلت فداك للنيروز حق ... وأنت على أوجب منه حقا
ولو أهديت فيه جميع ملكي ... لكان جميعه لك مسترقا
وأهديت الثناء بنظم شعر ... وكنت لذاك منى مستحقا
لأن هدية الألطاف تفنى ... وأن هدية الأشعار تبقى
وقال حبيب:
فو الله لا أنفك أهدى شواردا ... إليك يحملن الثناء المنخلا
ألذ من السلوى وأطيب نفحة ... من المسك مفتوقا وأيسر محملا
وقال مروان بن أبى حفصة:
بدولة جعفر حمد الزمان ... لنا بك كل يوم مهرجان
جعلت هديتي لك فيه وشيا ... وخير الوشى ما نسج اللسان
وقال أحمد بن أبى طاهر:
من سنة الأملاك فيما مضى ... من سالف الدهر وإقباله
هدية العبد إلى ربه ... في جدة الدهر وأحواله
فقلت ما أهدى إلى سيدي ... حالي وما خولت من حاله
إن أهد نفسي فهي من نفسه ... أو أهد مالي فهو من ماله
فليس إلا الحمد والشكر وال ... مدح الذي يبقى لأمثاله
وقال الحمدوني وأهدى غليه سعيد بن حميد أضحية مهزولة.
لسعيد شويهة ... نالها الضر والعجف
فتغنت وأبصرت ... رجلا حاملا علف
بأبي من بكفه ... برء دائي من الدنف
فأتاها مطمعا ... وأتته لتعتلف
ثم ولى فأقبلت ... تتغنى من الأسف:
ليته لم يكن قد وقف ... عذب القلب وانصرف
قال الحمدوني: كتبت على الحسن بن إبراهيم، وكان كل سنة يبعث إلى بأضحية فتأخر عنى سنة، فكتبت إليه:
سيدي أعرض عنى ... وتناسى الود منى
مر بي أضحى وأضحى ... أخلفاني فيه طني
لا يراني فيهما أه ... لا لظلف ولقرن
فتغذيت بيأس ... ثم ضحيت بجني
واصطبحت الراح يوما ... ثم أنشدت أغنى:
لا بجرم صد عنى ... صد عنى بالتجني
؟؟؟ أهدت جارية من جواري المأمون تفاحة له، وكتبت إليه: إني يا أمير المؤمنين لما رأيت تنافس الرعية في الهدايا إليك، وتواتر ألطافهم عليك، فكرت في هدية تخف مؤونتها، وتهون كلفتها ويعظم خطرها، ويجل موقعها، فلم أجد ما يجتمع فيه هذا النعت، ويكمل فيه هذا الوصف إلا التفاح فأهديت إليك منها واحدة في العدد، كثيرة في التصرف، وأحببت يا أمير المؤمنين أن أعرب لك عن فضلها، وأكشف لك عن محاسنها وأشرح لك لطيف معانيها، ومقالة الأطباء فيها، وتفنن الشعراء في وصفها حتى ترمقها بعين الجلالة، وتلحظها بمقلة الصيانة، فقد قال أبوك الرشيد رضى الله عنه: أحسن الفاكهة التفاح، اجتمع فيه الصفرة الدرية، والحمرة الخمرية، والشقرة الذهبية، وبياض الفضة ولون التبر، يلذ بها من الحواس: العين بهجتها، والأنف بريحها، والفم بطعمها. وقال أرسطاطاليس الفيلسوف عند حضوره الوفاة، واجتمع إليه تلاميذه: التمسوا لي تفاحة أعتصم بريحها، وأقضى وطرى من النظر غليها. وقال إبراهيم بن هانئ: ما علل المريض المبتلى، ولا سكنت حرارة الثكلى، ولا ردت شهوة الحبلى، ولا جمعت فكرة الحيران، ولا سلت حسيفة الغضبان، ولا تحيت الفتيان في بيوت القيان، بمثل التفاح.
والتفاحة يا أمير المؤمنين، إن حملتها لم تؤذك، وان رميت بها لم تؤلمك وقد اجتمع فيها ألوان قوس قزح، من الخضرة والحمرة والصفرة، وقال فيها الشاعر:
حمرة التفاح مع خضرته ... أقرب الأشياء من قوس قزح
فعلى التفاح فاشرب قهوة ... واسقنيها بنشاط وفرح
ثم عن الآن كي تطربني ... طرفك الفتان قلبي قد جرح
فإذا وصلت غليك يا أمير المؤمنين، فتناولها بيمينك، واصرف إليها يقينك، وتأمل حسنها بطرفك، ولا تخدشها بظفرك، ولا تبعدها عن عيبك، ولا تبذلها لخدمك، فإذا طال لبثها عندك، ومقامها بين يديك. وخفت أن يرميها الدهر بسهمه ويقصدها بصرفه، فتذهب بهجتها، ويحيل نضرتها، فكلها: هنيئا مريئا غير داء مخامر والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فقال المأمون احملوا غليها من كل ما أهدى لنا في هذا اليوم.
؟؟؟ وكتب العباس الهمذاني إلى المأمون في يوم نيروز:
1 / 30