Çılgınlık Tarihi: Eski Çağlardan Bugüne
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
Türler
وربما لن يكون من الإنصاف على أي حال أن نختتم عملنا، مثلما فعل العديد من المؤرخين، بتلك الفترة من الصمت التي دامت ألف سنة حول مفهوم الجنون، وذلك على عكس ما أوردناه من ثراء فكري مذهل في العصور القديمة. وليس هذا صحيحا إلا مع حلول القرن الحادي عشر، عندما هجر علماء الطب والفلسفة الغرب، بعد أن اجتاحته الغزوات البربرية، ووجدوا ملجأ في بيزنطة ثم في أرض الإسلام. غير أن بعض المؤلفين اللاتينيين أمثال سيلسوس وكاليوس أوريليانوس، لم يختفوا تماما عن الأديرة. ولكن كان لا بد من الانتظار حتى مجيء القرن الحادي عشر لتعيد الترجمات العربية إحياء التفكير النظري الطبي، وبالتالي التفكير في الجنون.
علماء اللاهوت
في إطار حضارة مسيحية كتلك التي سادت في العصور الوسطى، لم يكن ممكنا أن يغفل علماء اللاهوت، في تأملاتهم حول الروح، التطرق لمجال الجنون. لقد أثارت أعمال القديس توما الأكويني (1227-1274) الاهتمام على وجه الخصوص، أكثر من سابقيه الذين أضفوا بعض الرونق على أبحاثهم بفقرات موجزة عن الجنون، الذي أطلقوا عليه اسم («الحماقة أو الجهالة»، وفق التعبير اللاتيني
stultitia ) أو عن الغباء
fatuitas
بينما شكل الجنون لدى القديس توما الأكويني جزءا أساسيا من نظرته إلى العالم. درس هذا الراهب الدومينيكاني في مونتي كاسينو وفي نابولي حيث ذاع صيت المؤلفين العرب. وتتلمذ على يد ألبيرتوس ماغنوس (المعروف أيضا باسم القديس ألبرت الكبير)، كما درس فلسفة أرسطو حاذيا في ذلك حذو معلمه. ويرجع الفضل إلى القديس توما الأكويني في كتابته للأطروحة الأكثر شمولا، في العصور الوسطى، عن فكر الديانة المسيحية، وذلك من خلال عرض المفاهيم اللاهوتية والإيمانية بأسلوب منطقي يفهمه العقل وعرض المسائل الفلسفية بأسلوب إيماني.
1
ومن الجدير بالذكر أن هذا المؤلف اللاهوتي (الخلاصة اللاهوتية)، القائم على التنظيم والعقلانية مع إعطاء الأولوية للاهوت على الفلسفة، يعيد إحياء الأفكار التي آمن بها القدماء فيما يتعلق بالمشاعر والعواطف. فالإنسان الذي يعرف بوصفه «أفقا بين المادة والروح»، الأنيموس
animus (أي ذلك الجزء من العقل المسئول عن تنظيم أداء وظائف الجسم وإشباع رغباته من المتع والملذات)، والأنيما
anima (أي ذلك الجزء من العقل الذي يتوافق مع الجانب الروحاني للنفس)، وهما شقان لا ينفصلان أبدا بعضهما عن بعض ويكونان في صراع دائم؛ يتعين عليه أن يسيطر على عواطفه بعقله (وهي الفكرة نفسها الواردة في كتاب أرسطو «عن الروح»، والذي اقتبس منه كثيرا القديس توما الأكويني). غير أن هذا العقل الذي يمكن الإنسان من كبح جماح مشاعره وعواطفه، قد يتسبب الجنون في فقدانه، وهذا هو «الخبل». وعندما يصاب الإنسان به، لا يتبقى لديه إلا الأنيموس. ولا يعود يملك حرية ولا مسئولية؛ وفي هذه الحالة، لا يختفي تماما جانب الأنيما، وإنما يكون محبوسا ومسجونا. أما ذلك الصراع النفسي أو الروحي، فتبتلعه بالكامل تلك العاطفة المحررة التي أطلق لها العنان.
Bilinmeyen sayfa