Modern Şiir Devrimi: Baudelaire'den Günümüze (Birinci Kısım) - Çalışma
ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر (الجزء الأول) : الدراسة
Türler
ثورة الشعر الحديث هو العنوان الذي وضعته لهذا الكتاب. ولا شك أن كلمة «الحداثة» تحتاج إلى تحديد. أما الثورة فهي في بنائه وظواهره العامة التي أرجو أن يوضحها الكتاب بشيء من التفصيل.
ومهما يكن اختلافنا في تحديد معنى الحداثة فلا شك أننا سنتفق على أن هذا الكائن اللغوي الحي الذي نسميه بالقصيدة يدين لصاحبه بالوجود كما يدين للعصر الذي عاش فيه، وللجو الفكري والحضاري الذي تنفس هواءه.
فنحن عندما نتذوق القصيدة نرجع تجربتنا الجمالية إلى عبقرية الشاعر الفردية وإلى شيء آخر قد نسميه روح العصر، أو تجربته وجوه العام، شيء تأثر به هذا الشاعر كما تأثر به غيره من الشعراء المعاصرين له سواء أكان هذا التأثير سلبا أم إيجابا وسواء كان يسير في اتجاه العصر أو في عكس اتجاهه.
إن العصر الحديث بالمعنى الواسع لهذه الكلمة قد بدأ مع بداية الثورة الصناعية باكتشاف القوى البخارية والمائية، ومضى الإنسان الحديث في حربه المستمرة للانتصار على الطبيعة واستغلالها لمصلحته وتجريدها من كل أسرارها وألغازها، حتى وصل به إلى قمة القلق على حياته ومصيره مع اكتشاف الطاقة الذرية.
ولقد تغيرت نظرة الإنسان إلى الطبيعة والله كما تغيرت نظرته إلى نفسه وإلى المجتمع البشري في خلال القرنين الأخيرين تغيرات كبيرة صاحبت ثوراته الصناعية والاجتماعية والدينية والعقلية أو تأثرت بها ونتجت عنها، وانعكست بالضرورة على وجدانه الفني وظهرت في تعبيره الشعري فيما يمكن أن نسميه بثورة الشعر الحديث أو ثوراته المتعددة.
فحين كان الناس من حوله مشغولين بالواقع الخارجي وبالسيطرة على الطبيعة، وبناء المصانع والمدن الحديثة واستغلال الأرض وإنتاج المزيد من البضائع، كان الشاعر يقف من ذلك موقف المؤيد حينا أو المعارض في معظم الأحيان، فيمجد التغيير السياسي والاجتماعي مرة أو ينصرف إلى تأمل ذاته واستكشاف عالمها الباطن المستتر في اللاشعور أو الرمز أو الأسطورة مرات. وكل من ينظر إلى تطور الفكر والحضارة في المائة والخمسين سنة الأخيرة لا بد أن يلاحظ مدى التغيير وعمق الاكتشافات التي تمت في هذين المجالين في وقت واحد.
في مجال المجتمع والطبيعة، وفي مجال النفس والواقع الداخلي.
وطبيعي أن هذا التطور في اكتشاف العالم الباطن قد سار في تيارات معقدة، وأنه كان يختلف في أوروبا وأمريكا من حيث العصر والمزاج والحركة الأدبية التي يرتبط بها هذا الشاعر أو ذاك، ولكن هذا التطور أو هذه الثورة كانت تسير في حلقات متتابعة ينبع أحدها من الآخر، فالرومانتيكية كانت كامنة في الكلاسيكية التي أرادت أن تبعث القديم وتطوره، والرمزية هي ذروة النضوج التي وصلت إليها الرومانتيكية المزدهرة في إنجلترا وفرنسا وألمانيا، والواقعية كانت رد فعل للرمزية على اختلاف أشكالها واتجاهاتها.
والشاعر، الذي خلع عن نفسه صفة الناظم إلى الأبد! يحاول في أثناء هذا كله أن يكتشف مجاهل نفسه وعالمه الباطن كما يكتشف لغته ويعيد بناءها لتكون قادرة على الإيحاء بعالمه الجديد، صحيح أن هذه التيارات والمدارس تختلف فيما بينها باختلاف البلاد والطبائع الفردية، كما أن لكل منها خصائصه المعقدة المتمايزة، وشعراءه المختلفين عن بعضهم البعض أشد الاختلاف، إلا أننا نستطيع أن نقول بوجه عام إن حركة اكتشاف الواقع الخارجي التي كادت تصل إلى نهايتها - على الأقل من ناحية السطح والظاهر - لم تستطع في مجال الواقع الداخلي أن تنتهي من اكتشاف عالم اللاشعور أو «أفريقيا الباطنة» كما يسميه الكاتب الألماني «جان باول».
1
Bilinmeyen sayfa