هذه الدنيا قد رأيناه فلسنا تاركين الحاضر للغائب بقول قائل صادق أو كاذب فنحن من قولك في شك أو تبين ما قلت من جنة أو نار وإلا فأنت كاذب وإنا رأينا حور الدنيا وفواكه الدنيا، ثم وصفت لنا ما هو أحسن من هذا فحقيق على من كان له لب أن يرغب فيما وصفت ثم رأينا نار الدنيا محرقة فزعمت أن تلك النار أشد إحراقًا وظلمًا فحقيق لمن خوفته بها أن يخافها فاخرج لنا مدينة نسكنها ونسميها على اسم أبينا أرم بن سام بن نوح تكون لنا فضيلة إلى آخر الأبد واخرج لنا نارًا نتعظ بها ونزداد فيما دعوتنا إليه رغبة وتخرج لنا حيث نريد - وهم يسألونه ذلك على وجه الاستهزاء به وأنه لا يقدر على ذلك - فقال لهم هود: سألتم أمرًا وهو يسير عليه ولكن أخشى عليكم أن لا تقوموا لله بوفاء العهود وإنما يقول له كن فيكون فإن عصيتم الآية قال: لما يهلككم كن فيكون فاذهب يا بعيث مع أصحابك فخذوا عهودهم لله ثم أعلموهم أن هم أعطاهم الله سوء لهم أن كذبوا أن الله يهلكهم بمثلة تكون عبرة للعابرين فرجع البعيث والذين معه فقال للملك ولعاد البعيث:
لقد جئتكم من عنج هود بقصة ... وما عنده قول إلى الحق يتبع
دعاكم لأمر ليس فيه حقيقة ... وما فيه شيء للجماعة ينفع
دعاكم لآمال غرور بعيدة ... وترك الذي يهوى ألذ وأنفع
كتمت له في النفس مني جوابه ... وظني به يا عاد يخدع
واني مشير فيكم بنصيحة ... وإن أصبحت عاد تطيع وتسمع
فإن تقبلوا رأي تنالوا سعادة ... خذوه برشد في الذي قال أو دعوا
1 / 47