239

Yıldızsal Yorumlar: Tasavvufi İşaretlerle Tefsir

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Türler

ثم أخبر عن مقال أهل القال، ومعاملة أهل الحال بقوله تعالى: { ومن الناس من يعجبك قوله في الحيوة الدنيا } [البقرة: 204] إلى قوله: { ولبئس المهاد } [البقرة: 206]، والإشارة فيها أن قوما أعرض الحق تعالى عن قلوبهم؛ فأعطاهم في الظاهر بسطة في اللسان وتقريرا في البيان ويدعون شيئا بأقوالهم يكذبون فيها بأخلاقهم وأفعالهم فيعجب الخلق بأقوالهم ما لم يروا أعمالهم، ولكن الله يشهد سرائرهم، ويعلم ضمائرهم إن عقود أسرارهم حضور أخبارهم، وفي الحقيقة هذه خصلة بعض النفوس الأمارة بالسوء أن تظهر السوء باللات المموهة والأقوال المزخرفة تسر بقبائح أوصافها وفضائح أخلاقها، وتعلن الصداقة وتخفي العداوة، وترى أنها أولى الأولياء، وتراها أعدى الأعداء { وهو ألد الخصام * وإذا تولى } [البقرة: 204-205]؛ أي: وجد التمكن والولاية { سعى في الأرض } [البقرة: 205]؛ يعني: في أرض القلب { ليفسد فيها } [البقرة: 205]، يخربها { ويهلك الحرث } [البقرة: 205]، ويبطل حرث الصدق في ترك الدنيا، وطلب الآخرة والتوجه إلى الحق { والنسل } [البقرة: 205]، ما تولد من الأخلاق الحميدة، والخصال السريدة { والله لا يحب الفساد } [البقرة: 205]، بالأقوال الكاذبة.

{ وإذا قيل له اتق الله } [البقرة: 206]، يعني لأرباب النفوس من أهل الكبر والأنفة { أخذته العزة بالإثم } [البقرة: 206]، ثم سمحت أرواحهم عن قبول الحق وتمادت نفوسهم بالباطل، ولو ساعدت العناية وأدركتهم العاطفة؛ لتقلدوا المنن لمن هداهم إلى الجنة ونبههم عن نوم الغفلة، وولتهم على طريق الوصلة، ولكن من رزق العناد زال عن منهج السداد وضل عن سبيل الرشاد { فحسبه جهنم ولبئس المهاد } [البقرة: 206] أي: حسبه جنهم الغرور والتكبر، فإنها دركة من دركات نار القطيعة في الحال { ولبئس المهاد } ، والمرجع في المآل.

ثم أخبر عن معاملة أهل الوداد من العباد بقوله تعالى: { ومن الناس من يشري نفسه ابتغآء مرضات الله والله رؤوف بالعباد } [البقرة: 207].

والإشارة أن الخواص من أولياء الله منهم لمن يشتري نفسه ابتغاء مرضات الله كما أن الله تعالى

إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة

[التوبة: 111].

والفرق بين الفريقين أن الله اشترى من المؤمنين أيام الميثاق من غير اختيارهم، فكان ثمن نفس المؤمن الجنة أما الأولياء فإنهم باعوا باختيارهم أنفسهم في هذا العالم فكان ثمن الأولياء مرضات الله، { والله رؤوف بالعباد } يعني: الفريقين فلرأفته بالمؤمنين اشترى الأمارة بالسوء مع غب الظلومي والجهولي بثمن الجنة، والنعيم المقيم، ولعاطفته بالأولياء وفقهم لشري أنفسهم بغير حظ من حظوظها؛ بل خالصا لوجه الله ابتغاء مرضاته.

ثم أخبر عن المدخول في الإسلام بقوله تعالى: { يأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كآفة } [البقرة: 208]، معنى عاما، ومعنى خاصا؛ فأما المعنى العام مع جميع من آمن في الظاهر ادخلوا في جميع شرائط الإسلام في الباطن كما دخلتهم في شرائعه في الظاهر من شرائطها، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

" المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه، والمؤمن من أمن الناس بوائقه ".

وأما المعنى الخاص كخطاب حاضر مع شخص الإنسان، وجميع أجزائه الظاهرة كما أن لسانه دخل في الإسلام بالقول، فينبغي أن يدخل أركانه في الإسلام بالفعل، فالعين بالنظر، والأذن بالسمع، والفم بالأكل، والفرج بالشهوة، واليد بالبطش، والرجل بالمشي، ودخول كل واحد منها في الإسلام بأن يستسلم لأوامر الله تعالى، ويجتنب من نواهيه بترك ما لا يعنيه أصلا، ويقع على ما لا بد له منه، ودخول أجزاء الظاهر في شرائع الإسلام ميسر للمنافق، فإنا إدخال معاني الباطن في شرائط الإسلام وحقائقه، فعريكة إبطال الدين، ومزلة الرجال البالغين، فدخول النفس في الإسلام بخروجها عن كفر صفاتها الذميمة، وعبورها عن طبعها في إيقاع الهوى، وترك مألوفاتها، ومستحسناتها، ومستلذاتها، ونورها بنور الإسلام، وتتبع أحكامه، واطمئنانها بالعبودية؛ لتستحق بها دخول مقام العباد المخصوصين بخطابه تعالى إياها كقوله تعالى:

Bilinmeyen sayfa