عليه من أعظم أصناف. النعماء، كما ابتلى الله بعض الأنبياء والأصفياء، منهم يعقوب، وشعيب، عليهما السلام١.
_________
١ قال، الصفدي في كتابه "نكت الهميان"ص ٤٢: "قال حذاق الأصوليين: إن العمى لا يجوز على الأنبياء، لأن مقام النبوة أشرف من ذلك، ومنعوا من عمى شعيب لإسحاق، وقالوا: لم يرد بذلك نص في القرآن العظيم، ليكون العلم بذلك قطعيا.
وأورد عليهم قوله تعالى عن يعقوب ﵇: ﴿وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم﴾، وقوله تعالى: ﴿فارتد بصيرا﴾، وبياض العين لا يكون إلا بذهاب السواد، ومتى فقد السواد حصل العمى، والارتداد لا يكون إلا عودا إلى الحالة الأولى، والحالة الأولى كان فيها بصيرا، فدل على أن الحالة التي ارتد عنها كان فيها أعمى".
وأجاب المانعون: بأن قوله تعالى: ﴿وابيضت عيناه﴾ كناية عن غلبة البكاء، وامتلاء العين بالدموع، وقوله تعالى: ﴿فارتد بصيرا﴾ ذهب جماعة من المفسرين إلى أنه كان قد عمي بالكلية، وقالت جماعة: بل كان قد ضعف بصره من كثرة البكاء وكثرة الأحزان، فلما ألقوا القميص، وبشروه بحياة يوسف ﵇ عظم فرحه، وانشرح صدره، وزالت أحزانه، فعند ذلك قوي ضوء بصره، وزال النقصان عنه".
وقال الآلوسى في تفسيره،] روح المعاني ١٢/١٢٣ [: " قوله تعالى: ﴿وإنا لنراك فينا ضعيفا﴾ الآية (٩١ من سورة هود) أي لا قوة لك ولا قدرة على شيء من الضر والنفع، والإيقاع والدفع، وروى عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، والثوري، وأبي صالح تفسير الضعيف بالأعمى، وهى لغة أهل اليمن، وذلك كما يطلقون عليه ضريرا، وهو من باب الكناية على ما نص عليه البعض، وإطلاق البصير عليه كما هو شائع من باب الاستعارة تمليحا. وضعف هذا التفسير بأن التقييد بقولهم: (فينا) يصير لغوا، لأن من كان أعمى، يكون أعمى فيهم، وفي غيرهم، وإرادة لازمه وهي الضعف بين من ينصره ويعاديه لا يخفى تكلفه.
إلى أن قال: والمصحح عند أهل السنة أن الأنبياء ﵈ ليس فيهم أعمى، وما حكاه الله تعالى عن يعقوب ﵇ كان أمرا عارضا وذهب، والأخبار المروية عمن ذكرنا في شعيب ﵇ أي من كونه أعمى - لم نقف على تصحيح لها سوى ما روي عن ابن عباس ﵄ فإن الحاكم صحح بعض طرقه، لكن تصحيح الحاكم كتضعيف ابن الجوزي كما غير معول عليها.
وقال ابن عاشور في تفسيره "التحرير والتنوير" ١٢/١٤٩، عند كلامه على قوله تعالى: ﴿وإنا لنراك فينا ضعيفا﴾ قال: ومن فساد التفاسير تفسير الضعيف بفاقد البصر، وأنه لغة حميرية، فركبوا منه أن شعيبا ﵇ كان أعمى، وتطرقوا من ذلك إلى فرض مسألة جواز العمى على الأنبياء، وهو بناء على أوهام، ولم يعرف من الأثر ولا من كنب الأولين ما فيه أن شعيبا ﵇ كان أعمى. والله تعالى أعلم. وانظر في هذا: جامع البيان ٧/٢٧٤،١٠٣، النكت والعيون ٢/٤٩٩،٣/٧٠، معالم التنزيل ٤/٢٦٧،١٩٧، زاد المسير ٤/٢٧٠،١٥٢، الجامع للقرطبي ٩/٢٤٨،٩١، الدر المنثور ٣/٦٢٩،٤/٥٦، فتح القدير٢/٥٢٠،٣/٤٨.
1 / 25