============================================================
ذكر هاد ودخلت الريح شعبهم فظلت يومها تعصفهم وقتلتهم فهلكوا جميعا في اليوم الثامن فذلك قوله تعالى: انا ارسلنا عليهم ريحا صرصرا فى يوم نحخين مستمز [القمر: الآية 19) وهو الأربعاء الذي هلكوا فيه جميعا، ويروى أنهم لما اصطفوا حول العيال وقالوا: من أشد منا قوة؟ وضربوا بأرجلهم على الأرض فأرسخوا فيها إلى ركبهم من شدة قوتهم فلما اتتهم الريح حركتهم أولا فقالوا مستهزئين لقد حركت ريح هود أقدامنا ثم إنها سلبتهم ثيابهم ثم نزعت منهم جلودهم ثم ضربتهم فمنهم من اقتلعته عن وجه الأرض، ومنهم من كسرت رجله عن ركبته وصرعتهم، فذلك قوله تعالى في موضع كانهم أتجاز تخل خاوي [الحاقة: الآية 7] وهم الذين كسرت أرجلهم وبقيت في الأرض وقال: كأنهم أقجاز نخل منقعر [القمر: الآية 20] وهم الذين اقتلعتهم الريح ونزعت أرجلهم كالنخل الذي يقلع من قعرها وكانت تحمل الظعن وهي الإبل التي عليها الهودج فتذهب بها بين السماء والأرض ولما قتلتهم الريح جميعا سفت عليهم الرمل وغيبتهم وكان يسمع أنين الرجال من تحت الرمال أياما، قال: وكانت الريح لا تهب على هود وقومه المسلمين إلا قدر ما يتلذذون بنسيمها وتروحهم وتجاه الله تعالى ومن معه وعادوا إلى ديارهم على أحسن ما كانوا عليه من الخصب ورجع إليهم مرئد بن سعد بخير الوفد وبما كان من أمرهم جميغا، قال: وفي بعض الروايات إن الريح كانت دائمة عليهم أيامهم الثمانية ولياليها لا يسكن قط، وهذا أحب عندي لقوله عز وجل: سخرها عليهم سبع ليال وتمنية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعن} [الحاقة: الآية 7] ولما رجع وفد عاد من الحرم مروا بمعاوية بن بكر فنزلوا عليه فبينما هم عنده إذ أقبل رجل على ناقة له في ليلة مقمرة وهي مساء ثالثة من مصاب عاد فأخبرهم الخبر قالوا له: فأين فارقت هوذا وأصحابه قال: بساحل البحر فكأنهم شكوا، فقالت امرأة: صدق هود ورب الكعبة ولما سمعوا بهلدك قومهم رجعوا إلى مكة يدعون فقيل لهم: قد أعطيتم مناكم فاختاروا لأنفسكم إلا أنه لا سبيل إلى الخلود، فقال مرئد بن سعد، أسألك يا رت برا وصدقا فنودي قد أعطيت ذلك وقال لقمان بن عاد وهو يرتجز بيتا: لاهم يا رب النجوم الزهر والأرض ذات النبت بعد القفر أسال عمسرا فوق كل عمر فقيل له: اختر لنفسك ولا سبيل إلى الخلد فإن شثت تبقى أربعا أربعة رضان(1) عفر في جبل وعر لا يصيبه إلا القطر أو عمر سبعة أنسر إذ ما مضى نسر حولت إلي (1) كذا بالأصل.
Sayfa 56