المكلَّفِ) يُخْرِجُ أربعةَ أشياءَ: ما تَعَلَّقَ بذاتِهِ، نحوُ: ﴿اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾، وبفعلِهِ، نحوُ: ﴿خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾، وبالجماداتِ نحوُ: ﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ﴾، وبذواتِ المُكَلَّفِينَ، نحوُ: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ﴾.
وإنَّما أَفْرَدَ المُكَلَّفَ ولم يَجْمَعْهُ؛ لِئَلاَّ يَرِدَ عليه ما يَتَعَلَّقُ بمُكَلَّفٍ واحدٍ؛ كخَوَاصِّ النبيِّ ﷺ.
وقولُه: (من حيثُ إنَّه مُكَلَّفٌ) يُخْرِجُ ما تَعَلَّقَ بفِعْلِ المُكَلَّفِ، لا مِن حيثُ تكليفُه؛ كخبرِ اللهِ عن أفعالِ المكلَّفِينَ، نحوُ: ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾، فقولُه: ﴿وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ مُتَعَلِّقٌ بعملِ المكلَّفِ، لا مِن حيثُ فِعْلُه؛ بدليلِ أنَّه يَعُمُّ المُكَلَّفَ وغيرَه، بل مِن حيثُ إنَّه مخلوقٌ للهِ تعالَى، وليسَ ذلك حُكْمًا شرعيًّا، بل هو مِن بابِ العقائدِ، لا الأحكامِ. وكذا قولُه ﵊: «صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الرِّزْقِ» وغيرُه.
وهذا القيدُ مُغْنٍ عن قولِ البَيْضَاوِيِّ: بالاقتضاءِ أو التخييرِ. وهو يُفْهِمُ اختصاصَ التعلُّقِ بوجهِ التكليفِ، لا يقالُ: فحينَئذٍ يَخْرُجُ ما سِوَى الإيجابِ والحَظْرِ، من الندبِ والإباحةِ والكراهةِ وخلافِ الأَوْلَى؛ لأنَّا نقولُ: هذه تَخُصُّ أفعالَ المُكَلَّفِينَ. وقولُ الفقهاءِ: (الصبيُّ يُثَابُ ويُنْدَبُ له) كلُّه على سبيلِ
1 / 137