Üç Erkek ve Bir Kadın
ثلاثة رجال وامرأة
Türler
فقالت: إن عقلي مقتنع، ولكن قلبي يحدثني أن الأكرم والأشرف - إذا تكلم، ولست أظنه فاعلا - أن أصارحه بكل ما كان، بلا زيادة أو نقص، ولم لا؟! لست متزوجة رجلا إلا بعد أن يعرفني على حقيقتي بلا تمويه أو تزوير.
قال: هذا أكرم ولا شك، ولن تعدمي رجلا يفهم ويعذر ويهمل الأمر كله، ثم يجيء يوم يغضب فيه لأمر ما، فيتحرش بك ويعيرك بزلة يحمل تبعتها سواك في الحقيقة، ويمن عليك بالصفح عنك، فيفسد الأمر كله ويسود عيشك بعد ذلك، كلا إن الذي أشير به أسلم وأحكم، حتى نرى أي رجل هو؛ أعني نسيما هذا.
فردت وقالت: على كل حال، لا يزال أوان ذلك بعيدا.
قال: لست أراه بعيدا، ومع ذلك يجب أن توطني نفسك من الآن على أحد النهجين.
فوعدت أن تفكر، وتنبئه. •••
وأقلق الأستاذ حليما ما سمع منها، وكان هو في سريرته يؤثر المصارحة، فإنها أقوم وأسلم في النهاية، ولكنه أشفق عليها أن تكفر بالعدل في هذه الدنيا.
واستغرب أنه فاته في حديثه معها أن يسألها عما تطوي لنسيم هذا، أهو يبلغ أن يكون حبا؟ أو هو يقاربه ويسهل أن ينمو، كالماء يعمق تحدره مجراه؟ ولا شك أن محاسن تستظرفه؛ فإنه على ما يستفاد من كلامها خفيف على الأفئدة، فوق أنه كريم معوان، غير منان، يعطي مبتدئا وكأنه هو الذي يأخذ، ويصنع معك الجميل ويزجي إليك الشكر كأنك صاحب الفضل فيه، وأخلق بمن كان خفيف الروح، سخي اليد، ذرب اللسان، حلو الفكاهة، حسن المعاشرة ظريفها، أن تفتح له القلوب. ولا ريب في أنه يحبها، وإلا لما صنع كل هذا لها، ولكن هل هي تحبه؟ ولعلها لو سئلت لترددت، فقد خيل للأستاذ حليم أن نسيما حملها وطار بها بجناحين من ظرف الشخصية وحلاوة اللسان، فهي مدار بها، لا تدري إلى أين يمضى بها؛ لا بل لا ترى أن في طاقتها حتى أن تفكر لسرعة الكر والخطف فيه، ولما يشغلها من فتنة القول والعمل، وتعجبها لجدتها عليها أيضا، فما رأت من قبل أحدا كنسيم.
وما له؟ ألا أثر له في الموضوع؟ أليس المال كل شيء في دنيانا هذه؟! أليس هو الخير والشر، والفضيلة والرذيلة؟! أليس كل أمر مرتهنا به إذا اعتبر الواقع؟! من يدري؟! فإن للمال لسحرا، وقد رثت حال محاسن، وعانت ضنوكة غير هينة؛ لا لفقر بأبيها، فما أنزف ولا أكدى، وإنما طاش وماق، وكان ما كابدت وثقل عليها من الشدة والشظف هو الذي دفعها إلى التماس الكفاية من طريق الوظيفة؛ فالتقت بهذا الشاب، وما كادت تخفق حتى دفع يده فانتشلها وأنقذها من العود إلى الحاجة والتطلب، فماذا يمنع أن تطمع في خصب العيش ونضارة الحياة ووفرة الخير والاستراحة من هذا الهم؟! ولن تحتاج إلى تكلف التحبب إلى مثل نسيم؛ فإنه محبب إلى القلوب.
وخطر للأستاذ حليم أنه قد يستطيع أن يمتحن مروءة نسيم، ورحابة نفسه، وسعة عقله، ومبلغ استعداده للتسامح والإنصاف، فيقص عليه قصة محاسن معزوة إلى غيرها، ثم ينظر وقعها في نفسه؛ فإذا ساء الوقع ظل على ما أشار به عليها من الكتمان، وإذا رآه يتلقى الأمر بصدر واسع وإدراك صحيح، كان لا بأس مما تذهب إليه محاسن من المصارحة، في أوانها. غير أن هذا يتطلب أن يعرفه أولا، وأن يخالطه زمنا متريثا متربصا؛ فما يعقل أن يروي له الخبر في أول لقاء لهما.
وصار السؤال: هل ترضى محاسن أن تمهد له هذا التمهيد، وأن تدعه يمضي في هذه التجربة؟
Bilinmeyen sayfa