سليم قبعين
كيف يعيش جلالة القيصر نقولا الثاني
ألف العلامة الروسي الأستاذ إيلتشانينوف كتابا تحت عنوان «ملك الإمبراطور نقولا أليكساندروفيتش» ذكر فيه حياة القيصر اليومية، فاقتطفت منه الفصل الآتي:
تبتدئ الحركة في قصر الإمبراطور، أو في أي مكان يقيم فيه، عند الساعة الثامنة صباحا، وأحيانا كثيرة عند الساعة السابعة. وعند الساعة التاسعة تماما يتناول جلالته طعام الفطور البسيط المعتدل شأنه في جميع أدوار حياته، وبعد مناولة الطعام، يقصد مكتبه الخصوصي للعمل، فيطالع جرائد الصباح والتلغرافات المرفوعة له، المتضمنة أمورا شتى، وكل شيء يوجه التفات جلالته، يسطره بيده في كتاب مذكراته الموجود دائما على مكتبه.
والوقت الواقع بين الساعة العاشرة والحادية عشرة، يخصص بحسب البروجرام اليومي لرياضة الصباح، ولكن حقيقة الأمر أن جلالته يصرف الوقت من الساعة العاشرة إلى العاشرة والنصف، في تناول التقارير والأوراق التي يرفعها إليه كبار موظفي البلاط القيصري، وفي هذه الفترة من الزمان يقابل جلالته الذين يلتمسون المثول بين يديه من كبار الموظفين، أو أشخاصا من الأعيان يطلب نفسه مثولهم بين يديه. ثم إن الوقت الباقي حتى الساعة الحادية عشرة يخصصه جلالته للرياضة في حديقته الخاصة، وحده وأحيانا برفق ولي العهد. وفي هذه الرياضة يتبعه عدة كلاب يحبها الإمبراطور محبة شديدة، وفي خلال النزهة لا يكف عن مداعبتها، وهي بدورها لا تنقطع عن تفكيه جلالته بحركاتها الودية.
وعند الساعة الحادية عشرة تماما، يعود جلالته إلى القصر، وقبل أن يبتدئ باستقبال الوزراء وكبار رجال الموظفين، الذين يرفعون له في هذا الوقت التقارير العديدة، يأخذ مع ولي العهد في ذوق أنواع طعام الغداء الذي يقدم لجلالته في أوان مقفلة قفلا محكما، ومختومة بختم موظف خاص، فتفتح أمامه ويذوقها، ويظهر استحسانه أو استهجانه لأنواعها، فيكتب للموظف هذه الملحوظات في دفتر خاص لمراعاتها في طهي الطعام مرة أخرى.
وبعد ذلك يستقبل الوزراء وكبار الموظفين لمطالعة ما يرفعون لجلالته من الأوامر الرسمية التي يدوم نظرها إلى الساعة الواحدة تماما، حيث يكون تهيأ طعام الغداء.
يتناول جلالته طعام الغداء مع أفراد أسرته الكريمة الذين يراهم حول المائدة لأول مرة في ذلك اليوم، وأحيانا يدعو لمناولة الطعام بعض رجال حاشيته. أما طعام الغداء، فإنه يكون وافرا جدا ولكنه بسيط.
وبعد تناول الطعام تتجدد المقابلات حتى الساعة 3-4، وهي تكون مختلفة في عدد الذين يمثلون بين يدي جلالته؛ فإنه أحيانا يكون عددهم قليلا، وأحيانا كثيرا عندما يحظى بمقابلته موظفو إحدى المدارس العالية العسكرية أو الملكية أو أعضاء بعض الجمعيات المختلفة. ويندر كثيرا أن لا يقابل أحدا في هذا الوقت، وما يبقى من الوقت حتى الساعة الخامسة، يعين لرياضة جلالته المسائية. والوقت من الساعة 5-6 يعين لتناول الشاي بين أفراد عائلته القيصرية، وفي خلال تناول الشاي لا يترك الوقت يذهب سدى، بل يستعمله في الأحاديث العملية والقراءة بصوت مسموع، وأما الأوقات الأخرى فإنه يستعملها لأشغاله الخصوصية، وزيارة معاهد العلم والمدارس الحربية وغيرها.
وفي كل يوم قبل النوم، يكتب جلالته في مذكرته اليومية تأثيرات ذلك النهار ولو بكلمات موجزة، وهذا أمر لا بد منه، سواء كان في قصره، أو في الطريق، أو في البلاد الأجنبية.
Bilinmeyen sayfa