Çılgınlık Tarihi: Eski Çağlardan Bugüne
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
Türler
في عام 1832، قفز عدد المحتجزين إلى 208، متسببا في اكتظاظ المكان، لدرجة أنه كان يجري أحيانا تكديس عدد يصل إلى ستة مختلين عقليا في حجرة واحدة. وكانت المباني متداعية. في تقرير مرفوع إلى باريس، عبرت إدارة بيوت الإيواء عن الوضع بالعبارة التالية: «لن تعطي الإدارة أي وصف لمباني مشفى سان لازار؛ إذ ستكون الصورة قاتمة ومؤلمة للغاية.»
كان لا يزال العديد من المرضى عقليا في السجون، وكان العدد الأكبر منهم لا يزال في مستودعات التسول. العديد من المقاطعات تدبر أمره بطريقة أو بأخرى مع جيرانه. ومن الجدير بالذكر أن تلك المقاطعات التي كانت تعتز بنفسها وتشعر بالرضا عن مستواها لم يكن لديها دائما ما يدعو لذلك. فها هو فيريس يعلق على الوضع في مشفى أفينيون قائلا: «إن المشفى ليس مثاليا كما قد نتصور في البلاد»؛ فالأبواب، والنوافذ، والحجرات، جميعها «مسلحة بكمية كبيرة من الحديد».
وماذا عن المؤسسات الثلاث الكبرى في باريس؟ لم تعد سالبيتريير مؤسسة نموذجية، على الرغم من القطاعات الجديدة التي أنشئت داخلها. ولقد جرت إزالة صف كامل من صفي الحجرات «لإعطاء الآخرين الفرصة لتنشق الهواء والاستمتاع بالضوء»، وفتح نوافذ داخل الزنازين، وإنشاء متنزهات، وتغطية البلاطات الحجرية بأرضية خشبية. في بيستر، جعل فيريس - وكان آنذاك رئيس أطباء المشفى - المرضى يهدمون بأيديهم الحجرات القديمة غير الصحية، واستبدل بها صفين من الحجرات، يشتمل كل صف منهما على عشرين حجرة مبنية على مستوى مرتفع بين ساحتين مسقوفتين [باحتين]، إحداهما للشتاء والأخرى للصيف. وقد أضيفت إلى الأفنية القديمة متنزهات وحدائق مزروعة بالبقول والخضراوات والفاكهة. في «مساء» اليوم الموافق الحادي والثلاثين من ديسمبر 1824، كانت المؤسستان الباريسيتان الكبريان تضمان عددا من المرضى عقليا بلغ تعدادهم على التوالي 1842 امرأة و830 رجلا. أما عن مشفى شارنتون (فقد بلغ تعداد المرضى عقليا به، في الأول من يناير 1826، 492)، وقد أثنى فيريس على المستوى الرفيع لهذه المؤسسة، ولكنه انتقد بشكل عابر الأسلوب الذي اتبعه إسكيرول في إعداد إحصائيات الشفاء الخاصة به استنادا إلى هذا المشفى؛ ففي الوقت الذي صرح فيه إسكيرول بأن نسب الشفاء تبلغ 1 إلى 3، أوضح فيريس أن النسبة تبلغ بالأحرى 1 إلى 6، ولكن هذه الأرقام مشكوك بها أيضا على أي حال. وهنا نجد مسألة هامة للغاية تطرح نفسها، ولكننا سنعود إليها فيما بعد.
ومن جانبه، منح إسكيرول مؤسسته شهادات الرضا الذاتي، حتى ولو كانت هذه المصحة تمثل ذلك النمط من المشافي الذي - إذ كان قائما بالفعل - لم يكن بالإمكان هدمه وإعادة بنائه من جديد. في الواقع، يعد المخطط الخاص بهذه المصحة، بصرف النظر عن القطاع الجديد الذي شيد للنساء في عام 1828، متشابكا إلى حد بعيد؛ إذ إنه يشتمل على العديد من المباني ذات الطوابق وهو ما انتقده إسكيرول. ولقد أدخلت العديد من التطورات والتحسينات المنتظمة على هذه المصحة: فزودت القطاعات المختلفة بنظام التدفئة الذي كانت تفتقر إليه، وبدورات مياه جديدة (1821)، وحمامات جديدة ووحدة تمريض، وحدائق وباحات.
وكلما دعت الحاجة إلى القيام بتوسعات في المصحة، كانت هذه العمليات الإنشائية المتعاقبة تنفذ على وجه الخصوص في المؤسسات الخاصة التي تتولى الجماعات الدينية إدارتها. ولقد استعادت هذه الجماعات قواها في عهد عودة الملكية، بدءا بجماعة القديس يوحنا الإلهي (سان جون دي ديو) أو جماعة القديسة مريم؛ عذراء الصعود. ويقدم لنا تاريخ طائفة بون سوفور بكاين الخاص بهذه الحقبة مثالا بارزا على ما نقول. لقد رأينا كيف صمدت دار الاحتجاز الجبري القديمة ونجت بطريقة ما من الثورة، بمريضاتها عقليا «المستترات» البالغ عددهن خمس عشرة، عن طريق المكوث في أحد الأديرة القديمة التابعة للرهبان الكبوشيين. ولقد كانت المباني متداعية للغاية، وسرعان ما بدأت أعمال الترميم والبناء التي لم تتوقف قط. استعادت دار بون سوفور صفتها الرسمية عام 1809، مع موافقة الحكومة على قوانينها الجديدة. «تضع فتيات بون سوفور نصب أعينهن الأهداف التالية: (1) أن يعتنين بالمجانين المقيمين بالدار سواء أكانوا رجالا أم نساء، ويقدمن لهم خدمات الرعاية مع إظهار أكبر قدر ممكن من المحبة تجاههم.» وهكذا نلاحظ أن هذه الدار أصبحت من الآن فصاعدا تستقبل كلا الجنسين. اختفت الفتيات سيئات السمعة، ولكن ظلت المدرسة الداخلية المخصصة «للآنسات الشابات» و«دار العجائز المعدة للسيدات المسنات اللائي يردن العيش في هدوء وعزلة» مفتوحتين، الأمر الذي كان يوفر دخلا للجماعة. ومع ذلك، استمرت الصعوبات المالية المتفاقمة حتى عام 1818 الذي شكل منعطفا؛ إذ إنه العام الذي حول فيه محافظ كالفادوس مستودع بوليو إلى سجن مركزي. ومن ثم، بات من الضروري إخراج المرضى عقليا من هذا المكان. في البداية، بدت الراهبات مترددات، ولكنهن وافقن في النهاية على عقد اتفاق مع المقاطعة؛ من أجل إيجاد حل لمشاكلهن المالية. وهكذا أصبحت دار بون سوفور مصحة خاصة تقوم بوظيفة المصحة العامة، بمعنى أن هذا المشفى قد أصبح قادرا على احتجازه - بالإضافة إلى المرضى عقليا الذين يدفعون نفقة إقامة - عددا غير محدود من المرضى عقليا الفقراء من الجنسين، والذين ستتكفل بهم المقاطعة. منحت المقاطعة الجماعة قرضا بقيمة 50 ألف فرنك لبناء قسم للرجال (سان جوزيف). وخلال ستة وثلاثين عاما؛ أي في الفترة من 1817 إلى 1853، تزايد عدد المريضات عقليا من 37 إلى 100، بالإضافة إلى وجود 70 مريضا عقليا. ثم قدمت المقاطعة قرضا آخر مما أتاح القيام بتوسعات جديدة (ولا سيما تشييد مبنى جديد للنساء، وهو مبنى سانت ماري). وهيأت السياسة المنهجية التي جرى اتباعها لشراء المنازل والأملاك المجاورة إجراء توسع كبير بالمشفى. فأنشئت أجنحة مريحة مزودة بحدائق للمرضى عقليا القادرين على دفع نفقات إقامة مرتفعة للغاية. وبطريقة ما، كان الأثرياء يدفعون للفقراء داخل مؤسسة بون سوفور التي أصبحت بمنزلة ساحة بناء كبيرة.
في بلدية كليرمون بمقاطعة إلواز، كانت الثورة قد أغلقت الدير حديث النشأة الخاص بالرهبان الفرنسيسكان؛ وهو دير نوتردام دو لا جارد، الكائن في بلدية نوفيل أون آيز، وأطلقت سراح النزلاء المحتجزين بالقوة، ولكنها ألقت في الوقت ذاته المختلين عقليا في الشارع. ولقد استضاف أحد المواطنين، وهو السيد تريبو، ستة من هؤلاء المختلين في منزله الخاص الذي يملكه بالمدينة. وهكذا تشكلت النواة الأساسية لما سيصبح فيما بعد أكبر مصحة للأمراض العقلية في فرنسا في القرن التاسع عشر (مصحة خاصة تقوم بوظيفة المصحة العامة). في عام 1832، لم يكن هناك إلا ستة عشر مريضا عقليا من كلا الجنسين، حين عقد الطبيب لابيت، وهو خليفة السيد تريبو وصهره، اتفاقا مع مقاطعة إلواز، وذلك بعد أن كان قد شيد خلال عامي 1822-1823 مبنى مهما مكونا من طابق واحد (طبقا لإرشادات إسكيرول) بواجهة يبلغ ارتفاعها 33 مترا منقسمة إلى جزأين متلاصقين؛ واحد للرجال وآخر للنساء. وبإضافة فناء خلفي شاسع لتربية الدواجن وزريبة للبقر، تتشكل لدينا الباحة الأمامية الرائدة لمزرعة مترامية الأطراف. ثم عقدت مقاطعتا سينواز وسوم بدورهما اتفاقا؛ نظرا لأنهما كانتا تفتقران أيضا إلى وجود مصحة عامة. خلال سبعة أعوام ونصف، وبعد حيازة المزيد من الأراضي والإنشاءات، قفز عدد المحتجزين إلى ما يقرب من الخمسمائة.
ولقد عاب إسكيرول على هذه المؤسسات الخاصة وقوعها في أماكن بعيدة جدا، نتيجة لتوسعاتها المتعاقبة؛ نظرا لأنه ينادي باتباع خطط نموذجية. وقد وجه انتقاداته بشكل خاص للأديرة القديمة: «العديد من مصحات المجانين المنشأة داخل أديرة لا يوجد بها مخطط عام، ولا توزيع مناسب لأولئك الذين يقطنون فيها، ولا وسائل راحة للخدمة، ولا تسهيلات للمراقبة والإشراف.» فالمباني متجاورة للغاية، ولا توجد بها مساحات كافية ولا أفنية، ولا تنظيم داخلي يأخذ في الاعتبار الأسعار المختلفة لنفقات الإقامة والمعايير الطبية العقلية ...
لا يزال انطلاق المصحات العامة يحتاج إلى بذل المزيد من الجهود. وهو ما شرحته وزارة الداخلية في التعميم الموجه إلى المحافظين والصادر بتاريخ 29 يونيو 1835: «إن العقبات التي تواجهها الإدارة مرجعها سبب واحد: نقص الموارد المتاحة وعدم كفايتها. ولا يمكن التغلب على هذه العقبات إلا بالقانون.» علاوة على ذلك، جميع هذه المصحات تقريبا لم تبن من الصفر؛ مما نجم عنه العديد من المشاكل. ففي سان يون، كان هناك دير ثم ألغي في عام 1792، ثم أصبح تباعا سجنا ثوريا، وترسانة، ودار احتجاز، ومشفى عسكريا، ومستودعا للتسول، إلى أن شرعنا في عام 1821 في بناء مصحة للمجانين وفقا للمعايير الجديدة. فضلا عن ذلك، ذهب إسكيرول وبنجامين ديبورت - مدير دور الإيواء المدنية في باريس - شخصيا إلى روان للإشراف على المنشآت الجديدة. وتحولت المباني القديمة ذات الطابع الديني إلى مراكز لإدارة المرافق، وأنشئت حولها خمسة قطاعات حديثة. ومع ذلك، جرى تجهيز مهاجع في الدير القديم، على حساب المخطط العام.
يعد دير مان التلميذ الممتاز الوحيد الذي سار على النهج السليم، فهو أول دير يبنى، ابتداء من عام 1828، من العدم. يشيد إسكيرول بمزاياه قائلا: «يستحيل تقديم وصفة لبناء أكثر بساطة، وأكثر صحة، وأكثر ملاءمة لخدمة المرضى عقليا، والإشراف عليهم، والاهتمام برفاهيتهم.» ومع ذلك، في هذا الدير أيضا، يلعب متغير «الملجأ»، بفئاته الثلاث، دورا مؤثرا على التصنيف الطبي.
قبل التصويت على قانون 1838، بدأت المصحات على الفور في التطور في جميع أنحاء فرنسا، ولكن رافق هذا التطور شيوع فوضى عارمة. ففي بداية عهد ملكية يوليو، بلغ تعداد المرضى عقليا المحتجزين ما يقرب من 10 آلاف تم توزيعهم على 140 مؤسسة متباينة على جميع الأصعدة: المعدات، وحالة المباني وحجمها، والنظام الإداري (فقد كان هناك مصحات خاصة للمرضى عقليا وحدهم، ومصحات مشتركة داخل المشافي أو دور الإيواء المزودة بقسم خاص للمرضى عقليا)، والوضع القانوني (هل هي مصحة خاصة، أم عامة، أم خاصة تقوم بوظيفة العامة)، وتكلفة الإقامة باليوم بالنسبة إلى المرضى عقليا المحتجزين، التي تبدأ بسعر معين ثم قد تصل إلى خمسة أضعافه ... ويجب ألا ننسى أيضا المرضى عقليا المعوزين الذين بلغ عددهم نحو 6 آلاف شخص، والذين كانت البلديات ودور الإيواء والعائلات تنتظر الفرصة السانحة لإدخالهم إحدى المصحات. ومن ثم ، لم يعد من الممكن تأجيل إقرار قانون، حتى ولو كان العديد من النواب ما زالوا يهددون بشبح الهاوية المالية.
Bilinmeyen sayfa