Çılgınlık Tarihi: Eski Çağlardan Bugüne
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
Türler
لنترك إسكيرول في بداية العقد الثاني من القرن التاسع عشر (1810) في سالبيتريير، ولنذهب إلى عام 1817 تقريبا، الذي بدأ فيه في استقبال بعض المريضات عقليا نظير دفع مبالغ مالية في مسكنه الكائن بشارع بوفون. ولقد تزايد عليه الطلب لدرجة أنه أنشأ في عام 1827 مشفى على قطعة أرض شاسعة في إيفري. في عام 1825، شغل منصب كبير أطباء البيت الملكي في شارنتون إثر وفاة رواييه كولار، الذي كان يشغله طيلة 20 عاما (ويذكر أنه كان قد نذر نفسه أيضا للحياة الكنسية). وكان رواييه كولار قد رشح في عام 1819، لتولي كرسي الأستاذية في قسم الباثولوجيا النفسية، الذي كان قد أنشئ حديثا في كلية الطب (محاضرات حول الأمراض العقلية من جهة علاجها الخاص، والطب الشرعي والصحة العامة). ثم خلفه إسكيرول، الذي كان عضوا بأكاديمية الطب منذ 1820. فقد كانت مكانته تؤهله لهذا المنصب. يعد مشفى شارنتون الجديد المكان الأمثل - أكثر من بيستر أو سالبيتريير - لتطبيق الطرق العلاجية المعنوية؛ حيث يتعين «على الطبيب المتخصص في فن المداواة الاستعانة بالفلسفة والتعامل بأكبر قدر من الإنسانية والحنو» (منشور الأول من نيفوز، العام السادس). لم يكن يقبل في شارنتون سوى المرضى عقليا القابلين للشفاء، مع تحديد مدة العلاج، على غرار المشفى الرئيس، بالنسبة إلى المعوزين (شهرين في المشفى الرئيس، وثلاثة إلى ستة أشهر في شارنتون) قبل نقلهم إلى بيوت الإيواء المخصصة للميئوس من شفائهم. أما المرضى عقليا الذين كانوا يدفعون نفقة إقامة فكان بإمكانهم البقاء.
قبل تعيينه في شارنتون، جذب إسكيرول انتباه السلطات العامة بتقريره - بشأن «المؤسسات المخصصة للمختلين عقليا في فرنسا وسبل تطويرها» - الذي قدمه إلى وزير الداخلية في عام 1818، والذي سرعان ما أصبح سببا في شهرته بعد أن نشر، في العام نفسه، في «قاموس العلوم الطبية».
7
وهذه المرة، ارتكز التقرير على البحث الميداني. «لقد جبت جميع مدن فرنسا لزيارة المؤسسات المحتجز بها المرضى عقليا.» ها قد مر ثلاثون عاما على بداية الثورة، وما زال محضر المعاينة سلبيا تماما. فعدد المؤسسات المخصصة حصريا للمرضى عقليا وحدهم قليل جدا. وكان المرضى يتركون داخل هذه المؤسسات بلا رعاية: «هؤلاء التعساء الذين يعانون أبشع أنواع الشقاء الإنساني، تساء معاملتهم أكثر من المجرمين، ويحط من قدرهم حتى يصلوا إلى مرتبة أسوأ من مرتبة الحيوانات. لقد رأيتهم عرايا، أو مغطين بالخرق، لا يحميهم من برد الأرضية الرطبة التي يرقدون عليها إلا غطاء من القش. رأيتهم يطعمون بمنتهى الغلظة والخشونة. رأيتهم محرومين من الهواء الذي يتنفسونه، ومن الماء الذي يروي عطشهم، ومن الأشياء التي لا غنى عنها للحياة. رأيتهم وقد سلموا إلى سجانين حقيقيين وتركوا تحت رحمتهم يعانون من مراقبتهم الوحشية. رأيتهم في أكواخ ضيقة قذرة كريهة لا يدخلها الهواء أو الضوء، وقد قيدوا بالسلاسل في أوجار لا يمكن أن تحتجز داخلها الوحوش الضارية التي تتكفل الحكومات المرفهة بدفع مصاريف كبيرة لرعايتها في العواصم. هذا ما رأيته تقريبا في جميع أرجاء فرنسا، وتلك هي الطريقة التي يعامل بها المرضى عقليا تقريبا في جميع أنحاء أوروبا.»
في عودة قاسية ومباغتة إلى الخلف، تتلاقى صيحة الإنذار هذه مع غضب أنصار النزعة الإنسانية الخيرية؛ حيث نستعيد شناعة الأغلال التي لم تختف على الرغم من البادرة التي قام بها بينيل: «كانت السلاسل قيد الاستخدام تقريبا في كل مكان»، ويرجع السبب في ذلك، من بين أمور أخرى، إلى «أن استخدام قميص التقييد كان مكلفا.» «كان المرضى يوثقون بأطواق حديدية، وأحزمة حديدية، وقيود حديدية حول القدمين واليدين. في إحدى المدن التي أخشى ذكر اسمها، قيد المصابون بالهياج بطوق حديدي موصول بسلسلة طويلة طولها قدم ونصف، مثبتة بدورها إلى وسط الأرضية، وقد أكدوا لي أن تلك هي الوسيلة الأكثر أمانا لتهدئة المهتاج. في تولوز، وفي قاعة مسقوفة تضم نحو عشرين سريرا، علقت إلى الجدران وفوق كل سرير سلسلة تحمل حزاما من حديد؛ حيث كان المرضى عقليا يربطون في الحزام الحديدي، عند صعودهم إلى أسرتهم، فيتم تقييدهم أثناء الليل.» يتجسد بامتياز نموذج المريض عقليا المكبل بالأغلال في شخص نوريس، في بدلام، الذي انتشرت صوره في أماكن كثيرة في أوروبا، والذي وجدناه ماثلا في تلك اللوحة التي نقشها تارديو، ووردت في «أطلس اللوحات» المرفق بكتاب «الأمراض العقلية ...» يصف إسكيرول نوريس على النحو التالي: «تمت السيطرة على هذا البائس بوضع أطواق حول رقبته ورجليه، وقيد جذعه بحزام حديدي أوثقت إليه اليدان. وكان الطوق والحزام ينزلقان، بواسطة حلقة ملحومة بسلسلة طولها عشر بوصات، على طول قضيب حديدي مثبت عموديا إلى السقف والأرضية. لم يكن هذا المسكين يستطيع التمدد على سريره وعاش هكذا طيلة تسعة أعوام.»
قلة قليلة فقط من الدور لم ينصب عليها غضب إسكيرول، باستثناء ثماني مؤسسات متخصصة؛ ذلك أنها كانت تستقبل حصريا مرضى عقليا (أرمنتيير، وأفينيون، وبوردو، وشارنتون، وليل، ومارسيليا، وماريفيل بالقرب من نانسي، وسان ميان بالقرب من رين)، وأيضا لأن «تلك المؤسسات تعد، على حالتها هذه، أفضل من دور أخرى سأتحدث عنها فيما بعد» (ومع ذلك، أشار إسكيرول إلى المختلين عقليا والمصابين بالهياج في مؤسستي ماريفيل وأرمنتيير، الذين كان يجري احتجازهم في سراديب). في الطبعة الصادرة عام 1838، حدث إسكيرول البيان الصارم الذي أصدره قبل عشرين عاما وأضاف إليه مزيدا من التفاصيل. مما لا شك فيه أن الصورة باتت تبدو أقل قتامة، ولكن تظل هناك حاجة لإجراء تطوير شبه شامل، ولا سيما في المصحة وفقا لتصور إسكيرول: «مشفى المجانين هو أداة للشفاء، بين يدي طبيب ماهر، وهو يمثل العامل العلاجي الأشد تأثيرا في مقاومة الأمراض العقلية.» بيد أن هذا التصريح النظري، الذي تم الاستشهاد به مرارا واعتباره بمنزلة بيان تأسيسي للطب النفسي المؤسسي، لا يعد مجددا إلى هذا الحد. فعلينا أن نتذكر في الواقع أن تونون قد عبر عن المعنى نفسه، منذ عام 1788 (حين قال: إن مشافي المجانين «تقوم بذاتها بوظيفة العلاج»)، مرددا من جانبه ما سبق أن ورد في «تعليمات» 1785 بشأن «كيفية التحكم في المختلين عقليا».
كيف تصبح المصحة في حد ذاتها «أداة للشفاء»؟ وكيف يستعيد العلاج المعنوي مكانته في ظل هذه المسلمة المدهشة مبدئيا؟ يشدد إسكيرول دائما على مبدأ العزلة، وهو مبدأ مركزي في رأيه، بل لقد خصص له بحثا قرأه في المعهد عام 1832. «عزل المرضى عقليا [بمعنى حجزهم] يقوم على إنقاذ المختل عقليا من جميع عاداته وحمايته منها؛ بإبعاده عن الأماكن التي يسكن فيها، وبفصله عن عائلته وأصدقائه وخدامه، وبإحاطته بغرباء، وبتغيير نمط حياته بالكامل. يهدف العزل إلى تغيير الاتجاه المنحرف للذكاء ولعواطف المرضى عقليا: تلك هي الوسيلة الأكثر فعالية، وعادة الأكثر فائدة، لمكافحة الأمراض العقلية.» وللقيام بذلك، أين نجد مكانا أفضل من المصحة، تلك المصحة المؤسسية الجديدة التي ستساهم - بمظاهرها اليومية - في تحقيق هذا الهدف العلاجي؟
سيترك المريض عقليا مجتمعا ممرضا ليلتحق بمجتمع نموذجي، حكيم، منظم وقادر على محو الجنون. لقد أرادت الثورة تغيير الإنسان، أما المصحة فتغير المجنون. كما كتب جوشيه وسواين،
8 «المريض عقليا يمثل الإنسان الذي ينبغي تغييره» ببراعة، وهكذا تصبح المصحة بمنزلة مختبر سياسي. يجري روبرت أوين - وهو مصلح اجتماعي واشتراكي بريطاني - هذه المقاربة قائلا: يتعين أن نحكم المجتمع (المريض) بقوانينه غير الرشيدة، ونعالجه بالطريقة نفسها التي يعالج بها الطبيب المرضى عقليا ويحكمهم (في المشافي الأفضل من حيث التنظيم) («الثورة في عقل الجنس البشري وممارسته»، 1849).
9
Bilinmeyen sayfa