Raşidun Halifeleri Çağı: Arap Ümmeti Tarihi (Üçüncü Cilt)
عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
Türler
ومن أعماله الجليلة ما قام به من أعمال لحماية الرسول
صلى الله عليه وسلم ، كالذي رواه ابن هشام: إن عمر رأى يوما يهوديا ممسكا برسول الله يطالبه بدين له، فعظم ذلك عليه وأخذ بخناق اليهودي وقال: دعني أقتله يا رسول الله، فقال له الرسول: دعه، فإن لصاحب الحق مقالا، ولما أسر سهيل بن عمرو يوم بدر جيء به إلى رسول الله، وكان من خطباء قريش وفصحائهم الذين يؤلبون الناس على الإسلام في المجامع والنوادي العامة ، وكان لقوله تأثير في الجماهير لبلاغته وفصاحته، وقد آذى المسلمين كثيرا، فلما جاء به آسره مالك بن الدخشم الأنصاري إلى رسول الله، وكان عمر حاضرا، نهض إليه وقال لرسول الله: دعني أنزع ثنيته فلا يقوم بعدها عليك خطيبا أبدا، فقال رسول الله: دعه يا عمر فسيقوم مقاما تحمده. فتركه. وكانت معجزة من معجزات النبي الكريم؛ إذ وقف سهيل بن عمرو بعدئذ يوم وفاة رسول الله، وأرادت قريش أن ترتد، فقام سهيل على باب الكعبة يخطب ويقول فيما يقول: يا أهل مكة، لا تكونوا آخر من أسلم وأول من ارتد، والله ليتمن هذا الأمر كما ذكر رسول الله، والله إني لأعلم أن هذا الدين سيمتد امتداد الشمس في طلوعها إلى غروبها، فلا يغيرنكم هذا من أنفسكم، يعني أبا سفيان، فإنه ليعلم من هذا الأمر ما أعلمه، ولكنه قد ختم على صدره حسد بني هاشم ... وأتى في خطبته بمثل ما جاء به أبو بكر الصديق بالمدينة، وكان ذلك معنى قول رسول الله فيه لعمر.
8
وكذلك كان عمر شديد الحرص على قراءة قسمات وجوه الناس، ومعرفة خبايا صدور جفاة الأعراب الأفظاظ الذين كانوا يفدون على النبي الكريم ولا يقصدون بمجيئهم إليه الإيمان، بل التعنت والإيذاء؛ فكان عمر يعرف الصالح من الطالح، ويقرأ صفحات وجوههم وما انطوت عليه قلوبهم، وكان يلذع القساة منهم بقوارع كلامه، ويعرف كيف يخاطب أشرارهم ويستل سخائم صدورهم، فيضرب بدرته كل من يرى عنده شرا ويبطن سوءا للنبي أو أحد من صحابته وقرابته، فقد روي أن عمير بن وهب الجمحي عاهد صفوان بن أمية القرشي بعد وقعة بدر على أن يأتي المدينة ويقتل الرسول الكريم، فقدمها واستأذن على الرسول، فخرج إليه عمر وتفرس في ما انطوى عليه صدره، فرأى الشر في عينيه والخبث في كلامه، فأخذ حمالة سيفه وقال لجماعة من الأنصار: ادخلوا على رسول الله واحذروا هذا الخبيث، فلما رآه الرسول قال لعمر: اتركه، فخلى عنه، ثم سأله الرسول عما جاء به، فقال: ما جئت إلا لهذا الأسير، يعني أباه وهب الذي كان في عداد أسرى المشركين يوم بدر، فقال له الرسول: اصدقني، فقال: ما جئت إلا لذلك، فقال الرسول: بل قعدت أنت وصفوان وجرى بينكما كذا وكذا، فدهش ابن وهب وأسلم لساعته.
قال ابن عبد البر الأندلسي: قدم عمير يريد الفتك برسول الله بالمدينة حين انصرافه من بدر، وضمن له صفوان بن أمية على ذلك أن يؤدي عنه دينه، وأن يخلفه في أهله وعياله، ولا ينقصهم شيئا ما بقوا، فلما قدم المدينة وجد عمر على الباب فلببه، ودخل به على النبي وقال: يا رسول الله، هذا عمير بن وهب شيطان من شياطين قريش ما جاء إلا ليفتك بك، فقال: أرسله يا عمر، فأرسله، فضمه الرسول إليه وكلمه وأخبره بما جرى بينه وبين صفوان، فأسلم وشهد شهادة الحق ثم انصرف إلى مكة، ولم يأت صفوان، وبلغ ذلك صفوان، فقال: قد عرفت حين لم يبدأ بي قبل منزله أنه قد ارتكس وصبأ، فلا أكلمه أبدا، ولا أنفعه ولا عياله بنافعة، فوقف عليه عمير وهو في الحجر وناداه فأعرض عنه، فقال له عمير: أنت سيد من ساداتنا رأيت الذي كنا عليه من عبادة الحجر والذبح له، أهذا دين؟! أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، فلم يجبه صفوان بكلمة.
9
هذه بعض أعمال عمر بن الخطاب ومواقفه المحمودة بعد هجرته إلى المدينة، وهي كما ترى أعمال جليلة، ومواقف نبيلة، صانت الرسول وحفظت الدين. (3) آراؤه في التشريع وموافقة القرآن له
مما كان يتحلى به عمر هو عمق تفكيره ونفاذ بصيرته وفهمه لدقائق الأمور الدينية والاجتماعية فهما يوافق روح التشريع الإسلامي، وقد اختصه الله بخصائص لم ينلها صحابي آخر، فمن ذلك تأهله للنبوة لو وجدت بعد النبي، حتى إنه قال: «لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب.» وقال: «لو لم أبعث لبعث عمر.»
10
فهذا يدلنا على ما امتاز به من الروح النفاذة إلى حقائق الأشياء والفهم الصحيح لأسرار الدين، والإلهام بما يحتاج إليه المسلمون، فقد روي عن عائشة عن النبي أنه قال: «قد يكون في الأمم محدثون - أي ملهمون - فإن يكن في أمتي أحد فهو عمر بن الخطاب.» ولا شك في أن هذا الحديث نوع من الإلهام الإلهي أنزله الله على قلب عمر فبصره بأمور لم يبصر بها غيره من الصحابة، وقد تواترت الأخبار بأن عمر رأى أشياء كثيرة، فنزل الوحي مقرا لها، فوافقها موافقة تامة، وقد بلغت هذه الموافقات العمرية للقرآن نيفا وعشرين قضية، أشهرها: (1)
Bilinmeyen sayfa