Ahlak Metafiziğinin Kuruluşu
تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق
Türler
يصح أن يكون بدوره القسم الثاني من مذهب في الطبيعة، هذا إذا اعتبرنا هذا المذهب في الطبيعة «فلسفة طبيعية»، من حيث إنها مؤسسة على قوانين تجريبية. ولكننا نتحدث هنا عن القانون الموضوعي العملي، وبالتالي عن علاقة الإرادة بذاتها، من حيث إنها تعين ذاتها بالعقل وحده؛ حيث يسقط عندئذ كل ما له علاقة بالتجربة من تلقاء نفسه، ومرجع ذلك إلى أن العقل بذاته وحده إذا حدد السلوك (الأمر الذي يريد أن نبحث في إمكان قيامه) فلا بد له بالضرورة أن يفعل ذلك بطريقة قبلية. تعد الإرادة ملكة تحديد الذات للفعل، بما يتفق مع تمثل قوانين معينة. مثل هذه الملكة لا يمكن أن نجدها إلا عند الكائنات العاقلة. كذلك فإن ما يصلح للإرادة مبدأ موضوعيا لتحديد نفسها بنفسها، هو الغاية، فإذا كانت هذه معطاة من العقل وحده، فيجب كذلك أن تكون صالحة لكل الكائنات العاقلة . أما ما يحتوي على العكس من ذلك على مبدأ إمكان الفعل فحسب، الذي تكون الغاية نتيجة له، فيسمى «الوسيلة». المبدأ الثاني للرغبة هو «الدافع»، والسبب الموضوعي لفعل الإرادة هو الباعث المحرك، ومن هنا كان الفارق بين الغايات الذاتية التي تقوم على الدوافع، وبين الغايات الموضوعية التي تستند إلى بواعث صالحة لكل كائن عاقل. المبادئ العملية تكون «صورية»، عندما تجرد من كل الغايات الذاتية، ولكنها تكون مادية، عندما تقوم على مثل هذه الغايات الذاتية، ولكنها تكون مادية، عندما تقوم على مثل هذه الغايات الذاتية، وبالتالي على دوافع معينة. الغايات التي يضعها كائن عقل لنفسه على هواه «كنتائج» مترتبة على فعله (أي الغايات المادية) هي في مجموعها غايات نسبية فحسب؛ ذلك لأن كل ما يعطيها القيمة التي لها هو مجرد العلاقة التي تربطها بالطبيعة الخاصة التي لملكة الاشتهاء عند الذات، هذه القيمة التي لا يمكن تبعا لذلك أن تقدم مبادئ كلية صالحة وضرورية لجميع الكائنات العاقلة ولا لكل فعل إرادي؛ أي إنها لا تستطيع أن تقدم قوانين عملية. وهذا هو السبب في أن كل هذه الغايات النسبية لا تؤسس غير الأوامر الأخلاقية الشرطية.
ولكن إذا فرض أن هناك شيئا، يكون «لوجوده في ذاته» قيمة مطلقة، شيئا يمكن له، بوصفه «غاية في ذاته»، أن يكون مبدأ لقوانين محددة، عندئذ سنجد في هذا الشيء، وفيه وحده، مبدأ الأمر الأخلاقي المطلق الممكن؛ أي سنجد فيه مبدأ القانون العملي.
وهنا أقول: الإنسان وكل كائن عاقل بوجه عام يوجد كهدف في ذاته «لا كمجرد وسيلة» يمكن هذه الإرادة أو تلك أن تستخدمه على هواها؛ فهو في كل أفعاله سواء كانت هذه الأفعال متعلقة به هو نفسه أم بغيره من الكائنات العاقلة الأخرى، ينبغي أن ينظر إليه «في الوقت نفسه على أنه غاية». كل موضوعات الميول ليس لها إلا قيمة مشروطة، فلو لم توجد الميول والحاجات المبنية عليها، لكان موضوعها بلا قيمة. أما الميول نفسها، باعتبارها مصادر للحاجة، فنصيبها من القيمة المطلقة الذي يجعلها ترغب لذاتها، من الضآلة بحيث إن التحرر الكامل منها ينبغي أن يكون هو الأمنية العامة التي يشترك فيها كل كائن عاقل.
36
يترتب على هذا أن قيمة جميع الموضوعات التي يمكن لها أن «تكتسب» عن طريق أفعالنا قيمة مشروطة دائما. والحق أن الموجودات التي لا يقوم وجودها على إرادتنا بل على الطبيعة، ليست لها مع ذلك، إذا كانت موجودات غير عاقلة، غير قيمة نسبية، على أساس أنها وسائل، وهذا هو الذي يجعلنا نسميها «أشياء»، أما الموجودات العاقلة فتسمى على العكس من ذلك «أشخاصا»؛ وذلك لأن طبيعتها قد ميزتها بكونها غايات في ذاتها؛ أي بما لا يجوز له أن يستخدم كمجرد وسيلة، وبالتالي بما يحد من كل فعل يتسم بطابع التعسف والافتعال (وما يكون موضوعا للاحترام). ليست هذه إذن مجرد غايات ذاتية، يكون لوجودها قيمة «بالنسبة لنا»، بوصفه نتيجة مترتبة على أفعالنا، بل هي غايات «موضوعية»؛ أي أشياء وجودها غاية في ذاته، بل غاية لا يمكن أن تحل محلها غاية سواها، حتى يمكن أن توضع تلك الغايات الموضوعية في خدمتها كما لو كانت مجرد «وسائل» لها؛ إذ لو لم يكن الأمر كذلك لما عثرنا أبدا على شيء له «قيمة مطلقة»، ولكن لو كانت كل القيم مشروطة، وكانت بالتالي قيما عرضية، لكان من المستحيل استحالة تامة أن نجد للعقل مبدأ عمليا أعلى، وإذن فإذا كان من الواجب أن يوجد مبدأ عملي أعلى، وأمر أخلاقي مطلق بالنظر إلى الإرادة الإنسانية، فلا بد أن يكون ذلك المبدأ وهذا الأمر، عن طريق تمثل ما هو بالضرورة غاية لكل إنسان لأنه هو نفسه غاية في ذاته؛ بحيث يكونان المبدأ الموضوعي للإرادة، وبالتالي ما يصلح أن يكون قانونا عمليا شاملا ... وهذا هو الأساس الذي يقوم عليه هذا المبدأ: «توجد الطبيعة العاقلة كغاية في ذاتها». هكذا يتمثل الإنسان بالضرورة وجوده الخاص به، والمبدأ بهذا المعنى يعد مبدأ ذاتيا للأفعال الإنسانية، ولكن كل كائن عاقل آخر يتمثل وجوده كذلك على هذا النحو، تبعا لنفس المبدأ العقلي الذي يصلح لي أنا أيضا،
37 ⋆
وإذن فهو في نفس الوقت مبدأ «موضوعي» ينبغي أن يكون من الممكن أن تستنبط منه كل قوانين الإرادة، على أساس أنه مبدأ عملي أعلى. وهكذا يمكن أن نضع الأمر العملي على الصورة التالية: «افعل الفعل بحيث تعامل الإنسانية في شخصك وفي شخص كل إنسان سواك بوصفها دائما وفي نفس الوقت غاية في ذاتها، ولا تعاملها أبدا كما لو كانت مجرد وسيلة.»
نريد الآن أن نرى إن كان ثمة سبيل لتحقيق هذا الكلام. فلنبق عند الأمثلة التي قدمناها فيما سبق:
أولا:
سنجد بحسب تصور الواجب الضروري تجاه الذات أن الشخص الذي يفكر في الانتحار سيسأل نفسه إن كان من الممكن أن يتفق مسلكه مع فكرة الإنسانية بوصفها هدفا في ذاته. فإذا لجأ إلى تحطيم نفسه ليهرب من حالة مؤلمة فإنه يستخدم بذلك شخصا كمجرد وسيلة تهدف إلى المحافظة على حالة محتملة إلى نهاية الحياة، ولكن الإنسان ليس شيئا؛ وبالتالي ليس موضوعا يمكن ببساطة أن يعامل معاملة الوسيلة، بل ينبغي النظر إليه في كل أفعاله بوصفه دائما هدفا في ذاته؛ ومن ثم فلست أملك حق التصرف في الإنسان الكامن في شخصي، سواء كان ذلك بتشويهه، أو إفساده، أو قتله (لا بد لي أن أطرح هنا جانبا مسألة تحديد هذا المبدأ عن كثب، وهو ما كان مفروضا أن أقوم به لتجنب كل إساءة في الفهم، وهو ما يحدث في حالة اضطراري مثلا إلى بتر أعضائي لإنقاذ نفسي، أو المخاطرة بحياتي في سبيل المحافظة عليها ... إلخ؛ إذ إن مثل هذا التحديد يتعلق بالأخلاق بمعناها الخاص).
Bilinmeyen sayfa