وَأَنَّهُمْ منتظرون لرفده ناظرون فِي الْمَعْرُوف جِهَة قَصده فقبلوا دست الطّلب وغصبوا منصب الْبَحْث مَعَ لطف وأدب
(وَمن يَجْعَل الضرغام بازا لصيده ... تصيده الضرغام فِيمَا تصيدا)
وَكَانَ الشريف المحسن قد وعد الإِمَام بذلك المرام لكنه بِسَبَب مَا وَقع بَينه وَبَين الإشراف آل الْأَمر إِلَى خُرُوجه عَن مَكَّة بعد طول نزاع وَخلاف
تجلي الشريف محسن إِلَى بِلَاد الْيمن واستيلاء أَحْمد بن عبد الْمطلب عَلَيْهَا بِالسَّيْفِ حكى بعض من لَازم حَضْرَة الشريف سعد مُدَّة من السنين أَن الشريف أَحْمد بن عبد الْمطلب الْمُسَمّى بِأبي حمارة كَانَ مِمَّن لَا يؤبه لَهُ فِي الاشراف وَلَا يظنّ أَن الدَّهْر يمِيل إِلَيْهِ بانعطاف خلا أَنه كَانَ مقداما متلافا وَكَانَ الْعَامَّة وَأهل الجذب بِمَكَّة لَا يزالون يعدونه بإمارتها وَطَالَ هَذَا الْكَلَام حَتَّى خرج مخرج الهزأ الْخَارِج عَن الإحتشام فَكَانَ يَقُول لَهُ الْقَائِل أَيهَا الشريف مَتى وليت الْمقَام المنيف فَاجْعَلْ لى من الْعهْدَة كَذَا وَافْعل لي من التَّأْدِيب كَذَا وكل يطْلب على مَا يَبْدُو لَهُ فِي الْحَال وَهُوَ يعدهم بانجاح تِلْكَ الآمال ثمَّ أَنه اتّفق مِنْهُ غرَّة من الشريف محسن فِي بعض الحضرات وانفلت إِلَيْهِ على غَفلَة من الْحجاب والأغواب فَشكى إِلَيْهِ مَا صَار يعانيه من شَدَائِد الْحَاجة وَبسط ذيول القَوْل وَأطَال فِي اللجاجة فزبره الشريف وَأطَال لَهُ التعنيف وَذكره بسيرة غير مرضية وَبت لَهُ فِي الحرمان الْقَضِيَّة فَخرج من حَضرته لَا يلوي على غير الْخُرُوج من الْبَيْت الْعَتِيق واللحوق بِالْيمن أَو أَي مَكَان سحيق ملتهب الأنفاس مُخَاطبا لنَفسِهِ بقول أبي فراس شعرًا
1 / 94