المقالة الرابعة
1
[aphorism]
قال أبقراط: ينبغي أن تسقى الحامل الدواء إذا كانت الأخلاط في بدنها هائجة منذ يأتي على الجنين أربعة أشهر وإلى أن يأتي عليه سبعة أشهر ويكون * التقدم (1) على هذا أقل، فأما ما كان أصغر من ذلك أو أكثر منه فينبغي أن يتوقى عليه.
[commentary]
PageVW0P050B قال * الشارح (2) : علمنا أبقراط أنواع العلاج ولم يهمل شيئا منه. فقال لا ينبغي أن تسقى الحامل الدواء من قبل أربعة أشهر وأمر أن لا تفصد أيضا، لأنها إن * فصدت (3) أسقطت وخاصة إن كان طفلها قد عظم وقد مثلوا الجنين في بطن أمه بالثمرة في الشجرة ففي ابتداء حملها تكون صغيرة وارتباطها * ضعيف (4) فمن أدنى سبب تسقط. وذلك * شاهد (5) بالحس عند هبوب الرياح فترمي الثمار في بدء الحمل وبعد السابع يكون قد كمل * الجنين (6) وطلب الخروج لنفسه PageVW1P034B فبأدنى سبب * يسقط (7) ، وفيما بينهما يكون قويا ورباطاته * قوية (8) وهو على غاية القوة. وقوله «ويكون التقدم على هذا أقل» معناه ترك المسهل في هذه الأيام المحدودة الموصوفة أقل. فإن كان لا بد من سقي * المسهل (9) فيكون بعد الرابع إلى السابع وبعد ذلك يمنع. وليكن * المسهل (10) * مزلقا (11) بغير قوة جاذبة كفلوس الخيار شنبر وما أشبهه. * فمتى (12) كان بقوة جاذبة * دفع (13) * دفعا (14) عنيفا وساعدته القوة الدافعة فتسقط الجنين ويخاف عليه وعلى أمه. فينبغي أن تجتنب الأدوية المسهلة مهما أمكن.
2
[aphorism]
قال أبقراط: إنما ينبغي أن * يسقى (15) من الدواء ما يستفرغ من البدن النوع الذي إذا استفرغ من تلقاء نفسه نفع PageVW0P051A استفراغه، فأما ما كان استفراغه على خلاف ذلك فينبغي أن تقطعه.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل قد كرره في عدة مواضع بمعنى متفق ولفظ مختلف، فلا حاجة إلى شرحه. وزاد فيه فقال «النوع الذي إذا استفرغ من تلقاء نفسه نفع استفراغه». ومعنى هذا الكلام: كلما يستغرغ من البدن من النوع الذي يجب استفراغه فهو محمود سواء كان من فعل الطبيعة أو فعل الطبيب، وإن كان من غير النوع الذي يجب استفراغه فهو مذموم.
3
[aphorism]
missing
[commentary]
missing
4
[aphorism]
قال أبقراط: ينبغى أن يكون ما يستعمل من الاستفراغ بالدواء في الصيف من فوق أكثر وفي الشتاء من أسفل؛ بعد طلوع الشعرى * العبور (16) وفي وقت طلوعها وقبله يعسر الاستفراغ بالأدوية.
[commentary]
قال الشارح: وهذا الفصل أيضا يعلمنا فيه أنواع العلاج فقال كل * جزء (17) من فصول السنة * له (18) استفراغ يخصه. ففي الصيف الاستفراغ من فوق أولى لرقة الأخلاط وذوبانها وطلبها للعلو فهي تطفو على فم المعدة كما نرى ذلك بالمشاهدة عند غليان القدور فالرقيق يطلب العلو والكدر يطلب الانحدار إلى الأسفل. وفي الشتاء يكون الاستفراغ من أسفل PageVW0P051B أولى لغلظ الأخلاط وكثافتها وطلبها * الانحدار (19) إلى أسفل. وقد * تقدم (20) أن كل فصل يولد بطبعه فالصيف * للصفراء (21) والشتاء * للبلغم (22) والخريف * للسوداء (23) والربيع * للدم (24) . وقد قال أبقراط وقيأنا في الصيف لأن الفضول تطفو وأسهلنا في الشتاء لأن الفضول ترسب. وقوله «بعد طلوع الشعرى العبور وفي وقت طلوعها» هذه الشعرى العبور هي اليمانية ويقال لها نجم الكلب والحر يقوى قبل طلوعها بمدة عشرين * يوما (25) وكذلك عند طلوعها، PageVW1P035A فإن * طلوعها (26) يكون في منتصف تموز وقيل لعشر مضين من آب. وهذا أمر يرجع فيه إلى أصحاب * النجامة (27) ، ومراد أبقراط بهذا * أن (28) يعرفنا شدة صميم الحر. وقد قيل إن هذا الكوكب يسخن الجو به، وهذا ليس بصحيح ولكن شدة الحر تكون من مسامتة الشمس للرؤوس. وإنما نهى أبقراط عن شرب المسهل في قوة الحر لذوبان الأخلاط وضعف الأبدان وحرارة الدواء المسهل لئلا يجتمع على البدن حر الفصل وتفتيح المسام وضعف البدن وحرارة الدواء المسهل. ووجه آخر وذلك أن المواد لرقتها تندفع إلى ظاهر البدن بتفتيح المسام والأودية تميلها إلى داخل البدن فتقع بين الطبيعة والدواء منازعة يدخل منها الضرر على الأبدان .
5
[aphorism]
with 4
[commentary]
with 4
6
[aphorism]
PageVW0P052A قال أبقراط: من كان قضيف البدن وكان القيء يسهل عليه فاجعل استفراغك إياه بالدواء من فوق وتوق أن تفعل ذلك في الشتاء.
[commentary]
قال الشارح: إنما أمر أبقراط بهذا لأن القضيف البدن تكون أخلاطه رقيقة مرية مؤاتيه للخروج وأكثر ما يتولد في بدنه الصفراء فإذا كان القيء يسهل عليه فينبغي أن يغتنم هذا لأنه ينقي البدن بلا عنف ولاخيفة من غائلة دواء مسهل. فقد قال أبقراط من كان صحيح * البدن (29) فاستعمال الدواء فيه يعسر. وقوله «وتوق أن يفعل ذلك في الشتاء» فإن الصيف تكون الأخلاط فيه رقيقة ويكون الصدر والعروق والعضل والرباطات فيه مسترخية مؤاتية مساعدة على القيء، وفي الشتاء بالعكس تصلب الأعضاء المذكورة وتغلظ المواد والفضل وتسرع إلى أعماق أبدانهم نكاية الهواء لقلة اللحم عليهم وتكون عروقهم أسرع انصداعا، ولهذا يحذر القيء في من كان قضيف البدن ضيق الصدر ناتي الحنجرة مجنح الأكتاف. وصاحب هذه العلامات يكون مستعدا للوقوع في السل.
7
[aphorism]
قال أبقراط: فأما من كان يعسر عليه القيء وكان من حسن اللحم على حالة متوسطة PageVW0P052B فاجعل استفراغك إياه بالدواء من أسفل وتوق أن تفعل ذلك في الصيف.
[commentary]
قال الشارح: كل هذا تعليم من أبقراط لنا في سائر أنواع العلاج من ذلك قوله «من كان متوسطا بين العبالة والقضافة وكان القيء يعسر عليه فينبغي أن يكون استفراغك إياه بالدواء من أسفل»، لأن الإسهال ينبغي أن يكون خروجه بغير عنف PageVW1P035B ولا كد مهما أمكن، فالذي يعسر عليه القيء ويكون متوسطا بين العبالة والقضافة تكون أخلاطه أيضا متوسطة بين الغلظ والرقة فيكون خروجها أعسر من الرقيقة فلا تنطاع للخروج كما يجب فيتأذى الصدر وآلات التنفس فتؤول أمره إلى الضرر فينبغي أن يستفرغ من أسفل لأن ميل المواد إلى أسفل أكثر من ميلها إلى فوق. وقوله في الفصل الأول «من كان قضيف البدن وكان القيء يسهل عليه فاجعل استفراغك إياه بالدواء من فوق وتوق أن تفعل ذلك في الشتاء» لأن الأخلاط تطلب الانحدار لثقلها بالغلظ. وقال هاهنا «اجعل استفراغك إياه بالدواء من أسفل وتوق أن تفعل ذلك في الصيف» لئلا تنعكس المواد فيحصل الضرر ويلزم من ذلك المحذور * الهارب (30) منه.
8
[aphorism]
قال أبقراط: * فأما (31) أصحاب السل فإذا PageVW0P053A استفرغتهم بالدواء فاحذر أن تستفرغهم من فوق.
[commentary]
قال الشارح: هذا القول منه يريد به المستعدين للسل كما تقدم في العلائم المذكورة * في (32) من كانت به كان مستعدا للسل، فإذا * قيء (33) من كان بهذه * العلامات (34) المذكورة * تنصدع (35) العروق التي في صدره ورئته وتضعف آلات الصدر منه فتتعجل بالوقوف فيه. ولم يرد * الذين (36) وقعوا فيه، فإن المسلولين لا ينبغي أن يقوا أصلا ولا * يسهلوا (37) إلا عند الضرورة ويكون دواء مرطبا * مزلقا (38) بغير قوة جاذبة كالفلوس والشيرخشك والترتجبن وأشباههما.
9
[aphorism]
قال أبقراط: وأما من كان الغالب عليه المرة السوداء فينبغي أن تستفرغه * إياها (39) من أسفل بدواء أغلظ إذ يضيف الضدين إلى قياس واحد.
[commentary]
قال الشارح: أمرنا أن نعالج الأمراض التي أخلاطها رقيقة بالدواء من فوق في الأكثر، وأمرنا أن نعالج الأمراض التي أخلاطها غليظة بالدواء من أسفل والخلط السوداوي أغلظ الأخلاط وأقلها وجودا في البدن * فلغلظها (40) ينبغي أن تستفرغ من أسفل، لأن الغليظ * الثقيل (41) يطلب الانحدار ويميل إليه فينبغي أن يستفرغ * الخلط (42) من الجهة التي مال إليها. وليكن PageVW0P053B الاستفراغ له في دفعات غير واحدة، فإنه متى استفرغ في دفعة واحدة * ينبغي (43) أن يكون ذلك الدواء في غاية القوة، وإلا لم يستفرغه؛ ومتى كان شديد القوة يخاف من غائلته فليكن الاستفراغ بالتدريج لينقى البدن ولا تضعف القوة.
10
[aphorism]
قال أبقراط: ينبغي أن يستعمل دواء الاستفراغ PageVW1P036A في الأمراض الحادة جدا إذا كانت الأخلاط * هائجة (44) منذ أول يوم فإن تأخيره في مثل هذه الأمراض رديء.
[commentary]
قال الشارح: أدوية الاستفراغ تنقسم إلى * قسمين (45) مقيئة ومسهلة. فإن لم يعجل بهما في الأمراض الحادة جدا وهي * التي (46) لا يتجاوز بحرانها الرابع والسابع وقع * الضرر (47) ، فإن مثل هذه الأمراض تكون الأخلاط * فيها (48) هائجة جدا. وقد ذكر هذا فيما تقدم من قوله «ما دام المرض في ابتدائه فإن رأيت أن تحرك شيئا فحرك (ii. 29)». وهاهنا أكد القول وجزم به جزما * أن (49) تأخيره رديء، وذلك لهيجان الأخلاط في جميع البدن وانصبابها من عضو إلى عضو ومن الأعالي إلى الأسافل. فإذا كانت بهذه الحال فتكون مساعدة لك على الخروج بغير استعصاء بل طوعا، * وقصد (50) بذلك أحد * أمرين (51) خيفة على القوة أن تضعف إلى وقت منتهى المرض لأن الحمى تتوقد * وتتلهب (52) إلى غاية ما يكون فيخاف من PageVW0P054A سقي الأدوية المسهلة * لحرارتها (53) فتزيد التلهب والقلق والكرب * أو (54) يلحق بالأعضاء الرئيسة فتعظم الآفة ويشتد الألم. والقدماء فما * منعوا (55) من تأخير الإسهال * لكون (56) لم يكن لهم في ذلك الزمان أدوية كهذه الأدوية التي في هذا الزمان لأن أدويتهم كانت مفردة شديدة الحرارة، * وكانوا (57) يخافون أن يجمعوا على الأبدان حرارتين شديدتين حرارة الحمى وحرارة الدواء المسهل وإسخانه.
11
[aphorism]
قال أبقراط: من كان به مغس وأوجاع حول * السرة (58) وثقل في * الركبتين (59) ووجع في القطن دائم لا ينحل بدواء مسهل ولا بغيره فإن أمره يؤول إلى الاستسقاء اليابس.
[commentary]
قال الشارح: المغس له أسباب ثلاثة كل واحد منها سببه غير الآخر. وذلك * أنه (60) * يكون (61) من مرة صفراوية لذاعة أو من ريح غليظة تمدد وتشبثك. وأما من خلط ني يجتمع فالصفراء تعالج بما يقمع ويبرد ويرطب والريح تمدد * فتعالج (62) بما ينضج ويحلل كالكماد المسخن أو بالحقن اللينة. * وأبقراط (63) عنى بالمغس في هذا الموضع ما يكون عن خلط بلغمي ني، فإنه إن لم يستفرغ آل أمره إلى الاستسقاء الطبلي لأن ذلك البلغم الخام الني الفج يبرد مزاج الكبد فلا يطبخ الغذاء، * ومن (64) أجل ضعف الطبخ تتولد * أرواح (65) غليظة توجب انتفاحا في البطن كإدخال PageVW0P054B الهواء في الزق، وإذا دام ضعف الطبخ أكثر * آل (66) أمره إلى حال PageVW1P036B فاسد. وقال إن كان المغس حول السرة ومعه وجع في القطن وثقل في الركبتين ولا ينحل لا بالدواء * المسهل (67) ولا بالحقن اللينة ولا بالكماد المسخن، دل على أن في لفائف المعاء رطوبة غليطة؛ وإذا لم ينحل شيء مما ذكرنا، دل على * أن (68) الآفة قوية وأن كل ما يرد عليها من الغذاء تحيله إلى جوهرها فتتولد عن ذلك ريح غليطة ويؤول الأمر بعد ذلك إلى الاستسقاء اليابس لأنه لا مادة معه والدليل على المزاج الريء الإحساس بالوجع في القطن وحول السرة لكونه في لفائف المعاء المعروف بقولون. وقال * حنين (69) المغس الذي يؤول أمره إلى الاستسقاء اليابس هو من بلغم خام يجتمع في طبقات المعاء وهو بلغم ني يسد مجاري الكبد ويضعفها ويبردها ويسوء مزاجها فيحدث بسببه الاستسقاء. وقال ابن أبي صادق كان الأولى به أن يبين لم حدث الاستسقاء الطبلي * من (70) دون الزقي فإن العلة التي ذكرها كانت بحدوث الزقي أولى.
12
[aphorism]
قال أبقراط: من كان به زلق الأمعاء في الشتاء فاستفراغه أياه بالدواء من فوق رديء.
[commentary]
قال الشارح: زلق الأمعاء هو أن يخرج ما يتناوله الإنسان كما أكله لم يتغير ويحدث من قبل ضعف القوة الماسكة في الغاية أو من قبل PageVW0P055A سوء مزاج بارد رطب أو من قبل أن القوة الدافعة تدفع أكثر مما ينبغي. وذلك يكون في المعاء المقرحة من قوة الألم لأن الطعام يلذع القروح فتحتاج القوة الدافعة * أن (71) تدفعه بسرعة لما يحدث لها من الألم. هذه * هي (72) أسباب * الزلق (73) لا غير. وهذه جميعها استفراغها في الشتاء رديء من فوق، لأن زلق الأمعاء إذا كان من بثور حادثة بسطح المعدة أو المعاء فيكون سببها مواد حادة لذاعة كما يحدث في القلاع. فإذا استفرغت عكست المادة من أسفل إلى فوق فأضعفت المعدة * والمعاء (74) * وأنهكتها (75) وجردتها. وإن كان من ضعف القوة الماسكة التي * فيهما (76) أضرتها إضرارا قويا بحركة القيء المزعج لها، ومع هذا القيء في فصل الشتاء في جميع الأمراض رديء وفي الزلق أردأ. وإن كان سببه ضعف * القوة (77) الدافعة فالشتاء بارد رطب ومزاجها أميل إلي البرد والرطوبة فتكون مستقرة والحركة مضرة بها غاية الضرر وحركة القيء عنيفة، فيؤول أمرها إلى الهلاك. وقد تقدم القول لا ينبغي استعمال القيء في فصل الشتاء في جميع الأمراض لغلظ المواد PageVW1P037A وجمودها وسكون الأخلاط وللحركة المزعجة للأعضاء.
13
[aphorism]
قال أبقراط: من احتاج إلى أن يسقى الخربق وكان استفراغه من فوق لا يؤاتيه بسهولة فينبغي أن يرطب PageVW0P055B بدنه * من (78) قبل إسقائه إياه بغذاء أكثر وبراحة.
[commentary]
قال الشارح: إنما خص أبقراط الخربق من دون الأدوية كلها لأنه كان يسقى في زمانه * الخربق (79) ، والخربق نوعان أبيض وأسود فالأبيض من يختص بالاستفراغ من فوق والأسود يختص بالاستفراغ من أسفل. فقال من كان يعسر عليه القيء ولا يقدر عليه واحتاج إلى ما يقيئه من الأدوية المقيئة كالخربق وغيره. فينبغي لنا * أن (80) نرطب بدنه قبل إسقائه * إياه (81) بالأغذية المرطبة كالأمراق الدسمة والاستحمام بالماء العذب ونأمرة بالدعة والسكون، لأن الخربق * يسهل (82) بعنف. ولا ينبغي أن * يسقى (83) لمن بدنه قوي ثابت معتدل بين القضافة السمن وليكن إلى العبالة أميل لأنه يقيئ الأخلاط الغليظة فإذا ترطب البدن بالأدهان والأمراق والاستحمام بالماء العذب وبالراحة سمح بما عنده من الأخلاط وجاد بها، ويؤمن بعد ذلك على شاربه من الخوف والحذر.
14
[aphorism]
قال أبقراط: إذا سقيت إنسانا خربقا فليكن قصدك لتحريك بدنه أكثر ولتنويمه وتسكينه أقل، وقد يدل ركوب السفن على أن الحركة تثور الأبدان.
[commentary]
قال الشارح: من عادة الحكماء عند سقي الأدوية المسهلة أن يأمروا لشاربها من بعد شربها بأمر يسير أن يتحركوا حركة معتدلة لأن PageVW0P056A الحركة تثير الأخلاط وتحركها وتهيجها للاندفاع والنوم يسكن الأخلاط ويهضمها فلا يبقى في شربها فأيده لأن الحاجة إلى شرب المسهل هو نقاء البدن بخروج الأخلاط منه واستدل على أن الحركة تثور الأخلاط ما يظهر للحس * لراكبين (84) البحر من القيء والإسهال. وقال بعضهم يعرض ذلك من الحركة. وقال آخرون هو من رائحة البحر والدليل على أنه من ركوب البحر ما يشاهد من راكبي السفن الصغار في الماء الحلو لمن لم يكن معتادا بركوبه فإنه يرى كأن الدنيا * تدور (85) وكذلك يعرض * لمن (86) يركب الجمل ولم يكن معتادا بركوبه فهذا دليل على أن الحركة بنفسها تثور الأبدان.
15
[aphorism]
قال أبقراط: إذا أردت أن يكون استفراغ الخربق أكثر فحرك البدن وإذا أردت أن تسكنه فنوم الشارب له ولا تحركه.
[commentary]
قال الشارح: الحركة المعتدلة * تحرك (87) PageVW1P037B الأخلاط * وتثورها (88) وتعينها على الخروج، والحركة الخارجة عن الاعتدال تجفف * الأبدان (89) وتحللها وتزيدها جفافا وتجذبها إلى ظاهر البدن فيقل الاستفراغ، والسكون يفعل ضد ذلك. والنوم يقطع الدواء المسهل لأنه يعكس الحار إلى * داخل (90) فيعين على هضم الدواء وينقطع عمله. ولهذا قال * «وإذا (91) أردت أن PageVW0P056B تسكنه فنوم الشارب له ولا تحركه».
16
[aphorism]
قال أبقراط: شرب الخربق خطر لمن * كان (92) لحمه * صحيحا (93) ، وذلك أنه يحدث تشنجا.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل شبيه بالفصل المتقدم وهو قوله «من كان بدنه صحيحا فاستعمال الدواء فيه يعسر (ii. 37)» إلا أن هذا بين ما يحدث فيه من الضرر وأوضحه. فإن الدواء المسهل إذا ورد على البدن ولم يجد خلطا يجب خروجه، أخرج الأخلاط الصالحة * التي (94) ليس لخروجها فائدة وجذب الرطوبات الأصلية وإخراجها * فحدث (95) التشنج.
17
[aphorism]
قال أبقراط: من لم تكن به حمى وكان به امتناع من الطعام ونخس في الفؤاد * وسدر (96) ومرارة في الفم فذلك يدل على * استفراغه (97) بالدواء من فوق.
[commentary]
قال الشراح: كان غرض أبقراط في هذا الفصل أن يعرفنا من أي طريق يجب الاستفراغ فأرانا علائم تستدل بها على ذلك فقال من لم تكن به حمى وعرض له عدم شهوة ولذع في فم المعدة وظلمة في البصر ومرارة في الفم فيجب أن يكون استفراغه بالدواء من فوق. وذلك لانصباب الصفراء إلى المعدة وامتلائها بها.
18
[aphorism]
قال أبقراط: الأوجاع التي فوق الحجاب تدل على الاستفراغ بالدواء من فوق، والأوجاع التي من * أسفل (98) الحجاب تدل على الاستفراغ بالدواء من PageVW0P057A أسفل.
[commentary]
قال الشارح: عنى بالأوجاع العلل التي فوق الحجاب الأمراض التي يحتاج فيها إلى * الاستفراغ (99) . فقال قوم إنه عنى بذلك من فوق المعدة إلى الرأس ومن تحت المعدة إلى أسافل البدن. وقال قوم إنه عنى بالتي فوق الحجاب فم المعدة والمريء فقال الاستفراغ من فوق واجب ليأخذ من أقرب الطرق وقالوا * إن (100) أبقراط لم * يعن (101) بفوق * وأسفل (102) جهتي البدن. وقد شكك الرازي على هذا فقال إن أوجاع المفاصل وعرق النسا * القيء (103) أوفق * لهم (104) وهذه المواضع في * أسافل (105) البدن والإسهال في * الصداع (106) والرمد وأوجاع الحلق أنفع * لهم (107) من القيء. وهذا * يضد (108) ما قاله أبقراط. وقالوا إن أبقراط لم PageVW1P038A يعن * بفوق (109) وأسفل * سوى (110) المعدة فلا يرد هذا * عليه (111) .
19
[aphorism]
قال أبقراط: من شرب دواء الاستفراغ * فاستفرغ (112) ولم يعطش فليس ينقطع عنه دواء الاستفراغ حتى يعطش.
[commentary]
قال الشارح: العطش له أسباب إذا وجدت لا يكون لقطع الدواء بها تعلق. وذلك أن العطش يكون إما لحرارة الدواء أو لحرارة المعدة ويبسها أو لانصباب خلط لذاع مراري ينصب إليها. وهذه الأسباب لا توجب النقاء من الأخلاط بل إذا وقع النقاء يكون الدواء قد استفرغ الأخلاط وجذب PageVW0P057B الرطوبات إلى فم المعدة وأحدر عنها فاقطعت البلة فيبست المعدة فحدث العطش فهذا العطش الذي عنى به أبقراط.
20
[aphorism]
قال أبقراط: من لم يكن به حمى وأصابه مغس وثقل في الركبتين ووجع في القطن فذلك يدل على أنه يحتاج إلى الاستفراغ بالدواء من أسفل.
[commentary]
قال الشارح: هذا يدل على زيادة كمية * الخلط (113) في البدن وميل المادة نحو الأسفل. والسبب الموجب ليس مرار * لاذع (114) بل * خلط (115) فج ني فينبغي أن يقدم النضج في هذا المرض ثم يسهل بعد ذلك. فلو كان ثم حمى اقتنع بها عن النضج. وميل المادة إلى أسفل يدل على أنها مادة غليظة فجة غير نضيجة.
21
[aphorism]
قال أبقراط: البراز الأسود الشبيه بالدم الآتي من تلقاء نفسه كان مع حمى أو غير حمى فهو من أردأ العلامات، وكلما كانت الألوان في البراز أردأ كانت تلك العلامات أردأ، فإذا كان ذلك مع شرب دواء كانت العلامات أحمد، وكلما كانت الألوان أكثر كان ذلك أبعد من الرداءة.
[commentary]
قال الشارح: البراز الأسود يكون إما عكر الدم أو خلط سوداوي محترق عن الدم. وخروج مثل هذا يكون إما لرداءته * بنفسه (116) فلا تقدر الأمعاء على مسكه أو من ضعف القوة الماسكة التي في الكبد أو من ضعف الطحال فلا نجتذب به لضعفه أو PageVW0P058A * لفساد (117) * كيفيته (118) أو زيادة كميته فيخرج من تلقاء نفسه. وهذه جميعها أسباب رديئة. * وإن (119) خرج في ابتداء المرض كان رديئا * إلى (120) غاية ما يكون لأنه لا يخلو إما أن يكون عكر الدم أو خلط سوداوي فإن كان من * عكر (121) فخروجه رديء في الابتداء لأن الطبيعة لا تسمح بخروج الدم * إلا (122) إذا لم يبق في البدن خلط لعنايتها به وشحها عليه. وإن كان * سوداء (123) فالخلط السوداوي PageVW1P038B أقل الأخلاط في البدن وأغلظها فإذا خرج في الابتداء يكون ذلك عن ضعف الطبيعة والقوى الطبيعية. وقد بقي هاهنا اعتراض على أبقراط وهو قوله «خروج الدم من فوق كيف كان علامة رديئة، وخروجه من أسفل علامة جيدة وخصوصا إذا خرج منه شيء أسود (iv. 25)»، ويقول هاهنا «البراز الأسود الشبيه بالدم الآتي من تلقاء نفسه كان مع حمى أو مع غير حمى فهو من أردأ العلامات». وهذا تناقض بين قوليه. وأما إن خرج ذلك في يوم باحوري ووجد البدن بعقبه خفا راحة فهو محمود.
22
[aphorism]
قال أبقراط: أي مرض خرجت في ابتدائه المرة السوداء من أسفل أو من * فوق (124) فذلك * منه (125) علامة دالة على الموت.
[commentary]
قال الشارح: قد تقرر أن المرة السوداء أغلظ الأخلاط وأقلها. فمتى خرحت في ابتداء PageVW0P058B المرض يدل على ضعف القوة أو رداءة * الخلط (126) وفساد كيفيته لأن خروج الأخلاط واندفاعها عن البدن * ينبغي (127) أن يكون بعد نضجها وتمييزها وأن يكون * خروجه (128) في يوم باحوري. فإذا خرج في ابتداء المرض يكون قد خرج من غير نضج لأن المرة * السوداء (129) أعسر الأخلاط تحللا وأبطأها نضجا * وفي (130) شرب المسهلات لا تخرج إلا بعد الأخلاط * العفنية (131) ويكون خروجها بعد تعب من القوة وكد. فإذا خرجت في ابتداء المرض يكون ذلك لآفة عظيمة فتدل على الموت.
23
[aphorism]
قال أبقراط: من كان قد أنهكه * مرض (132) * حاد (133) أو * مرض (134) مزمن أو إسقاط أو غير ذلك ثم خرجت منه مرة * سوداء (135) أو بمنزلة الدم الأسود فإنه يموت من غد ذلك اليوم.
[commentary]
قال الشارح: خروج الدم أو المرة السوداء عقيب البدن المنهوك الذي قد آل حاله إلى الهلاك أردأ ما يكون لأنه لم يخرج إلا وقد * قارب (136) سقوط القوة لأن الطبيعة لا تسمح بالدم إلا في آخر الأخلاط إذا لم يبق في البدن من الأخلاط شيء خرج الدم أو المرة السوداء لانحلال القوة وانخزالها. ومن كان قد أنهكه المرض الحاد أو المرض المزمن وخرج في آخره أحد هذين الخلطين فواجب أن لا يتأخر موته عن يوم واحد. والفرق PageVW0P059A بين الدم والسوداء جمود * الدم (137) وبقاء الخلط السوداوي على حاله والمرة السوداء يكون لها بريق * وغليان (138) وينفر الدباب عنها.
24
[aphorism]
قال أبقراط: اختلاف الدم إذا كان ابتداؤه من المرة السوداء فتلك من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: PageVW1P039A إن ابتداء الاختلاف * أريد (139) به سحج الأمعاء فهو قتال. وذلك لأن قروح الأمعاء متى ابتدأت من المرة السوداء تكون القرحة سرطانية والقروح السرطانية قل أن تبرأ الرداءة الخلط الحادثة عنه لأنه عسر البرء لغلظه وتعفنه وفساد كيفيته ورداءة مزاجه. * وحيث (140) ابتدأ عن هذا الخلط * فهاهنا (141) يؤول إلى الموت.
25
[aphorism]
قال أبقراط: خروج الدم من فوق كيف كان * هو (142) علامة رديئة وخروجه من أسفل علامة جيدة وخصوصا إذا خرج معه شيء أسود.
[commentary]
قال الشارح: خروج الدم من فوق خروج لم تألفه الطبيعة ولا اعتادت به، وخروجه من أسفل شيء لم تنفر الطبيعة منه. فإن أراد بخروجه من فوق قيء أو نفث فهو صحيح. وظاهر الحال أنه لم يرد به سوى ذلك لأن الرعاف أمر غير منكر والطبيعة تعتاده تألفه. وقيء الدم يكون من الصدر PageVW0P059B أو من الرئة * وكذلك (143) نفثه وهذان رديئان لأنه أمر يؤدي إلى القرحة وفي أيهما كانت فهو رديء بل الصدر أسلم من الرئة. وأما خروجه من أسفل فيكون * منه (144) * أشياء (145) خطره لكن قوله * أمر (146) نسبي يعني خروجه من أسفل بالنسبة إلى خروجه من فوق محمود، فإذا كان أمر نسبي كان الحكم على الأكثر. * وخروج (147) * الذوسنطاريا (148) من أسفل قتال والسحج السوداء قتال وأمراض كبيرة قتالة.
26
[aphorism]
قال أبقراط: من كان به اختلاف دم فخرج منه شيء شبيه بقطع اللحم فتلك من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: اختلاف الدم يكون إما من الكبد وإما من المعاء. فإن كان من الكبد فهو قتال لا حاجة إلى الكلام فيه لما تقرر أن الإسهال الكبدي يكون قتالا. وإن كان من المعاء فيندفع منه أولا * فأولا (149) . فإذا آل أمره إلى أن يخرج منه شيء شبيه بقطع اللحم فذلك مميت لأن المعاء ينجرد جردا لا يرجئ معه سلامة وتكون القرحة التي في المعاء قد آل بها التأكل الذي لا برء معه.
27
[aphorism]
قال أبقراط: من انفجر منه دم كثير من أي موضع كان انفجاره فإنه عندما ينقى فيغذى يلين بطنه * بأكثر (150) من المقدار.
[commentary]
قال الشارح: انفجار كثير * الدم (151) يضعف * الحار (152) الغريزي إلى غاية. PageVW0P060A * وإذا (153) ضعف الحار الغريزي ضعف الهضم إلى غاية ما يكون. وإذا ضعف الهضم انهضم الغذاء على غير الاستواء فينزل * الفضل (154) وهو خام غير PageVW1P039B * نضيج (155) فيلين البطن لأن الحرارة لا تعقد البراز فينزل رقيقا كثيرا متشتتا فينبغي أن يعتني بقوة الكبد وبقوة الحار الغريزي * لئلا (156) يؤول أمره إلى فساد.
28
[aphorism]
قال أبقراط: من كان به اختلاف مرار فأصابه صمم انقطع * عنه (157) ذلك الاختلاف ومن كان به صمم فحدث * له (158) اختلاف مرار ذهب عنه الصمم.
[commentary]
قال الشارح: عنى بالصمم * ما (159) يكون عرضيا لا ذاتيا لأن الصمم إن كان من أصل الخلقة لا يتغير وإن كان * عارضا (160) بسبب ميل المادة * المرارية (161) إلى أعالي البدن فذلك يزول عند حدوث الاختلاف لأجل انعكاس المادة وطلبها الانحدار إلى أسفل.
29
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابه في الحمى في اليوم السادس من مرضه نافض فإن بحرانه نكون نكدا.
[commentary]
قال الشارح: النافض يكون من عدة أسباب إما من داخل وإما من خارج. أما من * خارج (162) فمثل برد الهواء والإطالة في الماء البارد. وأما من داخل فمن خلط مراري ينصب على الأعضاء الحساسة * كمن (163) دخل الحمام وقلب الماء الحار عليه فوجد PageVW0P060B نافضا. وأما من خلط * بارد (164) فيقشعر له البدن ومنها النافض * الذي (165) يحدث عقيب الحميات بسبب خروج المادة المحتبسة من أعماق البدن إلى خارجه. وذلك يكون * على (166) سبيل البحران وقوة الطبيعية. فإن كان في يوم باحوري دل على قوة الطبيع وأنها قد فعلت الواجب * فوقع (167) الشيء في واجبه. وإن كان في غير يوم باحوري دل على قصور من الطبيعة وأنها لم تأت بالشيء في واجبه. فكان البحران نكدا لكونه لم يقع في * واجبه (168) فاليوم السادس والثالث والخامس من الأيام * التي (169) يكون بحرانها منذرا بالخلاص لكن مع عسر ونكد.
30
[aphorism]
قال أبقراط: من كانت لحماه نوائب ففي أي ساعة كان تركها له إذا كان أخذها له من غد في تلك الساعة بعينها فبحرانه يكون عسرا.
[commentary]
قال الشارح: الحمى * اللازمة (170) لدور واحد في ساعة * واحدة (171) تكون عسرة الانقضاء بطيئة الزوال لأنها إذا جاءت في وقت معلوم لا يتقدم ولا يتأخر دل على خلط غليظ بطيء النضج عسر التحلل لا تقدر الطبيعة أن تتصرف فيه ولا تأثر * فيه (172) أثرا لإبطاء * نضجه (173) وعسر تحلله فهو يأخذ في ساعة معينة معروفة. وأما إذا تقدمت النوبة وتأخرت ولا يلزم لنظام * واحد (174) دل على أن الطبيعة قادرة على * التصرف (175) PageVW1P040A فيها حاكمة عليها فتكون مدتها قصيرة PageVW0P061A * وهذا (176) مما يشاهد بالتجربة والعيان.
31
[aphorism]
قال أبقراط: صاحب الإعياء في الحمى أكثر ما يخرج به الخراج في مفاصله وإلى جانب * اللحيين (177) .
[commentary]
قال الشارح: انقضاء المرض وانحطاطه والنقاء منه يكون على وجهين: إما باستيلاء الطبيعة على * المرض (178) وقهرها له وذلك بالاستفراغ إما بالبول وإما بالبراز وإما بالعرق وإما بالرعاف. وهذا يكون إذا كان البحران * بحرانا (179) تاما كاملا. فإن كانت الطبيعة فيها قصور عن مقاومة المرض وكان البحران غير تام يدفع بالفضلة المودبة للمرض إلى بعض أعضاء البدن ويكون ذلك بأن يسترق موضعا * رخوا (180) فيرسل الفضلة إليه فيصير خراجا * ويجمع (181) وينفجر ويكون * ذلك (182) عن عجز من الطبيعة لأنها * لم (183) يتمكن من إخراجه ونفيه عن البدن.
32
[aphorism]
قال أبقراط: من انتشل من مرض * فكل (184) منه موضع من بدنه حدث به في ذلك الموضع خراج.
[commentary]
قال الشارح: إذا أفاق المريض من مرضه ووجد بعد أفاقته في بعض * أعضائه (185) كلالا فإن الطبيعة تسترق ذلك الموضع وتدفع إليه من الفضلة المتخلفة من عقيب المرض لاستيلاء الطبيعة على المرض * وقهرها (186) له ولكن ليس فيها من القوة أن تنفيها عن البدن ببعض PageVW0P061B الاستفراغات فترسلها إلى عضو من أعضاء البدن فتصير خراجا.
33
[aphorism]
قال أبقراط: وإن كان أيضا قد تقدم * بتعب (187) عضو من الأعضاء من قبل أن يمرض صاحبه ففي ذلك العضو يتمكن المرض.
[commentary]
قال الشارح: ذكر المفسرون أن هذه الفضول * الثلاثة (188) * تتقارب (189) معناها بعضها من بعض، وكان الأولى أن يجعلها فصلا واحدا منتظما وليس بينهما تفاوت إلا قبل وبعد، فقال متى تقدم المريض * بتعب (190) عضو أحس فيه تعب أو * كلال (191) . وذلك سبب * موجب (192) من حركة أو انصباب مادة فيكون ذلك العضو قد سخن بالحركة وسخف واتسع. وإن كان عن انصباب مادة فيكون قد ضعف، ومتى ضعف العضو ولحق البدن المرض كان ذلك العضو قابلا لانصباب المواد إليه على الوجهين. وسبب هذين الأمرين عند النقاء من المرض يختلف ما بقي من المادة وتنجلب إلى ذلك العضو.
34
[aphorism]
قال أبقراط: من اعترته حمى وليس في PageVW1P040B حلقه انتفاخ فعرض له اختناق بغتة * فذلك (193) من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: من البين أن الحمى حرارة مؤثرة في البدن غاية التأثير من الضرر. فإذا أعرضت للبدن وأضرت به ولم يكن في الحلق اننفاخ فعرض الاختناق بغتة، دل على أن الحمى شديدة إلى غاية وأنها قد حلت PageVW0P062A موادا كانت في بطون الدماغ فبحرارتها حلت تلك المواد ودفعتها إلى الحلق بغتة، ومن الضرورة تحتاج إلى * تنفس (194) أكثر لإخراج الأبخرة * الحارة (195) عن القلب وإدخال النسيم البارد إليه لئلا تتراكم الأبخرة * الحارة (196) على القلب فتخنقه. وذلك الورم الحاصل في الحلق هو المعروف بالخوانيق يمنع من إخراج * الهواء (197) الحار وإدخال النسيم البارد فتراكم الأبخرة * الحارة (198) على القلب فتخنقه وهو أكبر العلامات * الدالة (199) على الموت.
35
[aphorism]
قال أبقراط: من اعترته حمى فاعوجت معها رقبته وعسر عليه الازدراد حتى لا يقدر أن يزدرد إلا بكد من غير أن يظهر به انتفاخ فذلك من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم هذا القول في الفصل المتقدم أن ورم الحلق خطر إلى غاية ومع الحمى فالخطر أولى وأحرى. فإذا حصلت الحمى بحرارتها * فأوجب (200) * بسبب (201) الورم منع التنفس من إدخال النسيم البارد وإخراج البخار الحار وكان الانتفاخ الحاصل من الورم من داخل الحلق لا من * خارجه (202) . وأورام الحلق تنقسم إلى عدة ضروب منها ورم اللزتين وهما لحمتان زائدتان رخوتان في طرف الحلق عند أصل * اللسان (203) ومنها الورم الحاصل في عضل الحنجرة ومنها الورم الخارج عن الحلق لا في نفسه، وهذه جميعها PageVW0P062B تسمى خوانيق وذبحة وهي نوع من أنواعها. ومنها نوع يزول * معه (204) الفقار إلى * داخله (205) ، وذلك إذا كان الورم * يمدد (206) فقار العنق ويجذبه إلى داخل. وذكروا أن هذا يسمى خانوق * الكلب (207) وليس يبرأ إلا برد الفقار إلى موضعه وهو أشر ضروب الخوانيق.
36
[aphorism]
قال أبقراط: العرق يحمد في المحموم إن ابتدأ في اليوم الثالث أو في الخامس أو في السابع أو في التاسع أو في الحادي عشر أو في الرابع عشر أو في السابع * عشر (208) أو في العشرين أو في الرابع * والعشرين (209) أو في السابع والعشرين أو في الثلاثين أو في الرابع * والثلاثين (210) أو في السابع والثلاثين فإن العرق الذي يكون في هذه PageVW1P041A الأيام يكون به بحران الأمراض، وأما العرق الذي لا يكون في هذه * الأيام (211) فهو يدل على آفة أو على طول من * المرض (212) .
[commentary]
قال الشارح: ذكر الأيام التي تنذر * وتنقضي (213) بخير وعددها فابتدأ فيها باليوم الثالث دون الرابع لأنه ذكر الأمراض التابعة لحركات * القمر (214) في الأول * وابتدأ (215) بهذه لأجل حدة المرض يتقدم الرابع في اليوم الثالث للطف المادة ورقتها فيتقدم الثالث على الرابع فينذر بخير يأتي في الرابع، * وابتدأ (216) بعده بالخامس لأنه * يتقدم (217) السادس والسابع لحدة المرض وأن العرق للطف المادة * وحدة (218) المرض * يتقدم (219) الثالث على الرابع والخامس على السابع. وحصرها PageVW0P063A إلى السابع والثلاثين، ولم يصل بها إلى الأربعين لأن العرق لا يكون في الأمراض المزمنة إلا قليلا لأنه لو لا غلظ المادة لما تأخرت إلى الأربعين ولكان انقضى بحرانها من الرابع عشر إلى السابع عشر. وإذا تأخر إلى السابع * والثلاثين (220) يدل على غلظ المادة، ولأجل هذا حصرها في السابع والثلاثين. وقالوا * إن (221) الثالث والخامس أفراد، والتجربة تشهد بأن العرق لا يكون إلا فيها، والرابع لا يكون فيه إلا نادرا. هذا * رأيهم (222) ومذهبهم. والتجربة تشهد بأن الرابع أيضا ينقضي بعرق في * غالب (223) الأوقات. والعرق تقديمه * وتأخيره (224) * فأراه (225) بحسب المزاج والسن والبلد والفصل والتدبير وبميل المادة إلى جهة دون أخرى فلا ينبغي أن يحصر في الأيام.
37
[aphorism]
قال أبقراط: العرق البارد إذا كان مع حمى حادة دل على الموت، وإن كان مع * حمى (226) هادئة دل على طول من المرض.
[commentary]
قال الشارح: إنما كان قول أبقراط * بأن (227) العرق البارد في الحميات الحادة دليل * على (228) الموت لأن الحمى الشديدة التلهب إذا كان العرق فيها باردا فذلك دليل على * فجاجة (229) الخلط وانحصاره في أماكن ضيقة وأن الحرارة الغريزة عاجزة عن إنضاجه والطبيعة قاصرة عنه وأنه يكون قريبا إلى القلب * فبسبب (230) قربه إلى القلب تقوى PageVW0P063B الحمى وتشتد التهابها وبسبب * فجاجته (231) وعدم نضجه يكون العرق باردا. وقد قال أبقراط «إذا كان في حمى لا تفارق ظاهر البدن باردا وباطنه يحترق وبصاحب ذلك عطش * فتلك (232) من علامات الموت (iv. 48)». وقال * حنين (233) الحمى المسماة * لينوفوريا (234) يكون فيها قعر البدن شديد الحرارة وبشرته كالفاترة. وذلك بسبب غلظ الخلط المحدث لها ولزوجته لأن الحرارة لا * تنشر (235) من باطن البدن إلى ظاهره بسهولة PageVW1P041B لكنها تبقى في موضع العفونة محصورة محتقنة، وقوله «وإذا كان مع حمى هادئة دل على طول من المرض» لأن الحمى الفاترة لا تذيب البدن ولا تفعل الحمى الصالبة الشديدة * التلهب (236) والخلط المولد لها أيضا ني والحرارة الغريزية * مقصرة (237) عن * إنضاجه (238) فتطول مدة المرض.
38
[aphorism]
قال أبقراط: وحيث كان العرق من البدن فهو يدل على أن المرض في ذلك الموضع.
[commentary]
قال الشارح: العرق لا يخلو إما أن يكون شاملا للبدن أو * يختص (239) بموضع دون موضع. فإن كان شاملا للبدن كانت المادة مستحوذة على جميع البدن. وإن كان في موضع دون موضع فالموضع الذي يعرق تكون المادة منحصرة فيه وتقوى الطبيعة * والحار (240) على PageVW0P064A إذابة لطيفها فتخرج بالعرق. فإن * كانت (241) المادة لطيفة والقوة قوية كان العرق كثيرا. وإن كانت المادة غليظة والقوة مقصرة خرج اللطيف وبقي الكثيف.
39
[aphorism]
قال أبقراط: وأي موضع من البدن كان حارا أو باردا ففيه المرض.
[commentary]
قال الشارح : هذه الفصول قريبة * بعضها (242) من بعض وغرضه * أن (243) يعرفنا بمواضع المرض في البدن.
40
[aphorism]
قال أبقراط: وإذا كان يحدث في البدن كله تغايير وكان البدن يبرد مرة ثم يسخن أخرى أو يتلون بلون ثم بغيره دل ذلك على طول من * المرض (244) .
[commentary]
قال * الشارح (245) : * وهذه (246) الفصول يعرفنا فيها بمواضع * المرض (247) وبطوله وقصره. * فالعرق (248) يشترط فيه خمس شروط أولا أن يكون شاملا للبدن وأن يكون في يوم باحوري محمود * وأن (249) يكون * حارا (250) لا باردا وأن لا يختلف فيكون مرة حارا ومرة باردا وأن يجد البدن * بعقب (251) خروجه خفا وراحة. فإذا * كملت (252) هذه الشروط الخمس أنذر بالسلامة والعافية. وإن نقص أكثرها أو بعضها ينظر فإن كان النقص في * أكثرها (253) يدل على الموت، وإن نقص * في (254) الأقل يدل على طول من المرض.
41
[aphorism]
قال أبقراط: PageVW0P064B العرق الكثير الذي يكون بعد النوم من غير سبب بين يدل على أن صاحبه يحمل على بدنه من الغذاء أكثر مما يحتمل، فإن كان ذلك وهو لا ينال منه فاعلم أن بدنه يحتاج إلى * استفراغ (255) .
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل يطلق على الأصحاء والمرضى فالعرق الذي يكون بعد النوم من غير سبب بين. * والسبب (256) مثل أن يكون كثير الدثار * أو (257) مسكن قليل الهواء كثير PageVW1P042A الدفاء أو من هبوب الأهوية الشديدة الحرارة. فإذا لم يكن شيء من هذه فيكون من قبل * تحمل (258) معدته فوق الطاقة من تناول * الغذاء (259) . فإن لم يكن ذلك فيكون من قبل امتلاء متقادم وفضل مواد محتقنة في البدن فيحتاج بدنه إلى الاستفراغ. وإن لم يستفرغ بدنه يسرع إليه العفن وتحدث الحمى.
42
[aphorism]
قال أبقراط: العرق * الكثير (260) الذي يجري دائما حارا كان أو * باردا (261) فالبارد منه يدل على أن المرض أعظم والحار منه يدل على أن * المرض (262) أخف.
[commentary]
قال الشارح: العرق الكثير الذي يكون في مدة زمان المرض هو هذا العرق المذكور لا العرق الذي يكون في البحران. فإن عرق البحارين تقدم القول فيه، وهذا العرق لا يخلو إما أن يكون حارا أو باردا فالحار منه خير من البارد لأن الحار ينقضي فيه * زمان (263) المرض * سريعا (264) PageVW0P065A لنضج المادة ولطفها والبارد ينذر بطول * مدة (265) المرض لغلظ المادة وبطء نضجها وكلاهما تكون المادة فيهما كثيرة. ولهذا عنى بقوله * الكثير (266) لكثرة المادة.
43
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت الحمى غير مفارقة ثم كانت تشتد غبا فهي أعظم خطرا أو إذا كانت الحمى تفارق على أي وجه * كانت (267) فهي تدل على أنه لا خطر فيها.
[commentary]
قال الشارح: الحمى اللازمة للبدن * التي (268) لا تفارقه لا يزال البدن معها متعوبا مكدودا لا يستريح منها ولا تنهض قواه. فإذا اشتدت غبا أطبقت حمى على * حمى (269) فتنهك القوى وتكد * القوة (270) وتكل الأعضاء والحمى التي تفارق البدن ساعة * ما (271) ترجع قواه إليه وتصفو حواسه * ويتراجع (272) ذهنه وتقوى آلات الغذاء فيعطى في ذلك الوقت شيئا * من (273) اللطيف بقدر احتمال قوته فتقبل عليه المعدة والكبد وتهضمه وتسيغه فتتراجع بذلك قوته وتعود إلى حالها الطبيعي. فإذا عاودت يكون البدن قد استراح * ولا (274) تؤثر فيه ذلك الأثر. * ولهذا (275) يحكم بسلامة حمى الربع لأن تركها أكثر مدة من أخذها وبعدها الغب وأصعبها النائبة التي تنوب كل يوم وأصعب منها وأشد * خطرا (276) اللازمة التي لا تفارق كما ذكره في هذا الفصل.
44
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابته حمى PageVW0P065B طويلة فإنه يعرض له إما خراجات وإما كلال في مفاصله.
[commentary]
قال الشارح: الحميات المزمنة تكون عن مواد غليظة عسرة التحلل بطيئة * نضج (277) الأخلاط. فإذا قارب انقضاؤها وفرجها لا يكون يبقى الخلط ويفنيه عن البدن لغلظ مادتها بل * بأن (278) تسترق الطبيعة موضعا تدفعها إليه يكون في * أسافل (279) PageVW1P042B البدن أو * ضعيفا (280) قابلا لقبول الفضلات كالمفاصل فإنها لكثرة * حركاتها (281) وسخونتها بالحركة تتخلخل وتضعف وتتسع فتقبل انصباب المواد إليها وهي غليظة الكيموس فتعفن * وتصير (282) خراجات أو كلال في * المفاصل (283) تنذر * بالخراج (284) .
45
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابه خراج أو كلال في * المفاصل (285) بعد الحمى فإنه يتناول من * الغذاء (286) أكثر مما يحتمل.
[commentary]
قال الشارح: الناقه من المرض هو من الحالة الوسطى و ليس هو صحيح على الإطلاق، وتكون آلات الغذائية منه ضعيفة والحرارة الغريزية ضعيفة وهضمه رديء وتناوله للغذاء * كثير (287) ، وذلك لعوض ما يتحلل منه في المرض. فإذا استعمل الغذاء لم ينهضم كما يجب ومفاصله لكثرة * حركاتها (288) تسخن وتتسع فتقبل انصباب الفضلات فيحدث له إما كلال في مفاصله بسبب انصباب PageVW0P066A المواد، فإن كانت القوة قوية * حللته (289) ؛ وإن لم تكن قوية بقيت المادة * منحصرة (290) فيها وصار ذلك خراجا.
46
[aphorism]
قال أبقراط: إذا * كان (291) يعرض * نافض (292) في حمى غير مفارقة لمن قد * ضعف (293) فتلك من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: النافض العارض بعد الحمى لمن قد ضعف لا يكون على سبيل البحران لأن البحران إنما يعرض في * الأيام (294) المخصوصة المعدودة وتكون القوة قوية لمقاومة المرض. فأما لمن * قد (295) استولى الضعف على قوته لا يكون به بحران. ولو كان البحران مع * ضعف (296) فإنه يكون * بحرانا (297) مؤديا إلى الهلاك، لأن البحران إن انقضى بغير استفراغ يدل على ضعف من القوة فلا تقدر أن تدفع بالمادة عن البدن، وإن كان ينقضي باستفراغ لمن قد ضعفت قوته زادها الاستفراغ ضعفا وسقوطا وحصل الهلاك.
47
[aphorism]
قال أبقراط: في الحمى التي لا تفارق النخاعة الكمدة والشبيهة بالدم والمنتنة والتي هي من جنس المرار كلها رديئة، فإن انقضت انتقاضا جيدا فهي محمودة، وكذلك الحال في البراز والبول، فإن خرج ما لا ينتفع بخروجه من أحد هذه المواضع فذلك رديء.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم القول في الأول أن كلما يبرز من PageVW0P066B من البدن ويجد * البدن (298) بعقبه خفا وراحة فهو محمود، وكلما كان على سبيل البحران وكان خروجه على قوة من الطبيعة فهو كذلك. فأما إذا كانت الحمى لازمة غير مفارقة وكان ما * يقذفه (299) المريض من * البصاق (300) * كالنخاعة (301) الكمدة والشبيهة بالدم والمنتنة والتي هي من جنس المرار كلهما رديئة لأن هذه الأنواع تدل PageVW1P043A على مادة رديئة خبيثة فاسدة في كيفتها. فإن قويت الطبيعة وظهرت ونفضتها عن البدن وساعدها السن والفصل والتدبير كان انتفاضا * في (302) يوم باحوري كان ذلك علامة جيدة وكذلك الحال في كل ما يبرز من البدن كالبول * والبراز (303) وما * أشبهه (304) .
48
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان في حمى لا تفارق * ظاهر (305) البدن * باردا (306) وباطنه يحترق وبصاحبه ذلك * عطش (307) * فتلك (308) من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: ذكر الحكماء في ذلك وجوها كثيرة فقالوا سبب ذلك ورم في داخل البدن في * الأحشاء (309) قريب * من (310) الأعضاء الرئيسة. * وقال (311) جالينوس فيها أو في الدماغ فينجذب الدم إلى العضو العليل فيحترق الباطن ويبرد الظاهر. وقال * حنين (312) وغيره سبب ذلك غلظ الكيموس المحدث * لها (313) ولزوجته لأن الحرارة لا تنتشر وتتأدى من باطن * البدن (314) PageVW0P067A إلى ظاهره بسهولة لكنها تبقى في موضع العفونة محصورة * مختنقة (315) . وقال بلاذيوس سبب ذلك كثرة ثفل يخنق الحار الغريزي ويحصره في داخل البدن ويمنعه من الانبساط إلى ظاهره. وقول أبقراط «لا تفارق ظاهر البدن باردا وباطنه يحترق» احتراز * عن (316) الحمى التي لها فترات، فإنها تكون مرة باطن البدن يحترق وتارة ظاهره باردا لكن لا يدوم ذلك، فقال «لا تفارق» يعني أن ذلك العارض * لازم (317) لهذه الحال المذكورة بخالاف الحمى التي تأخذ وتترك والعطش اللازم هو من غور الحار إلى * عمق (318) البدن وسخونته وأن العفن * محصور (319) يخنقه فلأجل ذلك يحدث العطش كثيرا. وهذه الأسباب جميعها رديئة لأن القوة لا تبقى إلى مدة تنضج * الخلط (320) أو * يتحلل (321) الورم أو ينشر الحار الغريزي إلى ظاهر البدن.
49
[aphorism]
قال أبقراط: متى التوت في حمى غير مفارقة الشفة أو العين أو الأنف أو الحاجب أو لم يبصر المريض أو لم يسمع أي هذه كان وقد ضعف البدن فالموت منه قريب.
[commentary]
قال الشارح: الحمى اللازمة التي لا تفارق خطرها شديد وعاقبة أمره إلى الهلاك لأن البدن يستولي عليه الضعف * والقوى (322) الطبيعية أيضا والأعضاء الرئيسة. وقد تقدم القول منه «وإذا كانت الحمى تفارق على أي وجه كانت فهي تدل على أنه لا خطر فيها (iv. 43)» فيلزم أن الحمى اللازمة PageVW0P067B الخطر حاصل فيها. فإذا انضاف إليها ما ذكره من العلامات من التواء الأعصاب، PageVW1P043B دل على أن اليبس قد أثر في البدن * أثرا (323) * وأفنى (324) الرطوبة الغريزية ويبس العصب حتى وقع الالتواء، ولم يحصل ذلك إلا بعد ما * قد (325) نال الدماغ آفة. * أما (326) ورم حصل فيه فتأدى به جميع الحواس حتى لحق بالقوى النفسانية الضرر * فبطل (327) النظر والسمع. وهذه * جميعها (328) أمارات تدل على الموت.
51
[aphorism]
قال أبقراط: الخراج الذي يحدث في الحمى فلا ينحل في أوقات البحرانات الأول ينذر من المرض بطول.
[commentary]
قال الشارح: الخراج في الحمى إذا لم ينحل في أيام البحارين الأول من الرابع إلى الرابع عشر يدل على غلظ المادة وعجز القوة وضعف الحرارة الغريزية عن إنضاجها في أوائل المرض تكون القوة أقوى من أواخره. فإذا لم * ينحل (329) * الخراج (330) في أوائله فبالأولى أن يعجز في أواخره لضعفها وأن المرض قد انهكها. وقد قيل في مثل ذلك من قول الشاعر:
[commentary]
إذا لم يغبر حائط في وقوعه فليس له بعد الوقوع غبار
[commentary]
فيعجز عن إنضاجه فتطول مدة المرض.
50
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدث في حمى غير مفارقة رداءة التنفس واختلاط في العقل فذلك من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: هذه العلامات لا ينبغي أن يقطع فيها بالموت PageVW0P068A قطعا كليا جازما إلا أن يشترط فيها لزوم الحمى، فإن لزوم الحمى علامة دالة على الموت لما تقرر أولا. فإذا انضاف إلى ذلك اختلاط الذهن ورداءة التنفس كانا علامتين * مهلكتين (331) . أما رداءة التنفس فلأجل تصاعد بخار رديء كثير الحراراة واليبس يؤذي الدماغ ويصل ضرره إلى القوى النفسانية، ويكون ذلك لورم يلحق الدماغ أو الحجاب. وقد قال صحة الذهن في كل مرض علامة جيدة * فدل (332) على أن اختلاط العقل علامة رديئة. وهذه العلامة مع لزوم الحمى علامتان مهلكتان، وكذلك رداءة التنفس لأجل * البخارات (333) الشديدة الحرارة واليبس فتكمل ثلاث علامات رديئة مفسدة تؤذن بقرب الموت.
52
[aphorism]
قال أبقراط: الدموع التي تجري في الحمى أو * في (334) غيرها من الأمراض إن كان ذلك عن إرادة من المريض فليس ذلك بمنكر، وإن كان عن غير إرادة فهو أردأ.
[commentary]
قال الشارح: إن كان جريان دموع العين بإرادة المريض من سبب يوجب ذلك فلا بأس به. وإن كان عن غير اختيار منه وجرت ولم يشعر بها فتلك علامة رديئة لأنه يدل على مرض قد تأذي PageVW1P044A به العضو الرئيس وهو الدماغ * فينال (335) الحواس من ذلك ضرر. واختص ذلك بالعين لأنه أذكى * الأعضاء (336) حسا * فلا (337) يتنزل منزلة غيره من PageVW0P068B الأعضاء. وقال جالينوس سبب ذلك * ضعف (338) القوة الماسكة التي في العين. وناقضه الرازي فقال لو كان ذلك من ضعف القوة الماسكة لكان ما يبرز من البدن كالعرق والبول والبراز وسيما فضول الدماغ كالمخاط ووسخ الأذن واللعاب وما شاكل * ذلك (339) فلم * يختص (340) بالعين دون سائر الأعضاء الفضول المنصبة إليها، فلو كان كما زعم جالينوس لكان ذلك في الجميع ولم يكن في العين بمفردة والسبب في ذلك كما تقدم * آفة (341) لحقت الدماغ بمشاركة العين. وقلنا العين لا تتنزل لذكاء حسها ولطافة جوهرها ولرقة فضولها * وقربها (342) من الدماغ ولأنها أقبل لسيلان الفضول من * غيرها (343) من الأعضاء وليس يلزم من ضعف العين بمشاركة الدماغ ضعف سائر * القوى (344) لقربها من الدماغ وذكاء حسها ولطافة جوهرها فلا غرو أن ينالها من الضعف ما لا ينال غيرها من القوى والأعضاء.
53
[aphorism]
قال أبقراط: من غشيت أسنانه لزوجات فحماه تكون قوية.
[commentary]
قال الشارك: اللزوجات التي تعلو * على (345) الأسنان عنوان كثرة الكيموسات في البدن وشدة عفنها فتتراقى عنها أبخرة بحسب الأخلاط المتولدة عنها. فإن كانت اللزوجات بيضاء كانت المادة بلغمية. وإن كانت صفراء كانت المادة صفراوية. وإن PageVW0P069A سوداء كانت المادة محترقة سوداوية.
54
[aphorism]
قال أبقراط: من عرض له في حمى * محرقة (346) سعال كثير يابس ثم كان تهيجه له يسيرا فإنه لا يكاد يعطش.
[commentary]
قال الشارح: الحركة تحدث الحرارة والحرارة تحلل الرطوبات. فإذا كان بإنسان حمى محرقة فعرض له سعال كثير يابس من أي نوع كان من أنواع السعال حلل بحركته الرطوبات إلى فم المعدة فكثرت البلة في المعدة فمنع العطش.
55
[aphorism]
قال أبقراط: كل حمى تكون مع ورم اللحم الرخو * الذي (347) في الحالبين وغيره مما أشبهه فهي رديئة إلا أن تكون حمى يوم.
[commentary]
قال الشارح: الأورام * التي (348) تكون في اللحيين * هي (349) من * الفضلات (350) المنحطة من الدماغ، والأورام PageVW1P044B التي تكون في الأبطين هي من الفضلات المندفعة * عن (351) نواحي القلب، والأورام التي تكون في الحالبين هي * من (352) الفضلات المندفعة من الكبد. * فإذا (353) كان معها حمى تدل على أنها فضلات رديئة خبيثة قد اندفع بعضها وبقي بعضها في البدن فأوجب حمى. فإن كانت حمى يوم لم تكن خطرة لأنها عن غير * سبب (354) الورم * فأقلعت (355) . وإن كانت دائمة كان منها ما ذكره من الخطر.
56
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان بإنسان حمى فأصابه عرق ولم تقلع عنه * الحمى (356) فتلك علامة رديئة، وذلك * أنها (357) تنذر بطول من المرض تدل على رطوبة كثيرة.
[commentary]
PageVW0P069B قال الشارح: إذا عرض العرق وما * فارقت (358) الحمى وعاودت ولم تقلع بخروج العرق، دل على أن الطبيعة قد دفعت بعض المادة ولم تقدر لكثرتها * وضعفها (359) على استيصالها وأن الباقي منها في البدن أكثر مما دفعته فتدل على امتلاء البدن من الكيموسات الرطبة اللزجة العسرة التحلل. وإذا كانت بهذه الصفة تدل على طول مدة زمان المرض وعلى رطوبات كثيرة عديمة النضج.
57
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابه تشنج أو * تمدد (360) ثم عرضت له حمى انحل بها مرضه.
[commentary]
قال الشارح: تقدم * شرح (361) هذا الفصل في قوله لأن تكون الحمى بعد التشنج خير من أن يكون التشنج بعد الحمى، والتشنج هو تشنج العصب. وكذلك التمدد إلا أن التمدد هو تشنج العصب من الجانبين والتشنج من جانب واحد، فمتى حدث التشنج بعد الحمى * المحرقة (362) كان من يبس الأعصاب وذهاب الرطوبات الأصلية وكان * قتالا (363) . وأما إن حدثت الحمى بعد التشنج والتمدد وكان التشنج حدث ابتداء فيكون من زيادة الأخلاط وغلظها. وهذا هو التشنج الامتلائي. فإذا حدثت الحمى عقيبه * أنضجت (364) أخلاطه وحللتها فأوجب الصحة واندفع المرض.
58
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان بإنسان حمى محرقة * فعرض (365) له نافض انحلت * به (366) حماه.
[commentary]
PageVW0P070A قال الشارح: النافض إذا عرض في الحمى المحرقة يدل على أن الطبيعة قد نهضت * لدفع (367) المؤذي وقويت عليه ودحت به عن الأعضاء الرئيسة لأن الحمى المحرقة سببها مادة صفراوية * محرقة (368) قريبة إلى القلب. فإذا عرض النافض دفعت بالمرار وأزاحته * ودفعته (369) إلى الأعضاء الخسيسة. فإن كان PageVW1P045A إلى فوق * قذفت (370) بالقيء. وإن كان إلى أسفل دفعت إما بالبراز وإما بالبول. وإن مال إلى سطح الجلد استفرغته بالعرق فتنحل الحمى بذلك.
59
[aphorism]
قال أبقراط: الغب الخالصة أطول ما تكون تنقضي في سبعة أدوار.
[commentary]
قال الشراح: الغب الخالصة لا يخلو إما أن تكون لازمة أو دائرة. فإن كانت لازمة * فهي (371) من الأمراض الحادة جدا التي لا يتجاوز بحرانها الرابع والكثير إلى السابع. وإن كانت دائرة * فالرابع (372) عشر منها هي في مقابلة السبعة * الأيام (373) إذ هي دائرة خارج العروق فبحرانها لا يتجاوز الرابع كشر لحدتها ولطفها ورقة مادتها وحر الفصل لأنها مخصوصة بأمراض الصيف. فإذا كان الفصل * يساعد (374) وأكثر * ما (375) تحدث في سن الصبى فيعين على انقضائها السن والزمان ونضج المادة * ورقتها (376) ولطفها فلا يتجاوز بحرانها الرابع عشر. فلأجل هذا نص بقوله إذا كانت خالصة وقيد في قوله بخالصة أنها PageVW0P070B تنقضي في سبعة أدوار.
60
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابه في الحمى في أذنيه صمم فجرى من منخريه دم أو استطلق انحل بذلك مرضه.
[commentary]
قال الشارح: إذا كان بإنسان حمى وعرض له صمم في أذنيه فيكون حدوث الصمم * إما (377) من ارتفاع أبخرة تتراقى إلى الرأس أو من دم * مراري (378) يتصاعد إلى الرأس ويلحج في السمع. فإذا حدث الرعاف * تحدرت (379) المادة وخرجت بالرعاف. وإن مالت إلى المعاء حدث استطلاق البطن * فتحدرت (380) التي كانت لاحجة في عصب * السمع (381) فانحل عنه الصمم بتحدر المادة عن أماكنها.
61
[aphorism]
قال أبقراط: إذا لم يكن إقلاع الحمى عن * المحموم (382) في يوم من * الأيام (383) الأفراد فمن عادتها أن * تعاوده (384) .
[commentary]
قال الشارح: قال * بلاذيوس (385) إن انقضاء الحمى في الأيام الأفراد خير من انقضائها في الأيام الأزواج. وقال: قد شهدت التجربة بأنها متى انقضت في الأيام الأزواج تعاود. وقال ابن أبي صادق: هذا من الفصول المدلسة على أبقراط، وكان الواجب أن يقول إذا لم يكون إقلاع الحمى عن المحموم في يوم من أيام البحران فمن عادتها أن تعاوده. والأيام البحارين تكون على وجهين: البحارين القمرية التي ذكرها أبقراط في الأول وهاهنا ذكر البحارين على حكم ما ذكره في العرق في قوله «العرق PageVW0P071A يحمد في المحموم إن ابتدأ في اليوم الثالث أو في PageVW1P045B الخامس (iv. 36)» فذكر أيام الأفراد في العرق وهاهنا في الحمى. والصحيح أن انقضاء الحمى المعروفة بالغب والمعروفة بالمحرقة متى انقضت في السادس عاودت، ومتى انقضت في السابع والخامس لا تعاود. وهذا الحكم لا يوثق به * فربما (386) انقضت في السادس والرابع ولم تعاود على الأكثر.
62
[aphorism]
قال أبقراط: إذا عرض اليرقان في الحمى قبل اليوم السابع فهو علامة رديئة.
[commentary]
قال الشارح: حدوث اليرقان هو من انتشار المرة الصفراء في البدن ولا يخلو إما أن تكون معه حمى أو لا تكون. فإن كان معه حمى فهو من غلبة المرار الأصفر العفن. وإن لم يكن معه حمى كان من غلبة الأصفر وانتشاره في البدن بغير عفن. فإذا كانت الحمى * وظهر (387) اليرقان قبل السابع فهو علامة رديئة لأنه خرج لكثرته في غير يوم باحوري وذلك دليل على ضعف القوة لأنها لو كانت قوية دحت * به (388) عن البدن إما بالعرق * أو (389) بالبول * أو (390) بالإسهال. فإذا لم * تقو (391) على ذلك كثر عليها وانتشر * في (392) * عروقه (393) لكثرته وضعفها ويكون لسدة في الكبد. وقد زعم جالينوس أن ظهور اليرقان قبل السابع ليس هو * رديء (394) . وقال يكون لورم أو سدة في الكبد. * وقد (395) قسموا أصناف اليرقان إلى أصناف PageVW0P071B كثيرة فقالوا يكون من ضعف الكبد لأنها لم تميز المرة الصفراء من الدم فينصبغ الدم أو من قبل ضعف * قوة (396) المرة الناشفة أو من قبل انسداد المرارة التي هي مفرغة المرة الصفراء أو من قبل ورم يكون في الكبد أو من صلابتها فتنسد المجاري بين الكبد والمرارة. وقد يكون من قبل سوء مزاج العروق إذا أفرطت حرارتها وأسخنت * الدم (397) الذي فيها وصيرته مرة. وقد يكون على وجه استفراغ الطبيعة * المرة (398) على سبيل البحران وهو الأجود. واليرقان جنسان أحدهما من مرة * صفراء (399) أو الآخر من مرة سوداء. فالذي يظهر من المرار الأصفرعلى سبيل البحران إن * ظهر (400) قبل السابع * من (401) * ابتداء (402) حدوث الحمى فهو علامة شر لأن الذي يظهر على سبيل الذي يظهر * على (403) طريق الاندفاع إنما يكون من غليظ الثفل والثفل الغليظ قبل السابع غير * نضيج (404) * فلذلك (405) حكم بشره. وقد قيل إن اندفاع المواد * بالبحران (406) يكون على وجهين: أحدهما بروز الكيموس الذي هيج المرض مع اندفاع الفضول من مجاريها العسرة، والآخر اندفاع الكيموس في موضع من الجسد صار وجعا لازما. وقد استثنى أبقراط فقال إن ظهر اليرقان * قبل (407) السابع وكان PageVW1P046A معه إسهال فليس برديء لأن الطبيعة قد دفعت المادة الموجبة PageVW0P072A للمرض * على (408) طريقين إلى ظاهر * الجلد (409) بالرقيق وإلى المعاء بالثفل الغليظ فيكون ظهوره علامة خير.
64
[aphorism]
قال أبقراط: متى عرض اليقران في الحمى في اليوم السابع أو في التاسع أو في الرابع عشر فذلك محمود إلا أن يكون الجانب الأيمن مما دون الشراسيف صلبا، فإن كان كذلك فليس أمره بمحمود.
[commentary]
قال الشارح: ظهور اليرقان في هذه الأيام هو على طريق البحران وهو دليل على قوة الطبيعة وأنها قد استولت على المرض وفعلت الواجب وعاد استثنى. وقال «إلا أن يكون الجانب الأيمن * مما (410) دون الشراسيف صلبا» لأنه يدل على سدة حاصلة في الكبد أو ورم وهذان رديئان فيكون سبب ظهور اليرقان لأن طريقه مسدود بينه وبين وعائه * فامتزج (411) الدم * ونفذ (412) إلى جميع البدن فيكون * ظهوره (413) لا على طريق البحران.
63
[aphorism]
قال أبقراط: من كان يصيبه في حماه نافض في كل يوم فحماه تنقضي في كل يوم.
[commentary]
قال الشارح: اختلف المفسرون في * تفسير (414) هذا الفصل فمنهم من حمله على ظاهر اللفظ وقال كل حمى تبتدئ بنافض في كل يوم تفارق في ذلك اليوم وهي النائبة. وقال غيره كلام أبقراط إذا كانت حماتين واحدة لازمة والأخرى تبتدئ بنافض ثم تنقضي النائبة وتبقى اللازمة. وقال إنه أراد بذلك قولا عاما PageVW0P072B لكل حمى تأخذ بنافض يكون * انقضاؤها (415) في ذلك اليوم الذي أخذت فيه سواء كانت حمى أو حماتين. وهذا هو الوجه * الصحيح (416) .
65
[aphorism]
قال أبقراط: متى كان في الحمى التهاب شديد في المعدة وخفقان في الفؤاد فتلك علامة رديئة.
[commentary]
قال الشارح: الأطباء يعنون بخفقان الفؤاد فم المعدة. فلو كان قوله «التهاب شديد في المعدة وخفقان في الفؤاد» فلو أراد بالخفقان فم المعدة لكان ذلك تكرارا، وإنما أراد بالخفقان ما يحدث من الأختلاج من الأخلاط * المرارية (417) إلى غلاف القلب وقربها منه. وهذا أردأ العلامات كما يحدث في الحمى المحرقة. وقيل * بل (418) أراد بالخفقان كون المرار المحترق محتبس في طبقات المعدة فيحدث بسبب ذلك اختلاج وخفقان من خوف المعدة منه. والصحيح أن الالتهاب في المعدة والخفقان في القلب. ويكون قد سخن سخونة شديدة من قرب الخلط المؤذي له فيحدث في PageVW1P046B اختلاج وخفقان. وهذا أخطر من فم المعدة. فلهذا حكم بالرداءة.
66
[aphorism]
قال أبقراط: التشنج والأوجاع العارضة في الأحشاء في الحميات الحادة علامة رديئة.
[commentary]
قال الشارح: هذه الحمى من الحميات الرديئة التي لا تنجب منها إلا القليل. وذلك أن الحمى الشديدة الحرارة والالتهاب إذا عرض معها التشنج دل على PageVW0P073A شدة الحرارة واليبس وجفاف العصب. فإذا انضاف إلى ذلك وجع في الأحشاء، كان دالا على ورم عارض أو سدة أو خراج في الأحشاء. وهذه جميعها يتأدى ضررها إلى القلب فيؤول أمره إلى التلاف.
67
[aphorism]
قال أبقراط: التفزع والتشنج العارضان في الحمى * من (419) النوم علامة رديئة.
[commentary]
قال الشارح: تقدم القول منه في أول المقالة * الثانية (420) «إذا كان النوم في مرض من الأمراض يحدث وجعا فذلك من علامات الموت (ii. 1)». وقال هاهنا «التفزع والتشنج العارضان في الحمى في النوم علامة رديئة». وشرح ذلك تقدم فلا حاجة إلى إعادته.
68
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان الهواء يتغير في مجاريه من البدن فذلك رديء لأنه يدل على * تشنج (421) .
[commentary]
قال الشارح: عند دخول الهواء في مجاريه في آلات التنفس إذا لم يكن * جاريا (422) على المجرى الطبيعي فهو شر لأنه يدل على شدة الحرارة واليبس وأن التهاب الحمى شديد حتى قد أثر في مجاري الهواء. وذلك بسبب تراكم الأبخرة الحارة على القلب وازدحامها وغلبتها على القلب فتحتاج الطبيعة إلى إخراجه فبسبب كثرته وحرارته يزدحم في مجاري التنفس فيخرج * مكدودا (423) وبسبب إفراط الحر واليبس * لقلة (424) الرطوبة PageVW0P073B * الغريزية (425) الأصلية ويستولى اليبس على البدن فيجف الأعصاب ويؤول أمره إلى التشنج.
69
[aphorism]
قال أبقراط: من كان بوله غليظا * شبيها (426) بالغبيط يسيرا وليس بدنه ينقى من الحمى فإنه إذا بال بولا كثيرا * رقيقا (427) * انتفع (428) به، وأكثر من يبول هذا البول من كان يرسب في بوله منذ أول مرضه أو بعده بقليل سريعا ثفل.
[commentary]
قال الشراح: هذا الفصل يعلمنا فيه بأحوال * التفسرة (429) وأن أمرها يؤول إلى الخير. فقال: من كان في بدء مرضه بوله غليظا * شبيها (430) بالغبيط أي شبيه بالدم الجامد، وكان مقداره قليلا. ولم يكن بدنه ينقى من الحمى، وبعد ذلك غزر * بوله (431) ورق فيدل على أن الطبيعة قد بدأت في الإنضاج وأنضجت المواد. ومن عادة الغليظ * النجيز (432) إذا كثر ورق تكون الحرارة الغريزية قد أنضجته فحللت بالطبخ ما غلظ وكثيرت بالتحليل ما قل. وقوله «وأكثر من يول هذا البول من كان يرسب في بوله منذ أول مرضه» لأن أوائل الأمراض في الغالب تكون الأخلاط فجة غليظة نية وفي PageVW1P047A آخر المرض * تستولى (433) الطبيعة بالحرارة على إذابتها فتكثر القليل وترفق الغليظ، وبعد ذلك يتبين الثفل الراسب وهو علامة النضج.
70
[aphorism]
قال أبقراط: من بال في الحمى بولا متثورا شبيها ببول الدواب فيه صداع حاضر أو سيحدث * به (434) .
[commentary]
قال الشارح: غير خاف PageVW0P074A أن الحرارة النارية * تحلل (435) المواد الغليظة وتنضجها وترققها وتذوبها وحرارة الحمى نارية. فإذا اشتد تلهبها * أذابت (436) الكيموسات الغليظة * تفتصاعد (437) عنها أبخرة تتراقى إلى الرأس فتحدث فيه صداعا عند تراقيها. فإن كان ما عرض في زمان * تصاعدها (438) تنذر به في الاستقبال.
71
[aphorism]
قال أبقراط: من يأتيه البحران في السابع فإنه قد يظهر في بوله في الرابع غمامة حمراء وسائر العلامات تكون على هذا القياس.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم القول من أبقراط في البحارين إن «الرابع منذر بالسابع (ii. 25)». وقال هاهنا «من يأتيه البحران في السابع فإنه قد يظهر في بوله في الرابع غمامة حمراء»، وهذا * موكد (439) قوله «الرابع منذر بالسابع». فإذا جاء في الرابع علامة تدل على النضج، أنذرت بأن انقضاء المرض ومنتهاه في اليوم السابع. وقالوا: كان الأولى أن يقول غمامة بيضاء لأن الغمامة البيضاء أبين وأشد دلالة من الحمراء. وقالوا: لو لم يرشد إلى الحمراء لما ظن أن لها هذه القوة، ومتى ظهرت في السابع أنذر أن المنتهى في الرابع عشر، ومتى ظهرت في الحادي عشر كان البحران في السابع عشر، ومتى ظهرت في الرابع عشر كان البحران في العشرين. وقوله «وسائر العلامات تكون على هذا القياس» ما يظهر من علامات النضج سواء كان * في (440) البول أو * في (441) البراز أو في * البصاق (442) . PageVW0P074B * أما (443) في البول كالبول الرقيق إذا صار ثخينا وهذا في القوام وفي * اللون (444) كالأبيض إذا اصفر والأصفر إذا صار أترجيا، وكذلك الحال في البراز والبصاق وجميع ما يبرز من البدن.
72
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان البول ذا * مستشف (445) أبيض فهو رديء وخاصة في أصحاب الحمى التي معها ورم الدماغ.
[commentary]
قال الشارح: الأمراض لا يرجى برؤها إلا بنضج المواد، وعلامة النضج وعنوانه من التفسرة. فإذا كان البول أبيض * مستشفا (446) ، دل على غاية عدم النضج. * وإذا (447) كان في الحمى التي يتبعها ورم الدماغ، كان ذلك دل على الشر لأن المواد جميعها تطلب أعالي البدن وتتوفر الدماغ فيلحق الضرر بالقوى النفسانية * ويتألم (448) الدماغ وهو بعد القلب على * مذهب (449) أرسطو أشرف الأعضاء الرئيسة وعلى مذهب غيره أنه أشرق الأعضاء الرئيسة. وقد قالت الحكماء: متى كان العضو الرئيس سليما فالمرض سليم.
73
[aphorism]
قال أبقراط: * من (450) كانت الموضع التي فيما دون * الشراسيف (451) عالية فيها قرقرة ثم حدث * له (452) وجع في أسفل ظهره فإن بطنه يلين إلا أن تنبعث منه رياح كثيرة PageVW1P047B أو يبول بولا كثيرا وذلك في الحميات.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل يعرفنا فيه كيفية الأورام العارضة في الشراسيف مع الحمى، فقال إذا كان بإنسان حمى * فعرض (453) له ورم في شراسيفه فيكون سببه إما كيموس غليظ ينصب إليها PageVW0P075A أو خراج يظهر فيها أو رياح تحتقن فيها فتمددها وتعلو * وجساوة (454) تلحقها * فالقرقرة (455) تابعة لاجتماع الأرواح. فإذا مددتها، حدث الوجع في اسفل * الطهر (456) . فإذا بلغ الألم هذه المواضع يعظم مقداره فعند ذلك تنهض الطبيعة لدفع المؤذي وتفشيش الرياح إن كانت متولدة عنها. وإن كانت عن كيموس، * دفعتها (457) الكبد إلى المعاء بالبراز * فيلين (458) البطن من جهة المقعر. وإن كانت الرطوبة مخالطة للأرواح، حللتها الحرارة وأذابتها ودفعتها من ناحية المحدب إلى الكلى والمثانة فاستفرغتها بالبول.
74
[aphorism]
قال أبقراط: من يتوقع أن يخرج به خراج في شيء من مفاصله فقد يتخلص من ذلك الخراج ببول كثير * غليظ (459) أبيض يبوله كما قد يبتدئ في اليوم الرابع في بعض من به حمى معها إعياء، فإن رعف كان انقضاء مرضه مع ذلك سريعا جدا.
[commentary]
قال الشارح: * الذين (460) يتوقع فيهم حدوث الخراج في مفاصلهم * ينجون (461) منه بما يبرز من أبدانهم بالبول أو بالرعاف لأن وجوه الاستفراغات تكون على وجهين إما * استفراغ (462) كلي لقوة من الطبيعة في يوم باحوري وقهرها المرض فيكون الاندفاع ببعض أنواع الاستفرغات ونقاء البدن منه فيتخلصون بذلك من مرضهم * هذا (463) إذا كان البحران بحرانا تاما. وأما * إذا (464) لم يكن تاما وكان من أوساط البحارين فيدفع * بالكيموسات (465) PageVW0P075B الغليظة إلى المفاصل لسخونتها وسعتها. وهذا يكون إذا تقدمه إعياء أو كلال. فتندفع المادة إلى المفاصل بخراج فتخف على الطبيعة فتنهض لمقاومة المرض. ومن شأن الطبيعة فعل الواجب فتذوب الكيموسات بحرارة الحمى وطبخها ونضجها فتفرغها إلى ناحية الكلى والمثانة إن كان ميلها إلى أسفل * فتستفرغ (466) بالبول في مدة أطول. ويكون ابتداء * ذلك (467) في اليوم الرابع لأنه من البحارين الإنذارية في أصحاب الحميات. وإن كان ميلها إلى فوق استفرغتها بالرعاف في مدة أقصر لأن النضج أقوى والطبخ أولى بسبب حرارة الدم، ويكون ابتداؤه في اليوم الرابع لما تقدم من القول.
75
[aphorism]
قال أبقراط: من كان يبول دما أو قيحا فإن ذلك يدل على أن به قرحة في كلاه أو في مثانته.
[commentary]
قال الشارح: بول الدم والقيح يدل على قروح في الكلى أو في المثانة لأن هذه المجاري هو آلات البول فإذا فرغ منها شيء كان * دليلا (468) على الأمراض المتولدة فيها لكن ينبغي أن يفرق بين قروح الكلى وبين قروح المثانة * لوجوه (469) . PageVW1P048A الوجه الأول * والأولى (470) هو معرفة مواضع الألم من الكلى أو المثانة. وربما * يكون (471) سبب ذلك تولد حصاة يتولد فيمررها في مجاري البول وخشونتها تجرح وتنكى فيبال الدم من غير قرحة. وإن كان القيح يخرج بمفرده من غير اختلاط دم يشوبه فيكون ذلك سبب * انفجار (472) خراج PageVW0P076A إلا أنه لا يدوم خروجه بل تكون مدة * خروجه (473) يومين أو ثلاثة. وقال المفسرون: قول أبقراط «من كان يبول دما أو قيحا» أولى من قوله «قيحا» لأن الدم والقيح لا يجتمعان إلا في الكلى * والمثانة (474) ويفرق بينهما بالرائحة وبمواضع الألم وباختلاطهما. * فنقول (475) : إن كان الدم مختلطا بالبول غير متبرئ منه فالقرحة في الكليتين لأنه لا يختلط بالبول * إلا (476) لبعد الكلتين * عن (477) مخرج البول. وإن كان الدم غير مختلط * بالبول (478) فالقرحة في المثانة لقرب المثانة من مخرج البول. فهذه وجوه التفرقة بين قروح الكليتين والمثانة.
76
[aphorism]
قال أبقراط: من كان في بوله وهو غليظ قطع لحم صغار أو بمنزلة الشعر فذلك يخرج من كلاه.
[commentary]
قال الشارح: ذكر أبقراط القرحة التي تعم الكليتين والمثانة، وعاد بعد ذلك أفرد كل مرض في عضو يختص به، فقال «من كان في بوله وهو غليظ قطع لحم صغار أو بمنزلة الشعر فذلك يخرج من كلاه» خصص بهذا المرض حدوثه في * الكلى (479) وقال قطع اللحم الصغار والأجزاء الشعرية تختص بمرض الكلى. وقد يكون لذوبان أعضاء لحمية لأن الحرارة النارية إذا عملت في الأجزاء اللحمية جعلت ما كان منها جوهرا صلبا لقرب عهده بالانعقاد فيجف ويصلب * ويصير (480) قطع لحم صغار. والفرق بين الأول والثاني أن * ما (481) كان من نفس قرحة الكلى يكون نضيجا ولا تكون PageVW0P076B معه حمى، والذي يكون من ذوبان الأعضاء تكون معه حمى ولا يكون نضيجا. وأما ابن أبي صادق وغيره ذكروا أن الأجزاء الشعرية لا تكون من جوهر الكلى، * وإنما (482) أبقراط قال ذلك على سبيل * المجاز (483) ، والأجزاء الشعرية إنما تكون في بربخي البول، ولقربها من الكلى أطلق أبقراط والبربخين من الكلى إلى المثانة، وإنما حيث أضافها إلى الأجزاء اللحمية قال من الكلى، وإنما هي من البربخين الواصلين الكلى * والمثانة (484) .
77
[aphorism]
قال أبقراط: من خرج في بوله وهو غليظ بمنزلة النخالة فمثانته جربة .
[commentary]
قال الشارح: قد ذكرنا أن أبقراط ذكر الأمراض التي تخص عضوا * عضوا (485) فذكر المرض المختص بالكلى وانتقل إلى المرض الذي يخص المثانة فقال «متى خرج في البول الغليظ شبه النخالة PageVW1P048B دل على أن المثانة جربة» لأن الجرب قروح تحك جلد المثانة فيتناثر منها أجسام شبيهة بالنخالة كالحال في ظاهر الأجسام إذا جربت وقال يكون * من (486) تفتت الأعضاء. والفرق بينهما بنضج البول وعدم نضجه والحمى وعدم الحمى. فإذا كان في المثانة، لم تكن معه حمى. وإذا كان في الأعضاء الأصلية، كان معه حمى.
78
[aphorism]
قال أبقراط: من بال دما عبيطا من غير سبب متقدم دل * ذلك (487) على أن عرقا في كلاه قد انصدع.
[commentary]
قال الشارح: انصداع عروق * الكلى (488) يكون من ثلاثة أسباب PageVW0P077A إما من كثرة الدم فيضيق عنه وعاؤه فيخرج في البول دقيقا، وإما من انتفاح فم العرق واتساعه عما كان عليه، وإما من * إنكال (489) العرق في فمه أو غير فمه. وهذه الأحوال تكون من مساءلة المريض عن سبب حدوثه هل هو * من (490) صحة أو وثبة. فإن قال المريض إنه من شيء من هذه فهو قطع عرق. وإن لم يكن من هذه فيكون من كثرة الدم وضيق وعائه عنه والقطع * له (491) علامة أخرى وهي شدة الوجع. وخص أبقراط * هذا (492) بالكلى لأنه عضو لحمي كثير الدم والمثانة عصبابي قليل الدم فلهذا اختص بالكلى دون المثانة.
79
[aphorism]
قال أبقراط: من كان يرسب في بوله شيء شبيه بالرمل فالحصاة تتولد في مثانته.
[commentary]
قال الشارح: الحصاة تتولد في الكلى وفي * المثانة (493) ، وبينهما فرق وهو لون الرمل. فإن كان أحمر كان من الكلى لأنها عضو لحماني كثير الدم والعروق * التي (494) يتصفى فيها الدم. ومتى كان لونه رماديا كان تولده في المثانة. ويفرق بينهما بوجه آخر: إن كان الوجع * مما (495) يلي الظهر إلى المتنين كان تولده في الكلى، وإن كان مما يلي الأربيتين * والعانة (496) كان تولده في المثانة. ووجه ثالث في تولده وبعد تولده: إن كان قليلا * رقيقا (497) كان الحصاة في التكوين، وإن كان كثيرا غليظا تكونت وتفتت.
80
[aphorism]
قال أبقراط: من بال PageVW0P077B ]دما عبيطا وكان به تقطير البول وأصابه وجع في أسفل بطنه وعانته فإن ما يلي مثانته وجع.
[commentary]
قال الشارح: في هذا الفصل أبقراط بين الكلى والمثانة وفصل المثانة فيه عن الكلى فقال إن الدم العبيط * المنعقد (498) يسد فم المثانة فيرجع البول على المثانة فيمتلئ به فيحدث عند ذلك تقطير البول ووجع في المواضع التي ذكرها. وهذه المواضع تعم المثانة والكلى وبربخي البول، وإنما خصصها PageVW1P049A بالمثانة لقربها منها.
81
[aphorism]
قال أبقراط: من كان يبول دما وقيحا وقشورا وكان لبوله رائحة منكرة فذلك يدل على قرحة في مثانته.
[commentary]
قال الشارح: بول الدم والقيح يمكن أن يكون من الكلى والمثانة وبربخي البول لأن هذه يمكن أن تكون فيها قرحة، وإنما أفرد * في (499) هذه علامة لا تكون إلا في المثانة وهي الرائحة المنكرة. فهذه تخص المثانة دون سائر الأعضاء المذكورة لأن المثانة * جلدة (500) ولهذا يكون لها قشور ونتن لأن خلقها صلبة شبيه الجلد وخلقة * الكليتين (501) متخلخلة سريعة الإلقاء البول لما فيها فلهذا يجتمع بها البول * ويغفن (502) وتتغير رائحته. والكلى ليس كذلك ولا * بربخا (503) البول لأن الدم والقيح يطول مكثهما في المثانة فيكتسب * عفنا (504) بطول المكث، ومتى عفن صار له رائحة منكرة. * ولأجل (505) هذا خص المثانة دون PageVW0P078A باقي الأعضاء المذكورة.
82
[aphorism]
قال أبقراط: من خرجت به بثرة في إحليله فإنها إذا انفتحت وانفجرت انقضت علته.
[commentary]
قال الشارح: يسبق ظن أكثر الناس أنه أراد بقوله أن متى طلع في الإحليل بثرة وقيحت وانفجرت برأت العلة. ولم يرد هذا فإن هذا القول لم يكن فيه فائدة. وإنما كان مراده أنه متى خرج في الإحليل بثرة تبعها ورم وأدى ذلك إلى عسر البول. فإذا انفتحت ونضجت، زال ذلك الورم فبرئ عسر البول * بسبب (506) برء القرحة، وكان عسر البول عرضا تابعا لحصول القرحة.
83
[aphorism]
قال أبقراط: من بال في الليل بولا كثيرا دل ذلك على أن برازه يقل.
[commentary]
قال الشارح: قد بينا أن فضلة الهضوم ثلاث: أولها فضلة هضم المعدة وهو الثفل، والثاني فضلة هضم الكبد وهو البول، والثالث فضلة هضم جميع الجسد وهو العرق والتحلل الخفي من المجاري ومسام البدن. وإذا كان ذلك كذلك * فإلى (507) أيهما مالت * المادة (508) قل ما ينصب إلى الآخر. وخص ذلك بالليل لأن الهضم في * الليل (509) أكثر من هضم النهار وأنضج وأصح لانعكاس الحرارة الغريزية إلى داخل البدن لأن الليل مظنة النوم والنوم تنعكس فيه الحرارة إلى داخل البدن فيقوى PageVW0P078B الهضم وينقسم الهضوم ويبقى ميل بعض كل واحد منهما إلى * جهة (510) أكثر من الأخرى.
PARATEXT|
تمت المقالة * الرابعة (511) .
المقالة الخامسة من كتاب * الفصول (1)
1
[aphorism]
قال أبقراط: التشنج الذي * يكون (2) من الخربق من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: إذا عنى أبقراط * الخربق (3) فإنما يعني به الخربق الأبيض دون الأسود. والتشنج * نوعان (4) امتلائي واستفراغي. فهاهنا أراد به التشنج الاستفراغي دون الامتلائي، والتشنج العارض من الخربق يكون من عدة وجوه أحدها من أذية الخربق لكيموس حاد يلذع. * فيتشنج (5) فم المعدة والآخر من لذع الخربق نفسه للعصب والثالث من دفع الخربق للكيموسات وتذوبها بحرارتها، فتقل على القوة الكيموسات بكثرة الخربق. وهذا هو الامتلائي وهذا سهل البرؤ ويكون من إستفراغ الرطوبات وإستيلاء اليبس على البدن. وهذا هو التشنج الاستفراغي الذي لا برؤ له، وهو الذي عنى به أبقراط في هذا الفصل. فربما عرض عن افراط القيء كما يعرض في الهيضة وقيء المرار. فلا ينبغي أن * يهاون (6) في علاجه بل يستعمل الرطوبات والأدهان الحارة بالفعل والاستحمام بالماء العذب. PageVW0P079A
2
[aphorism]
قال أبقراط: التشنج الذي يحدث من جراحة من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: التشنج * الحادث (7) عن جراحة يكون إما بسبب إستفراغ دم كثير وإما بسبب ورم يلحق الاعضاء العصبانية ويلحق ضرره بالدماغ. فيعم جميع الجسد وينبغي أن لا * يغفل (8) عن علاج ذلك ويمرخ ما * حول (9) الجرح بالادهان الحارة بالفعل المرطبة، ويسقي مرق اللحم والدجاج المسمن والشراب الممزوج ليكثر رطوبة البدن، ويقوي القوى ويرد على البدن عوض ما تحلل منه * ويحبس (10) الحوامض والمياه الباردة كماء الثلج والجمد.
3
[aphorism]
قال أبقراط: إذا جرى من البدن دم كثير فحدث فواق أو تشنج فتلك علامة رديئة.
[commentary]
قال الشارح: هذان العارضان علامتان * التشنج (11) الاستفراغي العارض عن اليبس وفناء الرطوبات الاصلية، لكنه يرخي برده إذا تدورك بالاشياء المرطبة وأحسن فيه التدبير. ففي اصطلاح أبقراط إذا قال فتلك علامة رديئة لم يقطع فيها بالموت بل يجعلها من الحالة الوسطى، وإذا قال فتلك من علامات الموت يكون قد قطع * فيها (12) جزما.
4
[aphorism]
قال أبقاط: إذا حدث تشنج أو * الفواق (13) بعد الاستفراغ المفرط فهو علامة رديئة PageVW0P079B .
[commentary]
قال الشارح: هذه الفصول يقارب PageVW1P050A * بعضها (14) من بعض وقصاري الأمر أن كل استفراغ سواء كان دما أو اسهالا أو قيئا، وحدث عقيبه فواق وتشنج. فهو علامة وإنما كان عرضه في ذلك أن يعد أنواع الاستفراغات، ويعرف أن التشنج بعدها رديء والفواق يدل على التشنج، وهو تشنج يعرض لفم المعدة.
5
[aphorism]
قال أبقراط: إذا عرض لسكران سكات بغتة فإنه يتشنج ويموت إلا أن يحدث به حمى أو يتكلم إذا حضرت الساعة التي ينحل فيها خماره.
[commentary]
قال الشارح: أراد بالسكات إنقطاع كلامه وحسنه وحركته بغتة. فمنهم من قال عنى به الفالج، ومنهم من قال عني به السكتة. وذلك لأن * شرب (15) الشراب يضعف حرارة الغريزية ويمتلئ بطون دماغه ويضعف قواه * لأنه (16) يحملها فوق طاقتها * ويتكدر (17) حواسه * ويضعف (18) قواه النفسانية، ويمتلئ دماغه ابخرة غليظة وخصوصا، إن كان الشراب غليظ الجوهر حمرته مائلة إلى سواد، فإنه يكون كثير الغذاء * تتراقي (19) عنه أبخرة غليظة * تغمر (20) الحار الغريزي يغلظ أبخرة. فالسكات العارض عنه رديء بطي الانحلال، وأما إن كان أبيضا رقيقا صافيا، فيكون الحال ما يعرض عنه من السكات قريبا يرجى برؤه وخلاصه، فينبغي أن يعين من أي PageVW0P080A شراب يكون ليصح الحكم عليه. فإن كانت الطبيعة نهضت لمجاهدة ذلك ودفعه، فإن تكلم في الساعة التي ينحل فيها خماره * يرجى (21) خلاصه، وإن أعقب ذلك حمى كانت حرارة الحمى محللة لما عرض من ذلك كما قال آنفا لأن تكون الحمى بعد التشنج خير من أن يكون التشنج بعد الحمى. وقد قال بن أبي صادق في * ذلك (22) كلاما جيدا، قال: «الشراب بحرارته * يحلل (23) الأبخرة ويجفف الرطوبات، فهو يصلح * بكيفيته (24) ما يفسد بكميته ، فتمى لم تقو حرارة الشراب على تحليل الأبخرة وتجفيف الرطوبات ولا حرارة الحمى كان ذلك سببا مؤديا إلى الهلاك».
6
[aphorism]
قال ابقراط: من اعتراه التمدد فإنه يهلك في أربعة أيام، فإن جاوز الأربعة فإنه يبرأ.
[commentary]
قال الشارح: قالوا التمدد هو من الأمراض الحادة جدا، والمرض الحادة قد فسره بأنه الذي لا * يتجاوز (25) بحرانه الرابع. فلهذا قال إن كانت القوة لم تقدر على حله في الرابع فإنه يموت وإن كانت القوة PageVW1P050B مستظهرة على المرض، فإنها تحله في أول بحران يأتي عليه وهو اليوم الرابع، وقد فسروا الامتداد بأنه تشنج يعرض في أصل العنق إما إلى قدام وإما إلى خلف فتسد بسبب ذلك مجاري النفس. فلا يدخل على القلب النسيم البارد ولا يخرج عنه البخار الحار، فتزدحم الأبخرة PageVW0P080B الحارة على القلب وتخنقه ويؤول أمره إلى * الموت (26) .
7
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابه الصرع قبل نبات الشعر في العانة فإنه يحدث له انتقال، * فأما (27) من عرض له وقد أتى عليه من السنين خمسة وعشرون سنة فإنه يموت وهو به.
[commentary]
قال الشارح: لا شك أن * سن (28) الصبى قبل نبات الشعر في العانة تكون الحرارة الغريزية فيه منغمرة بالرطوبة لأن الحار مركزة الرطب. فإن تكن الرطوبة الغريزية كثيرة * تغلب (29) الحرارة الغريزية في رطوبات البدن، فيلزم من كثرة الحرارة كثرة الرطوبة، ولهذا قال أبقراط ما كان من الأبدان في النشؤ، فالحار الغريزي فيهم على غاية ما يكون من الكثرة لكنها مع كثرتها منغمرة بالرطوبة. فإذا خرج من هذا السن إلى سن الشباب ظهرت حرارته الغريزية وصارت أحد كيفية وأقل كمية. فعند ذلك يتخلص المريض من هذا المرض وغيره لأن الصرع ههنا يكون من كيموسات غليظة لزجة متحقنة في الدماغ. فحرارة الشباب تحلها وتذيبها فإن عرض هذا المرض لمن بلغ من العمر خمسة وعشرون سنه دل على أن الكيموسات قد قهرت الحرارة الغريزية والحرارة الغريزية قد بلغت منتهاها، فلم يرج لها عند ذلك ظهورا، فيموت صاحبه به.
8
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابته ذات الجنب فلم ينق * في (30) PageVW0P081A أربعة عشر يوما فإن حاله تؤول إلى التقيح.
[commentary]
قال الشارح: ذات الجنب هو ورم يكون في الغشاء المستبطن للاضلاع وسببه دم مراري يغلب عليه المرار ويلزمه أربعة أعراض الحمى والسعال والناخس والضيق النفس والنبض المنشاري. فمتى عدم بعض هذه لم يكن المرض ذات الجنب وأكثر تولده من الدم المراري لصفاقه الغشاء المستبطن، فلا تداخل مادة غليظة وأيضا هي من الأمراض الحادة جدا ومادتها لطيفة رقيقة. فلأجل هذا حكم عليها بأن بحرانها لا يجاوز الرابع عشر تحدة مادتها ولطفها وسرعة نضجها. فإن لم ينضج وتخلص منها في الرابع PageVW1P051A عشر يؤول أمرها إلى التقيح ويجمع الورم وتقيح بعد الرابع عشر وتمتد إلى السابع وعشرين، ولهذا قال أبقراط إذا انصب دم إلى فضاء الصدر على خلاف المجري * الطبيعي (31) فلا بد من * أن (32) يتقيح لأنه لم يبق بالنفث. فيدفع المادة إلى فضاء الصدر ويتقيح كما تقدم.
9
[aphorism]
قال أبقراط: أكثر ما يكون السل في السنين التي بين ثمان عشرة سنة وبين خمسة وثلاثين سنة.
[commentary]
قال الشارح: سن النمو هو إلى ثمان عشرة سنة وسن الشباب المتناهي * للشباب (33) إلى * خمسة (34) وثلاثين سنة، وفيما بين هذين يكثر تولد السل لكثرة حركاتهم وصياحهم وثباتهم وقلة نباتهم، * فلا (35) يؤمن عليهم انصداع PageVW0P081B بعض عروق التي * في (36) الرئة * و (37) الصدر وأيضا يحدد دمهم ويتوقد ويسخن وتقل رطوباتهم وتقوي حرارتهم ومع هذا. فأكثر حدوث هذا المرض لا اراه بالسنين بل بالاستعداد، فيمن كان مزاجه مستعدا كما تقدم يعرض * لمتجنحي (38) الاكتاف الكثيرين الشعور الضيقين الصدور يسرع إليهم، وأما من كان ربع القامة كثير اللحم واسع الصدر. فهذا المرض يتعد عنه ولا يعرض له وإنما قال أبقراط إن أكثر ما يعرض في هذا السن لمن هو مستعد له.
10
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابه ذات ذبحة * فتخلص (39) منها فما الفضل إلى رئته فإنه يموت في سبعة أيام فإن جاوزها آل أمره غلى التقيح.
[commentary]
قال الشارح: إذا كان الورم في عضل الحنجرة وخصوصا في داخلها يسمي ذبحة. فإذا نضج ذلك الورم وتقيح وانفجر * مال (40) إلى قصبة الرئة، فملأها وإنما كان ميله إلى الرئة من دون سائر الأعضاء لأنه الرئة دائمة التحرك للترويح عن * القلب (41) ونفض البخار الدخاني عنه وهي متخلخلة وتسخن بدوام حركاتها، فيقبل بذلك انصباب المادة إليها لكونها متخلخلة كثيرة الحركة مستقلة، * وإنما (42) حضرة الموت في سبعة أيام لأنها من الأمراض الحادة جدا التي بحرانها لا يجاوز * يجي؟؟؟ (43) أنها السابع وهذا ورم * يمنع (44) فيه خروج النفس فيحصل الاختناق. فإذا جاء بحرانه السابع ونهضت الطبيعة لمقاومة المرض PageVW0P082A في يوم السابع وهو يوم المنتهي. فلا يكاد يتجاوز ذلك * اليوم (45) الرابع، فإن كان الطبيعة القاهرة فيتخلص منها، وإن مال الفضل إلى رئته يمنع خروج النفس * فيموت (46) قبل * اليوم (47) السابع أو في السابع فإن * جاوزها (48) وقع في التقيح.
11
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان بإنسان السل * فكان (49) ما يقذفه بالسعال من البصاق منكر الرائحة إذا ألقي على الجمرة وكان شعر الرأس ينتشر فذلك من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: إنما PageVW1P051B ذكر هاتين العلامتين واستدل بها على هلاك المرض، وذلك أن نتن رائحة البصاق يدل على شدة عفن القرحة وفساد كيموساتها وتأكلها وكذلك تساقط الشعر يدل على ذهاب الرطوبات الأصلية * وشعر (50) فضلة البخار الدخاني. فإذا لم يصل إلى الأعضاء مستحقها من الغذاء انقطع البخار * الدخاني (51) وتساقط الشعر * فقرب (52) هلاك المريض.
12
[aphorism]
قال أبقراط: من تساقط شعر رأسه من أصحاب السل ثم حدث * له (53) اختلاف فإنه يموت.
[commentary]
قال الشارح: معنى هذا الفصل * كمعنى (54) الفصل الأول، ولم يزد عليه شيئا سوى الاختلاف أما تساقط الشعر فقد تقدم القول فيه وأما الاختلاف. فهو يدل على ضعف القوى الطبعيعية وانحلال القوة PageVW0P082B الكلية لأن مدة زمان المريض طويلة وقد أنهك المرض بطوله القوة وأذاب البدن وانحله وذهبت الرطوبات الأصلية وبعد ذلك جاء الاختلاف وهو علامة الموت.
13
[aphorism]
قال أبقراط: من قذف دما زبديا فقذفه إياه إنما هو من رئته.
[commentary]
قال الشارح: قد تقرر أن الرئة عضو سخيف * متخلخل (55) غير مكثف(؟) والدم الذي يخرج من الكبد إلى القلب بعد الطبخ تنشفه حرارة القلب وتسخنه وتدفعه ويحبس لطيفه وتندفع رغوته إلى الرئة زبدية. فيكون غذاء لها لرقبة وسخافتها لأن الغذاء شبيه بالمغتذي والبارز منه يكون زبديا.
14
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدث بمن به السل اختلاف، دل على الموت.
[commentary]
قال الشارح: هذا افصل قد تقدم شرحه غير أنه ههنا أفرد الاختلاف عن تساقط الشعر وغرضه أن يعرف أن الاختلاف بمفرده في آخر السل دليل على هلاك المريض أو قريب منه.
15
[aphorism]
قال أبقراط: من آلت به الحال من ذات الجنب إلى تقيح فإنه إن ستنقى في أربعين يوما من اليوم الذي انفجرت في المدة فإن علته تنقضي وإن لم يسبق في هذه * المدة (56) فإن يقع في السل.
[commentary]
قال الشارح: قد تبين أن ذات الجنب ورم حادث * بالغشاء (57) المستنبط للاضلاع، فإن كانت PageVW0P083A القوة فيه قوية صحيحة صالحة انضجته وقذفته بالنفث، وإن عجزت عن ذلك يؤول أمرها إلى التقيح وحضرها في مدة أربعين * يوم (58) لأنه آخر البحارين في الأمراض الحادة. فإذا لم ينتن في آخر البحارين الحادة غلظت المواد ومالت إلى التقيح لأن * المادة (59) تعفن وتعفن الرئة وتأكلها وتوغل القرحة ويؤول أمرها إلى الهلاك.
16
[aphorism]
قال أبقراط: الحار يضر من أكثر استعماله هذه المضار PageVW1P052A يؤنث اللحم ويفتح العصب يكدر الذهن وتجلب سيلان الدم والغشى ويلحق أصحاب ذلك الموت.
[commentary]
قال الشارح: ذكر أبقراط في هذا الفصل مضار الحار وعنى به استعمال الماء الحار وما يتولد من استعماله أو مهب الهواء الحار وما يعرض من دوام هبوبه. فقال يؤنث اللحم أي يرخيه وتفتح العصب أي يرخيه أيضا ويكدر الذهن * أي (60) يبلده لإرخائه محله هو * الدماغ (61) ويجلب سيلان الدم بكثرة تحليله وأذابته، وإذا أكثر سيلان الدم تبعه الغشى وإذا كثر الغشى لزم منه وقوع * الدم (62) لانحلال القوى واستيلاء الضعف عليه.
17
[aphorism]
قال أبقراط: وأما البارد * فيحدث (63) التشنج والتمدد والاسوداد والنافض التي * تكون (64) معها حمى.
[commentary]
قال الشارح: PageVW0P083B ذكر في الفصل المتقدم مضار الحار وما يعرض عنه من الأمراض، وذكر في هذا الفضل مضار البارد وما يعرض من الأمراض والضابط في هذا أن من أدمن استعمالهما عرض عنهما ما ذكره وأما في دفعة واحدة وثلاثة فلا يعرض جميع ما * ذكره (65) . فقال البارد يحدث عنه التشنج والتمدد واسوداد الأعضاء وميلها إلى الكمودة، كحال من يمشي في الثلج ونشاهد ذلك عيانا والنافض الذي تكون معه حمى وهذه * تعرض (66) لأضرارها بالعصب والاسوداد لارسال الطبيعة الدم إلى الأعضاء لاصلاحهما. فتحقن فيها وتعفن ويجذب الأعضاء منه أكثر مما يجب وسبب الاحتقان والجمود وعدم تنفس الحار الغريزي يعفن العضو وهذا يشاهد في المضروبين. فينبغي أن يشرط أو يفصد وينقص له من الدم ولا يقتصر على المحللات والنافض التي تحدث معه الحمى يكون سبب أن الأخلاط إذا لم يتروح يوجب لها عفن والعفن موجب للنافض والحمى.
18
[aphorism]
قال أبقراط: البارد ضار للعظام * والأسنان (67) والعصب والدماغ والنخاع، وأما الحار فموافق لهم نافع.
[commentary]
قال الشارح: قد تقرر أن أصل الطب مقابلة الضد بالضد ولما كانت هذه الأعضاء مزاجها يغلب عليه البرد كانت الأشياء الباردة مضرة لها لأنها تخرج أمزجتها عن الاعتدال وتزيد في برئها، فيستولي البرد عليها وحيث كان ذلك كذلك PageVW0P084A كانت الأشياء الحارة موافقة لها نافعة بسبب تعديل أمزجتها.
19
[aphorism]
قال أبقراط: كل موضع قد برد فينبغي PageVW1P052B أن يسخن إلا أن يخاف عليه انفجار الدم منه.
[commentary]
قال الشارح: قد مضى شرح هذا الحار يداوي البارد والبارد يداوي بالحار لأنه استثنى، فقال إلا أن يخاف عليه انفجار الدم * منه (68) فإن الحار يوجب، فنفجار الدم بسبب مداومته أما إذا كان غير دائم فلا يخاف منه.
20
[aphorism]
قال أبقراط: البارد لذاع للقروح ويصلب الجلد ويحدث من الوجع ما لا يكون معه تقيح ويسود ويحدث النافض * التي (69) * تكون (70) معها حمى والتشنج والتمدد.
[commentary]
قال الشارح: قد * ذكر (71) هذا الفصل * ما (72) يحدث * البرد (73) من الضرر في الأعضاء. فقال البارد لذاع للقروح ولم يطلق لذع البرد مطلقا إلا خصص به القروح لأن البارد لا يعرض في عمق أعضاء البدن لأن الماء للطافته لا يغوص في كثافة الجلد. فلأجل هذا خص به الجروح والقروح ويصلب الجلد بسبب تكثيفه المسام ويحدث من الوجع ما لا يكون معه تقيح بسبب منعه من تحلل الأشياء التي يكون معها الوجع وتبلد الحار الغريزي ويمنع من النضج. فلأجل هذا قال ويحدث من الوجع ما لا يكون PageVW0P084B معه تقيح والاسوداد والنافض، فقد مضى شرحه في الفصل الذي قبل هذا ومع هذا يغيره (؟) إما اسوداد العضو، فبسبب ارسال الطبيعة الدم إلى العضو الذي لحقه البرد وأن العضو يجذب من الدم أكثر منن مستحقه ولا يجد له متنفسا. فيعفن ويسود العضو الذي لحقه البرد * (74) ويحدث التشنج * والنافض (75) لضرره بالعصب، ولا شك أن فعل القوى في هذه * المواضع (76) أكثر من فعل الماء للطافته ومن عادة اللطيف الغوص في عماق أعضاء البدن.
21
[aphorism]
قال أبقراط: وربما صب على من به تمدد من غير قرحة وهو شاب حسن اللحم في وسط * من (77) الصيف ماء بارد كثير فأحدث فيه انعطافا من حرارة كثيرة فكان يخلصه بتلك الحرارة.
[commentary]
قال الشارح: قول أبقراط «وربما» أراد به القليل الوقوع لأن «رب» حرف معناه القليل وقيد في قوله «من غير قرحة» لئلا * يناقض (78) قوله «البارد لذاع للقروح»، وذكر قيدين آخرين وهو شاب حسن اللحم احتراز من المهزولين وعين فصل * الصيف (79) احترازا من باقي الفصول، وذلك لئلا يجمع بين برد الماء وبرد الهواء ولئلا PageVW1P053A * يغوص (80) البرد في عمق أبدان المهزولين. وقد ذكر ابن أبي صادق في شرحه أن رجلا طالبه السلطان بمال فتعسر عليه إحضاره وكان رجلا مشلولا، فأمر بدفنه في الثلج ولم يعين PageVW0P085A الفصل. فقال: لما * خرج (81) من الثلج برئ من شله ولا شك أنه قد كان جامعا للقيود الذي ذكرها أبقراط فإن الماء البارد في الصيف في وسط الهاجرة * للشاب (82) الحسن اللحم في فصل الصيف غير مضر وأنه يعكس الحار الغريزي إلى داخل البدن.
22
[aphorism]
قال أبقراط: الحار مقيح ولكن ليس في كل قرحة، وذلك من أعظم العلامات الدلالة على الثقة والأمن، ويلين الجلد وترققه ويسكن الوجع ويكسر عادية النافض والتشنج والتمدد ويحل الثقل العارض في الرأس، وهو من أوفق الأشياء لكسر العظام وخاصة للمعرى منها ومن * العظام (83) خاصة لعظام الرأس، ولكل ما أماته البرد أو أقرحه وللقروح التي تسعي وتتأكل وللمقعدة والفرج والرحم والمثانة فالحار لأصحاب هذه العلل نافع شاف والبارد لهمم ضار قاتل.
[commentary]
قال الشارح: أما قول أبقراط الحار مقيح ولم يطلق القول لكن احترز بقوله لكن ليس في كل قرحة، وعنى الحار المعتدل * الذي (84) لا يتجاوز حرارته الاعتدال، ولا شك أن الحار نوع من * المقيح (85) وأنه سبب النضج. فلو أدمن على عضو أنضجه وقيحه لأنه متى نضج تقيح. وقالوا ينبغي أن يكون الحار مغيرا لئلا يفتح المسام ونشر الحار، فإذا كان مغريا حقن الحار الغريزي إلى داخل PageVW0P085B البدن وأنضج وليس كل ورم أو قرحة يقيحها الماء، فإن الأورام السرطانية لا يقيحها الماء الحار ولا يؤثر فيها أثرا لغلظ المواد وعسر نضجها. وقد أمر أبقراط فيما بعد بأن لا تعالج وكذلك القورح * العفنة (86) فإنها تزداد بالضماد والماء الحار عفنا بل تداوي بالأدوية الكاوية المحرقة ليقل عفنها. هذا إن دعت إليه ضرورة وكذلك الأعضاء التي تنجلب إليها المواد متى استعمل فيها الماء الحار أرخاها وجذب إليها أكثر، وكذلك الأورام الخبيثة الرديئة الاخلاط وما شاكلها. وأما الأورام التي يؤول أمرها إلى الجمع والانفجار، فإن الماء الحار من أعظم الدلالة وأمن على معالجتها به لأن برأها بكمال النضج والماء ينضجها ويسكن المهاء (؟) ويرققها ويلينها ويحلل ما اجتمع فيها وأما تسكينه * للنافض (87) . فينشر الحار الغريزي ويبسطه ويفعل PageVW1P053B عكس ما يفعله البارد، فهو ينفع التشنج التمدد لملائميته للأعصاب وينفع لعظام الرأس لقلة ما عليها من اللحم وغوص البرد فيها ولكون مزاج الدماغ بارد حله للثقل العارض في الرأس لتحلل ما اجتمع فيه من الفضول وينفع للعظام خاصة لبرد أمزجتها وقلة الدم فيها وخاصة للمعري منها * وللقروح (88) التي تسعى وتتأكل تحليل فيها ودفعه إلى ظاهر البدن ورده عن السعي من عضو إلى عضو يليه وقوله. فالحار لأصحاب PageVW0P086A هذه العلل * نافع (89) * شاف (90) والبارد لهم ضار قاتل يؤكد أن المعالجة هي مقابلة الضد بضده.
23
[aphorism]
قال أبقراط: * فأما (91) البارد فإنما ينبغي أن يستعمله في هذه المواضع أعني في المواضع * التي (92) يجري * منها (93) الدم أو هو مزمع * أن (94) يجري منه، وليس ينبغي أن يستعمل في نفس الموضع الذي يجري منها الدم لكن حولها ومن حيث يجيء وفيما كان من الأورام الحارة والتلذع مائل إلى الحمرة ولون الدم الطري لأنه إن استعمل فيما قد عتق فيه الدم سوده، وفي الورم الذي * يسمى (95) الحمرة إذا لم يكن معه قرحة لأن ما كانت معه * منه (96) * قرحة (97) فهو يضره.
[commentary]
قال الشارح: أمرنا أبقراط أن نعالج * المواضع (98) * التي (99) يجري منها الدم أو هي متوقع أن يخرج منها باستعمال الأشياء الباردة كالماء البارد نبهنا على أن يكون استعمال * ذلك (100) حوالي الموضع الذي يليه ولا يكون في نفس الموضع لأن متى استعمل في نفس الموضع * (101) أنكاه وقرحه وجلب الألم إليه، وإذا كان مما يليه برد كثف وقوي ومنع من تجلب المادة إليه وينفع ذلك ببرد وقمعه، وكذلك الأورام الحارة كما قال الرئيس: «ينبغي أن يقرب إليها في الاتبداء ما يردع ويبرد ويكثف وعنى بالتلكع المواضع التي كأنها قد كويت بالنار بحدة موادها». وقوله ولون الدم الطري لأنه إن استعمل فيما قد طال PageVW0P086B مكث الدم سوده وفي الورم الذي يسمى حمرة ينفع استعماله، إذا لم يكن معه قرحة لأن متى كان معه قرحة لذعها وجلب الألم إليها، فلهذا احترز من القرحة.
24
[aphorism]
قال أبقراط: إن الأشياء الباردة مثل الثلج والجمد ضارة للصدر مهيجة للسعال جالبة لانفجار الدم * والنزل (102) .
[commentary]
قال الشارح: لما ذكر منافع الماء الحار ومنافع الماء البارد ومضارها أراد أن يعرفها مضار الذي هو أبرد من الماء. فقال إن الثلج * والجمد (103) ضارة للصدر مهيجة للسعال جالبة لانفجار الدم PageVW1P054A * والنزل (104) . أما ضرارة الصرد فأمر محسوس أنه يضر بالأعصاب وآلات التنفس، فإذا ضر هذه الأعضاء أهاج السعال فإذا قوي تعدى ضرره إلى الصدر والرئة فحصل ذلك قيء الدم ونفثه.
25
[aphorism]
قال أبقراط: الأورام التي تكون في المفاصل والأوجاع التي تكون من غير قرحة وأوجاع أصحاب النقرس وأصحاب التشنج الحادث في المواضع العصبية وأكثر ما أشبه هذه فإنه إذا صب عليها ماء بارد كثير سكنها وأضمرها وسكن الوجع بإحداثه * من (105) الخدر، والخدر أيضا اليسير مسكن الوجع.
[commentary]
قال الشارح: إن عني أبقراط بهذه الأورام والأوجاع ما يكون * سببها (106) دم أو مرة صفراء والنقرس الحار صح ما قاله إن أطلق PageVW0P087A جميع الأورام ولم * تخصص (107) به الأورام والأوجاع الحارة لم يكن هذا الكلام منتظما، والدليل على أنه أراد به الأورام الحارة والأوجاع الحارة لأنه لم يحصر. وقال جميع الأورام وإنما قال الأورام والأوجاع وهذه قضية مهملة والمهملة في قوة القضية الجزئية، فيكون قد تقدير الكلام بعض الأورام وبعض الأوجاع وتخصص بها الحارة وقوله من غير قرحة لئلا * ناقض (108) قوله البارد لذاع للقروح، * فلأجل (109) هذا احترز ولا شك أن صب الماء البارد على الأورام والأوجاع الحارة * جيدا (110) * فإنه (111) يسكن الألم وتقوي الأعضاء ويمنع من انصباب المواد إليها ويسكن، كما قال بإحداثه الخرد والخرد مسكن للوجع كما يشاهد في ألم الأسنان والأوجاع الفادحة بإعطاء المخدرات.
26
[aphorism]
قال أبقراط: الماء الذي يسخن سريعا * ويبرد (112) سريعا فهو أخف المياه.
[commentary]
قال الشارح: لما فرغ من ذكر منافع الماء ومضاره عرفنا أي المياه أجود وأصلح، فقال ما * يسخن (113) * ويبرد (114) سريعا فهو أخف المياه للطافته يكون قابلا لما يسخنه ويبرده لأن ألطف المياه أسرعها إجابة لما يرد عليها من التبريد والتسخين ولهذا يوجد أسرع انفعالا في الهواء لأنه ألطف من الماء، فالماء إذا حلى وما ويوجبه ولم يخالطه سبب من خارج وكان صافيا نقيا طيب الرائحة حسن اللون طيب الطعم كان أسرع إجابة لما يلاقيه PageVW0P087B وكان انحداره عن المعدة سريعا وبذرقته (؟) للغذاء جيدا وهضمه * صحيحا (115) وتأثيره في البدن * صالحا (116) ، ولما كان الماء من الأمور الضرورية * التي (117) لا * تسع (118) الحمى تركها وكان لا بد للإنسان منه والحاجة إليه داعية ذكره أبقراط ونبه على الفاضل منه وأفرد له فصلا.
27
[aphorism]
قال أبقراط: من ععته شهوة إلى شرب بالليل وكان عطشه شديدا فإنه إن نام بعد ذلك فذلك محمود.
[commentary]
قال الشارح: العطش أسبابه كثيرة، فينبغي أن يذكر من ينبغي أن * يمتنع (119) من شرب الماء ومن ينبغي أن يسقي. ويذكر أسبابه على التفصيل، فيقول العطش يعتبر بالصادق منه والكاذب إن وجد عطشا شديدا نام عليه * بغير (120) شرب، فالعطش كاذب وإن لم يقدر أن ينام، فالعطش صادق هذا الفرق بينهما. فإن كان كاذبا فترك الشرب أولى وإن لم يقدر أن ينام فالشرب أولى، وأسباب العطش قد يكون من حرارة المعدة ويبسها وقد تكون من أطعمة مالحة كثيرة وقد يكون من شراب فليل المزاج وقد يكون من أطعمة * تكثر (121) في المعدة فطلب ما * بذرقها (122) والعطش على ما حدره افتقار المعدة إلى البارد الرطب وهذا هو * الذي (123) من حر المعدة ويبسها وقد أطلقوا شرب الماء في جميع أصناف العطش ومنعوه من * العطش (124) الحادث من يبس المعدة لأجل PageVW0P088A إنطفاء الحار الغريزي وعدم طبخ الغذاء.
28
[aphorism]
قال أبقراط: التكميد بالأفاويه يجلب الدم الذي يجيء من النساء، وقد كان سينتفع به في مواضع أخر كثيرة لو لا أنه يحدث في الرأس ثقلا.
[commentary]
قال الشارح: انتقل أبقراط إلى الأمراض المختصة بالنساء. فقال التكميد * بالأفوايه (125) يجلب الدم الذي يجيء من * النساء (126) وسبب احتباسه إما كدورة الدم وغلظه أو غلظ الكيموسات اللزجة أو ضيق المجاري وانضمامها، فإذا عرض من بعض هذه الأسباب تكمد بالأفاويه الحارة كالميعة وسنبل الطيب والدارصيني وأقوى منه البابونج، فالكليل الملك فإن هذه تغلي على النار وتعهد عليها قمع نحاس وتجعل عند فرج المرأة ليرق ما غلظ ويحل ما انعكس وتكدر ويوسع المجاري. فأما إن كان احتباسه عن ورم أو سدة فلا ينفعه ذلك وقوله يحدث في الرأس ثقلا لتصاعد الأبخرة إلى الدماغ وتحلل الفضلات المحقنة فيه، فيحدث الثقل في الرأس.
29
[aphorism]
قال أبقراط: المرأة الحامل إن فصدت أسقطت وخاصة إن كان طفلها قد عظم.
[commentary]
قال الشارح: فصد الحامل يوجب إسقاطها لأن الجنين يغتذي من خلاصة PageVW1P055A * دم (127) أمه لأن الدم ينقسم ثلاث أقسام: قسم منه يصير لبنا وقسم صافي خلاصة الدم يغتذي به الجنين PageVW0P088B والردي * منه (128) ينزل إلى المشيمة. فإذا فصدت الحامل نقص غذاء الجنين وأعوزه الغذاء، فيطلب الخروج * لنفسه (129) وتدفعه الطبيعة. فإن كان قد عظم فتكون حاجته إلى الغذاء الكثير أمس فيسقط من عوز الغذاء.
30
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت المرأة حاملا فاعتراها بعض الأمراض الحادة فذلك من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: المرض الحاد يؤدي إلى الهلاك. ولهذا قال إن التقدم بالقضية في الأمراض الحادة بالموت كانت أو بالبرؤ * و (130) ليس تكون على غاية الثقة لسرعة تغير احواله. والحمل فهو مرض * وقوة (131) المرأة لا تحتمل مرضا واحدا، فكيف مرضين؟ وجه أخر * وهو (132) أن المرض الحاد الواجب فيه ترك الغذاء والحامل وجنينها محتاجان إلى الغذاء. فإن أعطيت الغذاء زاد في مادة المرض اشتغلت الطبيعة به عن مقاومة المرض وإن منعت أدى إلى سقوط قوتها وإسقاط الجنين.
31
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت المرأة تتقيأ دما فانبعث طمثها انقطع عنها ذلك القيء.
[commentary]
قال الشارح: هذا بسبب انعكاس * المادة (133) وانحدارها من فوق إلى أسفل، وكان غرض أبقراط أن ينبه على إخراج الدم إذا * جاء (134) من جهة * فيقطع (135) مصبة من جهة أخرى كالفصد والحجامة وما أشبهه.
32
[aphorism]
قال أبقراط: PageVW0P089A إذا انقطع الطمث فالرعاف محمود.
[commentary]
قال الشارح: خروج دم الطمث من المرأة ينقي بدنها ويخفف ثقلها ويؤذن بصلاح مزاجها، فإذا انقطع عنها في وقت مجيها دل على ضرر ينالها. فإذا قويت الطبيعة دفعته بالرعاف أو ما شاكله.
33
[aphorism]
قال أبقراط: المرأة الحامل إن ألج عليها استطلاق البطن لم يؤمن عليها أن تسقط.
[commentary]
قال ذالشارح: خروج الجنين يكون لثلالة أمور، أما لضعف الرحم عن إمساكه أو بسبب كثرة الاختلاف لعوز العذاء أو بسبب الزخير لما يلحق المعاء المستقيم من الضرر، وكل واحد من هذه يوجب الإسقاط.
34
[aphorism]
قال أبقراط: إذا * كان (136) بالمرأة علة الارحام أو عسر ولادها وأصابها عطاس فذلك محمود.
[commentary]
قال الشارح: العطاس حركة مزعجة من الدماغ * سببه (137) كما ذكره أبقراط إذا أسخن الدماغ ورطب، PageVW1P055B فأنحدر الهواء الذي فيه فسمع * له (138) صوت * لأن (139) خروجه في موضع ضيق، ومزاج الدماغ بارد رطب فإذا سخن مع برد مزاجه الأصلي دل على قوة الحرارة الغريزية في البدن وقوة القوة، * فلو (140) لا أن الحرارة الغريزية قد كثرت لما سخن العضو الذي مزاجه الأصلي بارد إذا كثرت الحرارة الغريزية وقويت القوة دل على اندفاع المرض. وقوم فسروا قول PageVW0P089B أبقراط * بعلة (141) الارحام اختناق الرحم وقوم فسروه بالمشيمة وعسر خروجها وقوم فسروه بانصلاب الرحم * وهذه (142) . وقد زيف قول من فسره بالمشيمة لأنه قال إذا كان بالمرأة علة الارحام وجعل المرض في عضو من أعضاء الجسد والمشيمة خارجة من أعضاء الجسد فيبقي أن يكون وهو الصحيح اختناق الرحم والعطاس شاف له بوجهين: الوجه الأول ما ذكرناه، والثاني كونه حركة مزعجة يعين على برؤ المرض.
35
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان طمث المرأة متغير اللون ولم يكن مجيئه في وقته دائما دل ذلك على أن بدنها يحتاج إلى * تنقية (143) .
[commentary]
قال الشارح: الطمث إنما يتغير من قبل زيادة * بعض (144) الأخلاط الأربعة عليه، إما السوداء وإما البلغم وإما المرار وإما غلظ الدم وكدورته. وقال * تحتبس (145) يكون خروج الدم إن كان مائلا إلى السواد مع * خضرة (146) فهو سوداء، وإن كان مائلا إلى حمرة وغلظ فهو غلظ الدم، وإن كان الغالب عليه البياض فهو البلغم، وإن كان الغالب عليه الصفرة فهو المرار الأصفر، فإن كان الغالب عليه بعض هذه الثلاثة فينقي البدن بما يخرج ذلك الخلط الغالب، وإن كان من غلظ الدم وكدورته فيعالج بالتكميد بالافاوية كما ذكره آنفا في قوله التكميد بالافاوية يجلب الدم الذي يجيء من النساء.
36
[aphorism]
قال أبقراط: PageVW0P090A إذا كانت المرأة حاملا فضمرت ثدياها بغتة فإنها تسقط.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم القول آنفا أن عند تولد الجنين ينقسم دم * الطمث (147) ثلاثة أقسام: فقسم منه يصير لبنا، وقسم منه هو خلاصته ويغتذي به الجنين في بطن أمه، وقسم منه وهو ارداه يصير إلى المشيمة. فإذا ضمرت ثديا الحامل بغتة دل على خلو العروق التي في الرحم وخلو العروق التي في الثديين وغور الدم لما بينهما من الاشتراك * فيقل (148) غذاء PageVW1P056A * الجنين (149) . فإن كان كثيرا طلب * الغذاء (150) * وخرج (151) لنفسه طلبا للغذاء، وإن كان صغيرا يسقط.
37
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت المرأة حاملا * فضمر (152) أحدي ثديها * كان (153) حملها توما فإنها تسقط أحد طفليها، * وإن (154) كان الضامر هو * الثدي (155) الأيمن أسقطت الذكر، وإن كان الضامر هو الأيسر أسقطت الأنثى.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل يوخذ شرحه من الفصل الذي قبله والعلة فيه قلة الدم وعوز الجنين الغذاء وبقي * هاهنا (156) فضل زيادة إن الذكر أسخن وأجف والأنثى أبرد وأرطب. ولما كان الذكر أقوى من الأنثى كان محله في الجانب الأقوى وهو الأيمن والأنثى لضعفها في الجانب الأيسر. فيكون سقوط أحدهما بضمور الثدي الذي من ناحية هذا إذا كان الحمل توما، فإن كان الحمل بواحد وضمر الأيمن كان السقوط بذكر وإن كان الضمر PageVW0P090B من الأيسر سقطت أنثى.
38
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت المرأة ليست بحامل ولم تكن ولدت ثم كان لها لبن فطمثها قد ارتفع.
[commentary]
قال الشارح: الدم الحاصل في الثديين عند صيرورته لبنا إذا لم * يكن (157) بسبب الحمل ولاغذاء لجنين كان ذلك دليلا على ارتفاع دم الطمث في العروق المشركة بين الرحم الثديين وخلو الرحم من دم الطمث.
39
[aphorism]
قال أبقراط: إذا تعقد للمرأة في ثديها دم دل ذلك من حالها على جنون.
[commentary]
قال الشارح:يعقد الدم في الثديين له سببان: أحدهما شدة الحرارة العاقدة والثاني كدورة الدم وغلظه. فلو كان غليظا بغير كدورة لا ذابته الحرارة وإنما * انعقاده (158) بسبب كدورته ومخالطته اجزاء أرضية، ومن * أجل (159) ذلك يصلب الثدي ويجسو فيتراقي منه إلى الدماغ أبخرة حارة غليظة يوجب اختلاط الذهن وافكارا رديئة، وقد نقل عن جالينوس أن الدم المنعقد في الاثداء لا يصير * لبنا (160) لشدة الحرارة وإنما الابخرة المتصاعدة منه يوجب الجنون والذي يحصل في الأثداء متعقد دما.
40
[aphorism]
قال أبقراط: إن أحببت أن تعلم هل المرأة حامل أم لا، فأسقيها إذا أرادت النوم ماء العسل فإن أصابها مغس في بطنها فهي حامل وإن لم يصبها مغس فليسب بحامل.
[commentary]
PageVW0P091A قال الشارح: قد عرفنا أبقراط علامة بها يتعرف حال المرأة هي حبلي أم لا وقيد PageVW1P056B في ذلك قيدين. فقال تسقي المرأة عند النوم ماء العسل ممزوجا على غير عشاء وذلك لأن المرأة عند الحمل ينضم فم الرحم إنضماما شديدا بحيث لا يدخل فيه شيء البتة. وقد قال ذلك أبقراط في فصل بعد هذا إن فم الرحم من المرأة * الحامل (161) يكون منضما، فإذا أنضم أنضمت معه الأمعاء وماء العسل يتولد منه * أرواحا (162) * فيتمدد (163) * ويمدد (164) ولا تجد منفسا فيحدث المغس. والقيدين الذي قيد أحدهما قوله على غير عشاء ليلا يحدث المغس من طعام يولد رياحا فتظن أنه من قبيل العسل و ويكون من قبل الطعام * المتناول (165) . وقوله عند النوم لأن طبخ الغذاء ونضجه * يكون (166) عند النوم أكثر وأبين، وثم علامة أخرى لم يذكرها.
41
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت المرأة حبلي بذكر كان لونها حسنا، * وإذا (167) كانت حبلي بأنثى كان لونها حائلا.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم القول بأن الذكر * أسخن (168) مزاجا من الأنثى وإن الدم الذي يغتذي به الذكر أشد حرارة من الدم الذي يغتذي به الأنثى لان الغذاء جزؤ من المغتدي والدم الكثير الصافي يعطي اللون حسنا وأشرافا وبريقا، والدم القليل الحرارة يعطي صفرة PageVW0P091B وكمودة ويتركه حائلا متغيرا. وقيل فيه وجه آخر وهو وجه ضعيف تركه خير من ذكره قال إن المرأة تعرف الحمل بالذكر وبالأنثى، وقالوا تعرف ذلك القوابل فتبشروها بالذكر فتفرح فتزداد حسنا بانتشار الحار الغريزي في بدنها.
42
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدث بالمرأة * الحبلى (169) الورم الذي يدعى الحمرة في رحمها فذلك من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم القول إن الحمل مرض فإذا انضاف إليه مرض آخر يتساعد مرضان على القوة الحمرة فهي من الأمراض الحادة جدا وهذا كان بمفردة للحامل والجنين.
43
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حملت المرأة * وهي (170) من الهزال على حال خارجة من الطبيعة فإنها تسقط قبل أن تسمن.
[commentary]
قال الشارح: المرأة إذا كانت ناقهة من مرض، فتكون * مهزولة (171) البدن ناحلة الجسد ثم حملت فتريد الطبيعة ترد على البدن * عوض (172) ما تحلل منه في مدة المرض، فالواصل إلى البدن لا يخلو إما إن يكون مساويا لما تحلل منه أو أزيد وأنقص. فإن كان مساويا يأخذه البدن باسرة ولا يبقي للجنين غذاء تغتذي به فيسقط. PageVW1P057A وإن كان أزيد يهضم على غير الاستواء * ويبقي (173) كلا على البدن لا تنتفع به الحامل ولا جنينها، وإن كان أنقص فتهلك المرأة والجنين وتسقط قبل أن * يستكمل (174) البدن ويأخذ حقه. PageVW0P092A
44
[aphorism]
missing
[commentary]
missing
45
[aphorism]
قال أبقراط: متى كانت المرأة حاملا وبدنها معتدل * تسقط (175) في الشهر الثاني والثالث بغير سبب بين فنقر الرحم منها مملوه مخاطا * ولا (176) يقدر على ضبط الطفل لنقله لكنه ينتهك منها.
[commentary]
قال الشارح: إذا كانت المرأة وبدنها على حال من الاعتدال بين السمن والقضافة * وتسقط (177) في الشهر الثاني والثالث من غير سبب يوجب الاسقاط، فيدل على أن * في (178) نقر الرحم منها كيموسات غليظة لزجة شبيه المخاط يزلق بها الجنين عند ثقله عليها فلا يقدر على إمساكه فيندفع عنها بسرعة. وفي بدئ الأمر كانت قادرة على إمساكه لأنه لم تثقلها فمسكة القوة الماسكة، فلما نقل عجزت عن إمساكه.
46
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت المرأة على حال خارجة عن الطبيعة من السمن فلم تحبل فإن الغشاء الباطن من غشائي البطن الذي * يسمى (179) الثرب يزحم فم الرحم منها وليس تحبل دون أن تهزل.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل شرحه فيه ظاهر. قال * الإمرأة (180) المفرطة في العبالة التي جسمها مملوؤ من الشحم واللحم لا تحبل إن لم يضمر بدنها لأن الثرب يزحم فم الرحم * منها (181) ، وأيضا إن كثرة الشحم وسمن الافخاذ لا يترك الاحليل يصل إلى موضع يزرق المني إليه فلا تقع * المني (182) في مستقرة PageVW0P092B فلم يتولد عند ذلك الجنين. ووجه آخر وهو أن الغذاء الوارد على البدن لم يفضل عند بعد أخذ الأعضاء غذائها وكفاتها لن يعضل عنه غذاء الجنين يتولد ويقل الخرج من الهضم الأول بل الدخل يكون على مقدار الخرج.
47
[aphorism]
قال أبقراط: متى تقيح الرحم حيث يستبطن الورك وجب ضرورة أن يحتاج إلى الفتل.
[commentary]
قال الشارح: عرض أبقراط أن يعرفنا أن هذا المرض ليس له دواء سوى الفتل لأن الورم إذا تقيح حتى يستبطن * الورك (183) لا يخلو * تقيح (184) إن ينفجر إلى داخل أو إلى خارج وكلامهما لا يصلان إليه إلا بالفتل، وكان عرضه أن يزيل طمع من يظن أن له علاجا غير هذا.
48
[aphorism]
قال أبقراط: ما كان من الأطفال ذكرا فأحرى أن يكون تولده في الجانب الأيمن، وما كان أنثى ففي الجانب الأيسر.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدر أن الذكر أسخن مزاجا من الأنثى والأنثى أبرد مزاجا من الذكر وإن الجانب PageVW1P057B الأيمن أسخن من الجانب الأيسر لمجاورته للكبد، وإن الدم المنبعث إلى الجانب الأيمن يأتي من الأجوف الشريان والشريان من الشريان الممتد على الصلب. فيكون الدم والروح * الصائران (185) منهما أنقى وأسخن والجانب الأيسر ليس كذلك، والعرق والشريان اللذان يأتيان إلى الجانب الأيسر PageVW0P093A يتشعبان من العرق والشريان الصائران إلى الكلية اليسرى، فلذلك هي أبرد وأرطب. وقد ذكروا أنه ربما وقع المني من الخصوة اليمني في الجانب الأيسر فيكون مؤنثا وربما وقع من الخصوة اليسري في الجانب الأيمن فيكون مذكرا، إلا أنهما يكون ناقصان عن الذكورية والانوثية * فلا (186) تكون خلفهما تماما فيميل الذكر منهما إلى الانوثية ويميل منهما الأنثى إلى الذكورية وقد شوهد مثل ذلك كثيرا.
49
[aphorism]
قال أبقراط: إذا أردت أن تسقط المشيمة فأدخل في الأنف دواء معطسا وأمسك المنخرين والفم.
[commentary]
قال الشارح: حركة العطاس حركة مزعجة فعند استنشاق الانسان الهواء وحبس النفس ومسك المنخرين والفم يتحبس النفس ويضغط * بقوة (187) الضغط، واحتباس النفس يقوي القوة الدافعة بازدحام النفس وقوة الضغط يندفع المشيمة، وهذه خروجها يكون بعد خروج الولد ويسمى اللاحقة. فإن بقيت ولم يخرج آل أمر الحامل إلى الهلاك فلهذا * عرفنا (188) أبقراط حيلة في خروجها.
50
[aphorism]
قال أبقراط: إذا أردت أن تحبس طمث المرأة فألق عند كل واحد من ثديها ممجمة من أعظم ما يكون.
[commentary]
قال الشارح: إذا كثر طمث المرأة وزاد PageVW0P093B في خروجه ودفقه وأردنا قطعه تجتذب المادة من أسفل إلى فوق بوضع المحاجم بين الثديين لما بين والثديين * والرحم (189) * من (190) المشاركة وأمر أن يكون المحجمة من أعظم ما يكون ليقوي الجذب ويكون جذبا عنيفا فينقطع بذلك الدم.
51
[aphorism]
قال أبقراط: إن فم الرحم من المرأة الحامل يكون منضما.
[commentary]
قال الشارح: عند وقوع الزرع في الرحم يشتمل عليه بكليته من جميع النواحي * اشتمالا (191) * بحيث (192) لا يمكن أن يدخل فيه رأس ميل لتستقر المني في موضعه وتتصرف فيه القوة المولدة والقوة الغاذية النامية والمصورة لطفا من البارئ جل جلالة لتقع التكون ولا يبطل الوجود. فإذا جائت القابلة ورأت فم الرحم منضما من غير ورم جاسي ولا سدة عرفت أن المرأة حامل وهذه العلامة في تصحيح الحبل خير من أعطائها ماء العسل PageVW1P058A * في (193) الفصل المتقدم.
52
[aphorism]
قال أبقراط: إذا جرى اللبن من * ثدي (194) الحبلي دل * ذلك (195) على ضعف من طفلها، ومتى كان الثديان مكتنزين دل * ذلك (196) على أن الطفل أصح.
[commentary]
قال الشارح: هذه علامة يستدل بها على قوة الجنين وضعفه لأن متى سال اللبن من ثدي المرأة الحامل دل على أن الجنين * لم (197) يأخذ من الغذاء * كافية (198) فيوفر اللبن على الثديين PageVW0P094A ويسيل منها. فلو كان الجنين قويا لأخذ * من (199) الغذاء ما لا يفضل عنه منه شيء اللهم إلا أن يكون دم الحامل كثيرا غريزا فيأخذ الطفل منه كفايته ويفضل ذلك بعد كفايته.
53
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان حال المرأة يؤول إلى أن تسقط، فإن ثديها تضمران. فإن كان الأمر على خلاف ذلك، أعني إن * كان (200) ثديانها صلبين، فإنه يصيبها وجع في الثديين * أو (201) في العينين * أو (202) * في (203) * الركبين (204) ولا تسقط.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم القول منه في الفصل المتقدم أنه متى ضمر الثديان دل على الإسقاط، * وههنا (205) ذكر ذلك لكن بوجه آخر زيادة على ذلك. فأخبر أن ضمور الثدي ينذر بإسقاط الولد كما يقدم، * وههنا (206) ذكره على وجه * آخر (207) ابتاع السقط ضمر الثديين، وذكر أنه لم تضمر الثديان قبل * (208) السقط فلا بد من أن تضمر إذا أسقطت فصار ضمور الثديين قبل الإسقاط منذر * بالإسقاط (209) ، وبعده يتبع الإسقاط فذكر ذلك تحقيقا وإن ضمور الثديين يكون قبل الإسقاط وبعده للمشاركة التي بين الرحم والثديين. وكما * ذكر (210) * سقوط (211) الجنين يكون من سببين: أحدهما من قلة الدم فيعوز الجنين الغذاء فيطلب الخروج كما ذكر آنفا، والسبب الآخر من أسباب توجب السقط كصيحة أو وثبة أو خوف PageVW0P094B أو شم رائحة، وهذان لا بد لهما من ضمور الثديين. وقوله فإن كان الأمر على خلاف ذلك، يعني لم يضمر أو كانا صلبين، فإنه يدل على كثرة الدم، هذا إن كانت الصلابة خارجة عن المجرى الطبيعي، فإن كثرة الدم تدفعه الطبيعة إلى المواضع التي عددها، فإن كان دفعها إلى فوق كان وجع في العين، وإن كان إلى أسفل كان الوجع في الوركين والركبتين، وإن * كان (212) في الوسط كان في الثديين ولا يقع الإسقاط.
54
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان فم الرحم صلبا * فيجب (213) ضرورة أن يكون منضما.
[commentary]
قال الشارح: أسباب الإنضمام يكون * إما (214) لشدة القوة الماسكة، وإما لضعف القوة * الدافعة (215) ، وإما لغلبة * البرد (216) ، وإما لغلبة القبض، وإما لغلبة اليبس، وإما لسبب تضاغط يعرض في PageVW1P058B ذلك الموضع مثل ما يعرض الوتاق بالشد، وإما لأفة تدخل على شكل العضو، وإما لورم يحدث فيه، وهذه لا يكون معها حبل. وينبغي أن يعالج بما يسخن ويرطب هذا إذا كان الانضمام من برد ويبس حتى يرد إلى مزاجه الطبيعي، وإن كان * من (217) خراج أو ورم فإذا نضج الورم * أو (218) تقيح الخراج زال ذلك الانضمام، وأما انضمامه من غير صلابة فإنه ينعكسان كما قيل طردا * وعكسا. (219)
55
[aphorism]
قال أبقراط: إذا عرضت PageVW0P095A الحمى لإمرأة حامل وسخنت سخونة قوية من غير سبب ظاهر فإن ولادتها تكون بعسر وخطر أو تسقط فتكون على خطر.
[commentary]
قال الشارح: قد قيل فيما سلف إن الحمى * والحمل (220) مرضان يتعاقبان على البدن، فإن كان ذلك * من (221) سبب ظاهر هانت العلة لعلمنا بالسبب الموجب لها، * فإن (222) كان من غير سبب ظاهر فيكون إما من فساد الكيموسات التي في * داخل (223) البدن أو كثرتها، وكلاهما لا يتمكن من علاجهما بسبب الحمل فيكون حينئذ الولادة والإسقاط فيهما مخطرين غاية الخطر.
56
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدث بعد سيلان الطمث تشنج أو غشي * فذلك (224) رديء."
[commentary]
قال الشارح: كثرة سيلان الطمث وطول زمان مدته يسمي نزفا فهذا إذا صار نزفا وكثر مجيء الدم فبسبب كثرة خروجه يضعف الروح * الحيواني (225) ويكثر تحلله فيتبعه الغشي، وبسبب نقص الرطوبة يستولي اليبس على البدن فحدث التشنج. وهذان مهلكان من أردى العلامات.
57
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان الطمث أزيد مما ينبغي عرضت من ذلك أمراض، وإذا لم ينحدر * الطمث (226) * حدث (227) من ذلك أمراض من قبل الرحم.
[commentary]
قال الشارح: الطمث لا يخلو من أن يكون خروجه أزيد مما ينبغي أو ينقطع ولا ينحدر، فإن كان أزيد مما ينبغي عرضت PageVW0P095B من ذلك أمراض تعم البدن. وزيادة الطمث تكون من أسباب كثيرة، إما من رقة الدم وسخونته، وإما من انفتاح أفواه العروق، * وإما (228) من سوء مزاج يعم البدن. فيحصل للبدن بسبب خروج الدم أن يستولي عليه البرد * واليبس (229) وينقص الحار الغريزي، وهذه تتبعها أمراض مخصوصة وارتفاع الطمث يعرض عنه أمراض تخص الرحم دون البدن، وأسباب ارتفاعه نعينها كما عينا كثرة سيلانه ويكون من * أسباب (230) إما لسدة أو لورم أو غلظ الدم وكدورته أو لبرده. وبرده يكون من مخالطته خلطا * باردا (231) * فيسيء (232) مزاجه في نفسه. وأي هذه وجز فإنه يحدث في الرحم آفات PageVW1P059A إما * ورما (233) حارا أو صلابة أو * سرطانا (234) . فإذا حدثت هذه الأمراض واستحكمت لحق ضررها بالبدن وعم الجميع فلهذا قال حدثت من ذلك أمراض من قبل الرحم.
58
[aphorism]
قال أبقراط: إذا عرض في طرف البدن أو في الرحم تبع ذلك تقطير البول، وكذلك إذا تقيحت الكلى تبع ذلك تقطير البول، وإذا حدث في الكبد ورم تبع ذلك فواق.
[commentary]
قال الشارح: أسباب تقطير البول معروفة معدودة لأنه يكون من حرارة عظيمة يلذع لذعا متابعا ويكون من قبل انسداد فم المثانة ويكون من برد يعرض من خارج. ولم يقصد أبقراط شيئا من هذه الأسباب لأنها أسباب معروفة PageVW0P096A مشهورة، وإنما أراد أن يذكر شيئا آخر أراد به الورم الضاغط المانع من خروج البول بسبب * سده (235) لفم المثانة فيتسدها إذا كان في طرف الدبر. وإن كان في الرحم دفع السدم الورم إلى المثانة فضغط مجري البول فحصل التقطير. وإن قيحت الكلى اندفع منها بعض القيح فأحد مجري المثانة. وإن كانت أزيد مما يجب حبست البول بالكلية، وأما الفواق التابع لورم الكبد فيكون لسببين: أحدهما ورم * يثقل (236) الكبد * ويضغط (237) المعدة فضاق النفس وهاج الفواق، والسبب الآخر * كما (238) قالوا * خريع؟؟؟ (239) الثقل المجتمع فيورم الكبد ويصعد إلى رأس المعدة فينال ضرره المري وبلذعه وقبضه * فهاج (240) الفواق.
59
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت المرأة لا تحبل فأردت أن تعلم هل تحبل أم لا فغطها بثياب ثم تحر تبخر تحتها فإن رأيت * أن (241) رائحة البخور تنفذ في بدنها حتى تصل إلى منخريها * وفمها (242) فأعلم أنه ليس سبب تعذر الحمل من قبلها.
[commentary]
قال الشارح: هذه العلامة عرفنا بها أبقراط هل منع * الحمل (243) من المرأة أو من الرجل، وقال في فصل يأتي بعد هذا متى كان رحم المرأة باردا متكاثفا لم تحبل، ومتى كان أيضا رطبا * جدا (244) لم يحبل لأن رطوبته تغمر المني وتخمده وتطفيه، ومتى كان أيضا أجف مما ينبغي أو كان PageVW0P096B حارا محرقا تحبل لأن المني يعدم * الغذاء (245) فيفسد، ومتى كان مزاج الرحم معتدلا بين الحالين كانت المرأة كثيرة الولد. فقال متى أردت أن تعلم هل عدم الحبل من المرأة فبخر تحتها وغطها تغطية لايخرج من رائحة البخور شيء أصلا فإن وصلت رائحة البخور ونفذت في جميع بدنها حتى تصل إلى منخريها وفمها، فأعلم أنه ليس سبب تعذر الحمل PageVW1P059B من قبلها، وذلك أنه لو كان الرحم باردا متكاثفا لما نفذت رائحة البخور إلى الفم والمنخرين، ولو كان رطبا جدا أيضا لما نفذت رائحة * البخور (246) لأن الرطوبة تسدد المنافذ بغلظها ولزوجتها، ولو كان يابسا شديدا الجفاف لما نفذت * أيضا (247) لأن * اليبس (248) يجمع ويلزم ويكثف، ولو كان حارا محترقا لافتنذ رائحة البخور وغيرها فدل على أن مزاجه معتدل، وإذا كان معتدلا كانت المرأة كثيرة الولد كما تقدم وليكن صورة * التبخير (249) بقمع وليكن البخوران كالكندي والميعة لتنفذ رائحتها سريعا، ولو كان في الرحم ورم أو * سدة (250) لما نفذت رائحة البخور، فنفوذ البخور علامة تدل على أن المرأة ليس بعاقر.
60
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان طمث المرأة * الحامل (251) يجري في أوقاته فليس يمكن أن يكون طفلها صحيحا.
[commentary]
قال الشارح: إذا كان الطمث يجري من المرأة الحامل في أوقاتها المعتادة فيدل على أمرين: أحدهما * مرض (252) الجنين وأنه ليس بصحيح، وذلك لانه لا يتناول من PageVW0P097A الغذاء ما يكفيه لأفة حدثت به فيفضل عنه الدم فيخرج في اوقاته ويدل على صحة مزاج الحامل وكثرة دمها فيأخذ الجنين مستحقه من الغذاء ويفضل عنه فيخرج بالطمث.
61
[aphorism]
قال أبقراط: إذا لم * يجر (253) طمث المرأة في أوقاته ولم * يحدث (254) بها قشعريرة ولا حمى ولكن عرض لها كرب وغثي وخبث نفس فأعلم أنها قد علقت.
[commentary]
قال الشارح: قد بنه أبقراط في هذا الفصل على حمل الإمرأة، فقال علامة تستدل بها على الحمل وعدمه، فقال * إذا (255) لم * يجر (256) طمث المرأة في أوقاته وعرض لها غثي وكرب وخبث * نفس (257) من غير مرض نالها فذلك دليل على حملها، والرحم أمر يعرض للحامل في مبتدأ حملها من الشهر الثاني إلى الثالث، وسببه بخارات * تصاعد (258) إلى الفم من المعدة لأجل احتباس الطمث."
62
[aphorism]
قال أبقراط: متى كان رحم المرأة باردا متكانفا لم تحبل، ومتى كان أيضا رطبا جدا لم تحبل، لأن رطوبته تغمر المني وتخمده وتطفئه. ومتى كان * أيضا (259) أجف مما ينبغي أو كان حارا محرقا لم تحبل لأن المني يعدم الغذاء فيفسد. ومتى كان مزاج الرحم معتدلا بين الحالتين كانت المرأة كثيرة الولد.
[commentary]
قال الشارح: كانت العادة من * زمان (260) أفلاطن أن * يعتبروا (261) أحوال النساء وأحوال * الرجال (262) لينظروا في * سبب (263) العاقر والعقم * (264) ويزوجون PageVW0P097B الكثيرين الولادة للرجال PageVW1P060A * الكثيرين (265) الولد والعاقر * للعقم (266) ، وكان عرضهم بذلك بقاء النسل لأجل الملوك وحفظ دولهم. فلما جاء أبقراط ذكر أسباب منع الحبل في المرأة وأسباب العقم للرجل ليحذون في ذلك حذوة/حذوه الاسباب الموجبة في العاقر هي الأسباب الموجبة أيضا في * العقم (267) للرجل. وذكر ذلك فقال إن الرحم إذا كان مزاجها * يابسا (268) يفسد ما يرد عليها من مادة البذر ولا تولد فيها شيء هذا إذا * كانت (269) خارجة عن الاعتدال خروجا كثيرا. فإن المرأة إذا كانت عاقرا بسبب برد مزاج الرحم بردا * مفرطا (270) كان متكاثفا وكانت العروق التي في الرحم ضيقة جدا عادمة للحرارة الغريزية، فلا يجري فيها شيء يغتذيه * ويمتنع (271) الجنين من الغذاء. وإن جري فيها شيء فيكون نزرا قليلا لا يقوم بغذاء الجنين لضيقها وتكاثفها وصلابتها. وإذا كانت العروق التي هذه حالها بهذه * صفة (272) كان الدم الجاري فيها قريبا إلى المائية رقيقا جدا * باردا (273) ، فإذا وقع مني الرجل في رحم هذه حاله برده وأخمده، ومتى كان رطبا جدا فإن رطوبته تغمر المني وتخمده وتطفئه وتبطل القوة التوليدية فيه كما يعرض للأرض النزة إذا أوقع فيها البذار. ومتى كان يابسا كان حاله كحال البذر الذي يقع في الأرض السبخة التي لا تزكوا فيها البذر. ومتى كان حارا محرقا كان حاله كحال البذر الذي يقع في الأرض الشديدة الحرارة، ولهذا لاي يزرع في فصل الصيف وخاصة عند PageVW0P098A طلوع النجم المعروف بالشعري العبور لشدة الحرارة ولا عند * طلوعها (274) . وهذه الأسباب في العاقر هي الأسباب في * العقم (275) . فإن المني متى كان أحر مما ينبغي مفرط الحرارة كان منزلة الشيء المحرق شديد الجفاف، وإن كان المني مفرط البرودة كان عادما للنضج الكامل فلا ينجب. وكذلك متى كان مفرط الرطوبة لم يتمكن فيه أن يتولد عند وقوعه في الرحم. وبالجملة فأسباب العقر والعقم البرد المفرط المجاوز للاعتدال، ولهذا صارت البغلة لا تولد لبرد مزاجها، وربما أقتنت ذلك من الحمار المواقع لها. وقالوا إن البغلة لا تعيش في البلاد الشمالية الموغلة في الشمال، وربما يعيش الذكر لأنه يسخن مزاجا منها.
63
[aphorism]
missing
[commentary]
missing
64
[aphorism]
قال أبقراط: اللبن لأصحاب الصداع رديء وهو ايضا للمحمومين رديء ولمن كانت المواضع التي دون الشراسيف منه مشرفة وفيها قراقر ولمن به عطش ولمن الغالب على برازه المرار ولمن هو في حمى حادة ولمن اختلف دما كثيرا، وينفع أصحاب السل PageVW1P060B إذا لم تكن بهم حمى شديدة جدا ولأصحاب الحمى الطويلة الضعيفة إذا لم يكن معها شيء مما تقدمنا بوصفه وكانت أبدانهم تذوب على غير ما توجبه العلة.
[commentary]
قال الشارح: اللبن مختلف الأجزاء فيه مائية وجنية ودكية مما يضر به لأصحاب الصداع فأنه سريع الاستحالة إلى أي خلظ صادف في المعدة، وأما مضرته المحمومين PageVW0P098B فلكثرة استحالته وعفنه، وأما لمن كانت المواضع التي دون الشراسيف منه مشرفة وفيها قراقر، * فإن (276) ذلك يكون من احتقان ريح فيها واللبن يزيد في الأرواح وأضراره لمن به عطش لسرعة استحالته إلى المرار. وكذلك لمن الغابل على * برازه (277) المرار ولمن هو في حمى حادة أيضا لسرعة استحالته وانقلابه إلى الكيموس المولد لها ولمن اختلف دما كثيرا لأن صاحب الاختلاف تضعف قوته، فإذا سقي اللبن استحال إلى خلط صفراوي مولد * للمرار (278) فيكثر ويسحج. * (279) وإذا كان اللبن في الأصحاء في الأبدان * الذي (280) لا يذم من صحتها شيء رديء، فبالحرى أن يكون في الأبدان المسقامة رديء، ولمن به هذه الأمراض وأما نفعه لأصحاب السل فإنه متق للقرحة جال لها مرطب للأبدان مقلل لليبوسة.
65
[aphorism]
قال أبقراط: من حدثت به قرحة وأصابه بسببها انتفاخ فليس يكاد يصيبه تشنج ولا جنون، فإن غاب ذلك الانتفاخ دفعة ثم كانت القرحة من خلف عرض له * تشنج (281) أو تمدد، وإن كانت القرحة من قدام عرض له * جنون (282) أو وجع حاد فى الجنب أو تقيح أو اختلاف دم إن كان ذلك الانتفاخ أحمر.
[commentary]
قال الشارح: غرض أبقراط أن يعرفنا أن * القروح (283) متى تبعها ورم، فليس يكاد أن يكون معها تشنج ولا * جنون (284) PageVW0P099A لأن الورم يكون من كيموس ينصب، فإذا اندفع إلى ظاهر * الجسد (285) مع الحدة نقي الباطن، فإن غاب ذلك الورم بغتة لا يخلو إما أن كان الورم من خلف أو من قدام فإن كان الورم من خلف عرض له تشنج أو تمدد لكنه لحق بالعصب، فشنجه أو مدده وإن كانت من قدام أحدث الجنون ووجع الجنب ووجع الجنب مرضا حادا. فإذا دام قيح وإن مال إلى ناحية البطن أحدث اختلاف الدم وخصوصا، إن كان الانفتاخ أحمر لأنه يكون عن مواد حادة. وقد أخذوا على أبقراط في قوله وإن كان الورم من قدام وغاب دفعة لميله لحق القلب، فإذا مال ذهب العقل من القلب كان كلاما غير * منتظم (286) ولم يرد به إلا ميله من قدام لحق الدماغ لأن العقل في الدماغ لأن فيه القوى النفسانية. فنقول * إذا (287) غاب الورم من قدام دفعة اندفع إلى بعض الأعضاء الرئيسة، فإن مال نحو * الدماغ (288) حدث ذهاب العقل وإن مال إلى الصدر حدث وجع الجنب. فإذا دام * تقيح (289) وإن مال إلى المعاء حدث أختلاف الدم خصوصا إن كان الورم أحمر لأنه يكون عن * دم (290) PageVW1P061A حاد.
66
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدثت PageVW0P099B خراجات عظيمة خبيثة ثم لم يظهر معها ورم فالبلية عظيمة.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل عكس الفصل * المتقدم (291) لأن الأول قال يظهر فيه ورم وهذا قال لا يظهر فيه ورم، وأراد بذلك أن المادة إذا لم تظهر مع الخراج يكون قد مالت إلى داخل البدن وأعفاجه وربما مالت إلى بعض الأعضاء الرئيسية، فيكون من ذلك ضرر عظيم خصوصا إذا كانت المادة خبيثة.
67
[aphorism]
قال أبقراط: الأورام الرخوة محمودة واللينة مذمومة.
[commentary]
قال الشارح: هذه علامة يفرق بها بين الأورام الجيدة والرديئة. فإن الأورام الصلبة رديئة لأن سببها مواد غليظة رديئة عسرة التحلل بطيئة النضج تطول مدة زمانها، وهي التي عني بقوله النيئة والرخيوة هي اللينة التي لا تدافع اليد بالجس وسببها مواد سهلة التحلل سريعة النضج.
68
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابه وجع في مؤخر رأسه فقطع له العرق الذي في جبهته انتفع بقطعه.
[commentary]
قال الشارح: متى كانت المادة قد انقطع مصبها فلتؤخد من نفس العضو ومتى لم ينقطع مصبها تؤخذ من موضع يخالف للعضو. فإذا كان الوجع في مؤخر الراس تقبل المادة إلى قدام ويفصد العرق الذي في الجبهة ويجذبها إلى قدام فينتفع بذلك.
69
[aphorism]
قال أبقراط: إن النافض أكثر ما يبتدئ في النساء من أسفل الصلب PageVW0P100A ثم يتراقي في الظهر إلى الرأس وهي أيضا في الرجال تبتدئ من خلف أكثر مما تبتذئ من * قدام (292) مثل ما * قد (293) يبتدئ من الساعدين والفخذين، والجلد أيضا في مقدم البدن متخلخل ويدل على ذلك الشعر.
[commentary]
قال أبقراط: النافض رعدة تلحق الإنسان من أسفل صلبه بشدة برد ظهره * لحلول (294) النخاع فيه ثم يتراقي إلى الرأس عند اشتداده هذا في النساء لبرد أمزجتهن ولأن ظهورهن أبرد من ظهور الرجال، وفي الرجال يبتدئ من خلف في الأكثر لأن مؤخر الرجال أبرد من مقدمهم والدليل كثرة الشعر في مقدمه وقلته في مؤخره ويبتدئ من الساعدين والفخذين لبردهما والدليل عليه ظهور الشعر في الحار واختفائه في البارد.
70
[aphorism]
قال أبقراط: من اعترته الربع فليس يكاد يعتريه التشنج، وإن اعترته التشنج قبل الربع ثم حدث الربع سكن التشنج.
[commentary]
قال الشارح: الربع يكون من عفونة الخلط السوداوي أو من احتراق بعض الأخلاط وانقلابها إلى السوداء. والتشنج يكون من خلط غليظ بلغمي لزج يرسخ في الأعصاب. فإذا PageVW1P061B حدث * حمى (295) * الربع (296) استولي اليبس على بدنه وأضعفته وانهكه، فلم يبق فيه خلط غليظ يوجب PageVW0P100B التشنج، وإن اعتراه التشنج قبل حدوث حمى الربع سكن التشنج لأن حمى الربع بعفنها يحدث النافض وبحرارتها تحل الخلط البلغمي. فإذا وردت حلت التشنج بما تحدثه من الحرارة العفينة وهذا التشنج الذي عناه أبقراط هو التشنج الامتلائي.
71
[aphorism]
قال أبقراط: من كان جلده متمددا قحلا صلبا فهو يموت من غير عرق، ومن كان جلده رخوا متخلخلا فهو يموت مع عرق.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل فيه علامة من يموت بعرق وبغير عرق. * فمن (297) كان جلده متمددا قحلا صلبا ثخينا فإن العرق لا يخرج منه فيموت بغير عرق. ومن كان جلده رخوا سخيفا متخلخلا، فهو يموت بعرق لسعة مسامه وافتاحها ورقة مواده ونضجها.
72
[aphorism]
قال أبقراط: من كان به اليرقان فليس تكاد تتولد فيه الرياح.
[commentary]
قال الشارح: الرياح تكون من رطوبات تتحلل وتنفس واليرقان هو انتشار الخلط الصفراوي في * البدن (298) وغزارته، فتمتلئ به المرارة وتعود على الكبد، * فتصفي (299) لونها وتقلبه من الحمرة إلى الصفرة وتغير طعمه وتقلبه من الحلاوة إلى المرارة. ولهذا قال لا تكاد تتولد فيه الرياح لأن الخلط الصفراوي يذيب الأرواح ويفششها PageVW0P101A وتحللها بشدة حرارته فلا تترك الأرواح تتولد ولا تترك لها بقاء ولا طول لبث.
PARATEXT|
تمت المقالة الخامسة وهي أحد وسبعون * فصلا (300) .
Bilinmeyen sayfa