قال وهب: وإن عبد شمس كل من قتل من الأمم سبى ذراريهم وعيالاتهم، ولذلك
سمى سبأ، وإن سبأ ولي على مصر ابنه بابليون وإليه تنسب مصر لملكه عليها ثم انصرف سبأ عبد شمس يريد مكة فسار بالعساكر على الشام وأوصى ابنه بابليون وأنشأ يقول:
ألا قل لبابليون والقول حكمة ... ملكت زمام الشرق والغرب فأجمل
وخذ لبني حام من الأمر وسطه ... فإن صدفوا يومًا عن الحق فاقتل
وإن جنحوا بالقول للرفق طاعة ... يريدون وجه الحق والعدل فاعدل
ولا تظهرن الرأي في الناس يجتروا ... عليك به واجعله ضربة فيصل
ولا تأخذن المال من غير وجهه ... فإنك أن تأخذه بالرفق تسهل
ولا تتلفن المال في غير حقه ... وإن جاء ما لابد منه فابذل
وداو ذوي الأحقاد بالسيف إنه ... متى يلق منك السيف ذو الحقد يعقل
وخذ لذوي الإحسان لينًا وشدة ... ولا تك جبارًا عليهم وأمهل
وكن لسؤال الناس غيثًا ورحمة ... ومن يك ذا عرف من الناس يسأل
وإياك والسفر الغريب فانه ... سيثني بما توليه في كل منهل
قال وهب: ورجع سبأ إلى اليمن فبنى السد الذي ذكر الله في كتابه وهو سد فيه سبعون نهرًا ويقبل إليه السيل من مسيرة ثلاثة أشهر وإن سبأ لما أسس قواعد السد لم يتم له بناؤه حتى نزل به الموت وكان عمره خمسمائة عام وسبعين عامًاُ وكان ملكه خمسمائة عام فدعا بحمير وكهلان ابنيه. وكان لسبأ عدد عظيم من ولده غير إنه لم يكن له من ينقل ملكه إليه إلا إلى حمير وكهلان، وانه لما مات سبأ صار الملك بعده إلى ابنه (حمير) وقال ابنه حمير يرثي أباه سبأ وهب أول مرثية في العرب فأنشأ يقول:
1 / 58