وولي أيمن بن قحطان الجزيرة، فلم يكن من هؤلاء من لم ينل الملك، ويعرب يملكهم ذلك، وعاش يعرب مدة طويلة ثم مات فولي (يشجب بن يعرب) بعد أبيه وكان سقيمًا فدام به السقم حينًا ثم مات ولم يعمر في الملك. فلما مات يشجب ادعى كل رجل شريف من بني عابر الملك وأراد أن يتمنع ومرج أمر الناس فقام (عبد شمس بن يشجب) فجمع بني قحطان وبني هود فملكوه على أنفسهم.
قال وهب: فلما ملك عبد شمس قال: يا بني قحطان إنكم ألا تقاتلوا الناس قاتلوكم وألا تغزوهم ولم يغز قوم قط في عقر دارهم إلا ركبتهم الذلة، فاغزوا الناس قبل أن يغزوكم وقاتلوهم قبل ان يقاتلوكم واعلموا أن الصبر فوز والعمل مجد والأمل منهل فمن صبر أدرك ومن فعل فاز فلتطب أنفسكم لغزو الأمم يعز غابركم، ففي الصبر النجاة وفي الجزع الدرك، ولا تغشكم الدعة فيطول داءكم والرأي اليوم لا غد وهو رزق مطلوب فواجد ومحروم فاعتمدوا العزم وكل ما هو كائن كائن وكل جميع بائن والدهر صرفان صرف رخاء وصرف بلاء والدهر يومان يوم لك ويوم عليك فإن أدر يوم من يوميك فلا تقنط من الرجاء في يوم معقب، وإن الناس رجلان رجل لك ورجل عليك والزمان دول له حين ينصر وحين يغدر - والناس مجتهدون فمن لقي رشدًا كان محمودًا ومن لقي غيًا كان مذمومًا ورأى الناس منتظرين كل محتال لثواقب الدهر غير محتال للموت والتجارب علم والعزم
عون وكل هذا الناس ينو الدنيا صحبوا أقدارها خيرًا وشرًا راجين خائفين ليس أحد آخذًا منها عهدًا ولا آمنًا غدرًا قاصدين أجدادًا حتمت وأقدارًا قسمت حتمها غير نائم وقسمها من لا يلومه لائم فقد
1 / 56