Raşidun Halifeleri Çağı: Arap Ümmeti Tarihi (Üçüncü Cilt)
عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
Türler
والذين خطئوه بإرسال أبي موسى الأشعري حكما عنه وعدم إرسال آخر أدهى منه كالأشتر أو ابن عباس نسوا أن النتيجة كانت ستكون هي هي، ولو أرسل كائنا من كان حكما عنه؛ لأن المؤامرة بين معاوية وعمرو بن العاص كانت مبيتة على الشكل الذي جرى، وغاية ما في الأمر أن الحكمين قد يفترقان على تثبيت كل واحد منهما لصاحبه، فتعود الأمور إلى مثل ما كانت عليه قبل التحكيم. (1-5) قضية قتلة عثمان
تولى الإمام عليه السلام الخلافة والوضع قلق غير مستقر، فهناك خليفة مقتول، ولم يقتله رجل واحد معروف مقبوض عليه حتى ينتقم منه الخليفة الجديد، ثم إن الذين يطالبون بقتلة الإمام السابق جماعة لم يبايعوا الخليفة الجديد، وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان المتهم بأنه إنما اتخذ هذه القضية لجر مغنم إليه لا لشيء آخر.
والحق أن جميع الذين يطالبون الإمام الجديد بالقود لم يبايعوه بالخلافة، والحكم الشرعي صريح في أن القود لا يكون إلا من ولي الأمر المعترف له بإقامة الحدود الشرعية.
ثم إن الخليفة الجديد لا يستطيع أن يقيم الحد في هذا الظرف المضطرب الهائج، وكان الإمام يقول: «إني لست أجهل هؤلاء ما تعلمون، ولكني كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم، هم أولاء قد ثارت معهم عبدانكم وثابت إليهم أعرابكم، وهم بينكم يسومونكم ما شاءوا فهل ترون موضعا لقدرة على شيء مما تريدون ...»
وقال في خطبة أخرى: «إن هذا الأمر أمر جاهلية، وإن لهؤلاء القوم مادة، وإن الناس في هذا الأمر الذي تطلبون على أمور: فرقة ترى ما ترون، وفرقة ترى ما لا ترون، وفرقة لا ترى هذا ولا هذا حتى يهدأ الناس، وتقع القلوب مواقعها وتؤخذ الحقوق، فاهدءوا عني، وانظروا ماذا يأتيكم ثم عودوا.»
والحق أن قضية الاقتصاص من قتلة عثمان قبل استقرار الأمر لعلي هي قضية حق أريد بها باطل. (2) الأعمال التنظيمية
لم تشغل أعمال الحروب وأمورها والفتن العنيفة التي ظلت طوال عهد الخليفة الراشد عليه السلام كل وقته، بل استطاع أن يقوم بكثير من الأعمال التنظيمية للدولة الإسلامية، فضلا عن قيامه التام بالأمور الدينية من صلاة وخطابة وحج وتعليم وتفقيه في الدين وإفتاء وقضاء ووعظ وإرشاد، وقد حفظت لنا كتب الفقه والتشريع والأحاديث والأخبار كثيرا من الأقوال والأحكام والفتاوى التي تدل على سعة علم، وغزارة فهم، وتعمق في دراسة الشرع المطهر ومعرفة أحكامه؛ فقد كان الإمام عليه السلام معلما ومرشدا بسيرته المستقيمة، وأخلاقه القويمة، كما كان معلما ومرشدا بدروسه وفتاويه وقضائه وإرشاداته، وكان يمشي في الأسواق ويرشد الناس ويهذبهم ويقوم اعوجاجهم، ويريهم الطريق السوي في المعاملات الدنيوية، ويؤدبهم بالآداب الإسلامية، ويساوي بينهم في القسمة والحقوق، وقد كانت للإمام سياسة جديدة تخالف سياسة من سبقه من الخلفاء في الإدارة المالية؛ فقد خالف سيرة عمر في أمر توزيع الأموال التي كانت ترد على بيت المال؛ لأنه كان أشار على عمر حين كثرت الأموال أن يقسمها بين الناس ولا يترك في بيت المال شيئا، وأنه كان يفضل ذلك لتكون ذمة الخليفة بريئة من أموال الله بتوزيعها على أرباب الحقوق الذين أمر الله بتوزيعها عليهم، ولكن بعد استخلافه رأى أن بيت المال هو الخزينة التي يجب أن تعتمد عليها الدولة إبان الشدائد والمحن، ولا يصح أن تفاجأ الدولة بالأحداث وبيت المال خال، فلذلك رجع عن رأيه الأول، وقرر أن يحتفظ بالأموال في بيت المال.
وكان الإمام بالإضافة إلى هذه الخطة الرشيدة في صيانة أموال الدولة يأمر عماله أن يسلكوا نفس هذه الطريقة في الأموال التي تحت أيديهم، كما كان يعنى بمراقبة أموالهم وإرسال العون والأرصاد ليقف على حقيقة أطوارهم وطريقة معاملاتهم وسيرهم بالناس، فإن رأى أنهم يسيرون بهم سيرة صالحة، كتب إليهم يقرظهم ويثني عليهم، وإلا كتب مصلحا ومرشدا، فإن صلحوا ورشدوا أبقاهم، وإلا نحاهم، وقد رأينا طرفا من ذلك في سيرته مع ابن عمه عبد الله بن عباس، وشدته على زياد، وقسوته على مصقلة بن هبيرة الذي أحس بالخطر فهرب إلى معاوية.
ولم تكن سيرة الإمام عليه السلام مع عماله وحدهم على هذه الطريقة، بل كانت مع سائر الناس والرعية، فهو يرشدهم ويصلحهم، فإن رشدوا وصلحوا قربهم وأحبهم وأحسن إليهم، وإلا حمل عليهم بعنف وقسوة حتى يعيدهم إلى المحجة.
الفصل السادس
Bilinmeyen sayfa